طالب نواب في البرلمان العراقي، حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ومفوضية الانتخابات بالتدخل لوقف عمليات استغلال المؤسسات الحكومية في الحملات الانتخابية المحتدمة في البلاد منذ أسابيع، معتبرين أن السكوت عن هذا الملف هو منح فرصة للفاسدين بالوصول إلى البرلمان المقبل.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تنافسا واسعا للقوى والكتل السياسية المتنافسة في الانتخابات العراقية المقررة بعد أقل من 3 أسابيع من الآن، وسط اتهامات متبادلة بإخضاع موظفين وسيارات وموارد الدولة لمرشحين وأحزاب معينة.
ووفقا لمسؤولين في مفوضية الانتخابات، فإن لجان الرصد سجلت خلال الاثنتين والسبعين ساعة الماضية أكثر من 40 مخالفة انتخابية تضمنت استغلال موارد الدولة من سيارات وعمال وموظفين وصلاحيات في حملات بعض المرشحين ممن ينتمون لقوى سياسية أو مرشحين يشغلون حاليا مناصب في الحكومة وبعض الهيئات والمؤسسات المرتبطة بها.
وبحسب ما قالته المصادر لـ"العربي الجديد"، فإن المفوضية ستوجه عقوبات تصل إلى فرض غرامات مالية بحق المتورطين في تلك المخالفات، مؤكدة مسؤولية الحكومة في وقف استغلال موارد الدولة لصالح قسم من القوى السياسية والمرشحين.
وحمّل النائب محمد الخالدي رئيس كتلة "بيارق الخير" في البرلمان، الحكومة ومفوضية الانتخابات مسؤولية عدم متابعة هذا الملف، وقال إن "الحكومة والمفوضية هما المسؤولتان عن الملف، وعليهما تطبيق القوانين للحد من تلك الدعاية، التي تسخّر المال العام".
وأكد الخالدي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك الكثير من الإعلانات المستغربة للانتخابات، وهي بكلف مالية كبيرة جدا، وهي تحتاج إلى موازنات دول للقيام بها"، مشددا على "ضرورة مراقبة هؤلاء، فاستخدام موارد الدولة في الانتخابات لا يختلف عن تزويرها".
وأشار إلى أن هذه القضية تندرج ضمن قضايا الفساد الانتخابي، داعيا الحكومة إلى التصدي لها لخلق تكافؤ انتخابي بين المرشحين، مشيرًا إلى أن الأموال المستغلة بالحملات تسببت بتفاوت كبير في الحملة الدعائية.
وأكد الخالدي ضرورة محاسبة الجهات التي تستخدم موارد الدولة، وتحديد الأحزاب المتنفذة التي استأثرت بتلك الأموال وسخّرتها لصالحها.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، قد حذر أمس الأربعاء، من محاولات لشراء الأصوات الانتخابية، عبر تعيينات وهمية أو توزيع قطع أراض، مؤكدا أنها وعود كاذبة وعلى المواطنين عدم تصديقها، معتبرا أن إغراء المواطنين بالادعاءات الكاذبة أمر مرفوض تماما، ويجب عدم الانجرار إليها، وستتم مراقبتها حكوميا.
وتتضمن أبرز مظاهر استغلال موارد الدولة والصلاحيات الحكومية في الحملات الانتخابية الجارية في العراق، استخدام موارد الدوائر الحكومية من سيارات ومطابع وموظفين في الحملات الانتخابية للمرشحين المسؤولين في الوزارة أو المؤسسة الحكومية، يضاف إليها تسخير إمكانيات المؤسسة أو الوزارة لإقامة مشاريع أو افتتاح خدمات يتم تجييرها لصالح مرشح معين في وقت تعد خدمات حكومية طبيعية، وفقا لعضو التيار المدني العراقي محمد الموسوي.
وأكد الموسوي في حديث مع "العربي الجديد"، أن جميع المخالفات تصدر عن مرشحي القوى النافذة من أحزاب دينية وأجنحة سياسية تابعة لفصائل مسلحة ومسؤولين حاليين بالدولة، مضيفًا أن المال العام والسلاح واضحان بشدة في هذه الانتخابات.
وأشار الموسوي إلى وجود حالة صمت من قبل مفوضية الانتخابات وبعثة الأمم المتحدة "كأنهم يريدون انتخابات فقط بغض النظر نزاهتها أو ما ستسفر عنه من نتائج مشوهة"، معتبرا أن "قرار مقاطعة القوى المدنية كان صائبا".
من جهتها، أشارت المرشحة للانتخابات والنائب السابق لقاء وردي، إلى وجود استغلال كبير لبعض الأحزاب والقوى السياسية لموارد الدولة، مبينة أن "هذا الاستغلال يجري بعموم البلاد، وهناك من كان سابقا متنفذا في الحكومة واستطاع نهب الأموال واستغلالها للترويج لحملته".
وشددت في حديث مع "العربي الجديد"، على ضرورة وضع حد للفساد والتصرف بمقدرات الدولة، داعية إلى محاسبة كل من يسطو على أموال الدولة، مشيرة إلى أن "الدورات الانتخابية السابقة كانت أيضا تشهد استغلالا لموارد الدولة، لكنها لم تكن بهذا الحجم".
وحددت مفوضية الانتخابات في وقت سابق، موعد انتهاء الحملة الدعائية الخاصة بالانتخابات، لغاية الساعة السادسة من صباح يوم السبت الموافق التاسع من الشهر المقبل، أي قبل 24 ساعة عن موعد إجراء الانتخابات.