عاد المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، جمال بن عمر، إلى واجهة المشهد اليمني وذلك بطرح مبادرة لإنهاء الأزمة أثارت تبايناً في ردود الأفعال عليها.
ونظرا لخبرته في الملف اليمني، كأول مبعوثي الأمم المتحدة في الأزمة اليمنية، التي اندلعت إبان الثورة الشبابية والتي أطاحت الرئيس السابق علي عبدالله صالح في العام 2011 والذي استمر حتى إبريل/نيسان 2015، بادر جمال بن عمر بطرح مبادرة لحل الأزمة اليمنية، كباكورة لأنشطة "المركز الدولي لمبادرات الحوار" وهو منصة مدنية قال إن إطلاقها نابع من "قناعة مؤسفة بفشل كل عمليات الوساطة الدولية القائمة في وضع حد للصراعات المستعرة في المنطقة وتحديداً سورية وليبيا واليمن".
وأعلن بن عمر أن المبادرة تضم "فريقاً من الدبلوماسيين السابقين في الأمم المتحدة ممن ينحدرون من منطقة الشرق الأوسط وشمال وغرب أفريقيا".
وركزت مبادرة بن عمر لليمن، على ضرورة قيام الأمم المتحدة بـ"رعاية قرار جديد في مجلس الأمن الدولي يلغي القرار 2216 الذي صدر في إبريل/نيسان 2015"، ونص على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، كما شددت على "عدم الاكتفاء بمعالجة حصار الموانئ".
وقال بن عمر "إن المقاربة الدولية ظلت مؤطرة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 (..) القرار، الذي صاغه السعوديون عام 2015، وطالب باستسلام الحوثيين غير المشروط للحكومة التي استقرت في منفاها بالرياض".
وأضاف: "لم يكن من الواقعي أبدًا أن نتوقع انسحاب الحوثيين الذين استولوا على أكثر من نصف البلاد آنذاك وإلقاءَهم السلاح بدون مقابل. ومع سيطرة الحوثيين على المزيد من الأراضي اليوم، فليس من العملي توقع وقف إطلاق النار، وفقًا لهذه الشروط التي عفا عليها الزمن".
وفسر الهجوم البري للحوثيين على مأرب قائلاً إنهم "يحاولون تعزيز موقفهم على الأرض وهذه ببساطة طبيعة الحرب ومنطق الأوزان التفاوضية ولا يقتصر ذلك بأي حال من الأحوال على اليمن أو الحوثيين".
ودعت المبادرة، إلى تجاوز مبدأ وقف إطلاق النار إلى "إنهاء الحصار السعودي كخطوة أولى" ثم الانتقال إلى رسم أفق ترتيبات تقاسم السلطة بين الأطراف اليمنية، لافتاً إلى أن هذه الخطوة الثانية "ستجعل محادثات السلام ممكنة.
وفيما انتقدت الطرح الداعي لاستثناء الحوثيين من ممارسة أي سلطة، قالت مبادرة بن عمر، إن "السلام يُصنع مع الأعداء وليس الأصدقاء"، وإن الحقيقة القاسية هي "الاختيار بين العمل مع مجموعة مُستهجنة أو الاستمرار في الحرب"، في إشارة إلى جماعة الحوثيين.
وذكرت المبادرة، أن ما وصفته بـ" التدخل الخليجي"، في إشارة للتحالف بقيادة السعودية، لم ينجح في إعادة الحكومة إلى السلطة بعد سنوات طويلة من إقامتها في المنفى، كما أنه لم يجلب السلام، بل إن تواجد قوات من دول الإقليم أثار صراعات محلية جديدة وساعد على إضفاء الشرعية على سردية الحوثيين القائمة على استهداف السيادة اليمنية".
وطالبت المبادرة جماعة الحوثيين بخفض العنف، وقالت: "على الحوثيين أن يفهموا أنهم لا يستطيعون الاستمرار في شق طريقهم إلى السلطة من خلال العنف، وكبادرة حسن نية، عليهم إطلاق سراح السجناء السياسيين على الفور".
ولم يصدر أي تعليق رسمي من أطراف النزاع اليمني حول مبادرة بن عمر.
من جهته، قال الباحث والمحلل السياسي اليمني، مصطفى ناجي لـ"العربي الجديد"، إن تكرار بن عمر حديثه عن تقاسم السلطة في اليمن "يتنافى مع مفهوم المواطنة والشراكة الوطنية والديمقراطية ولا يؤسس لبلد مستقر".
من جهته، اعتبر نائب وزير الإعلام في حكومة الحوثيين، هاشم شرف الدين، في تغريدة على تويتر، أن المبعوث السابق "قدّم شهادة جديدة عن دور أنصار الله (الحوثيين) في إنجاح مؤتمر الحوار الوطني) الذي انعقد في العام 2013.
شهادة جديدة من الدكتور جمال بن عمر
— هاشم احمد شرف الدين (@hashemsharafdin) May 7, 2021
عن دور أنصار الله في إنجاح مؤتمر الحوار الوطني بالدور الذي أداه
#الشهيد_البروفيسور أحمد شرف الدين
رضوان الله عليه pic.twitter.com/B8AMj0KgNP
وتعرض المبعوثون الأمميون إلى اليمن، بدءا من بن عمر، مروراً بإسماعيل ولد الشيخ أحمد ووصولاً إلى مارتن غريفيث، لانتقادات رافقت مراحل عملهم من قبل الأطراف اليمنية، اذ يُتهمون من قبل كل طرف بأنهم منحازون للطرف الآخر خصوصاً عند تقديم أي مبادرات أو أفكار للحل في اليمن لا تلبي مصالح أو تصورات معسكري الحرب.
في المقابل، ترفض جميع الأطراف اليمنية المنخرطة في النزاع الإقرار بمسؤوليتها عما آلت إليه الأوضاع في اليمن منذ 2014 وحتى اليوم، سواء سياسيا أو عسكرياً، وبما في ذلك أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم، وفقا لتصنيف الأمم المتحدة.