- المتظاهرون رفعوا شعارات تؤكد على الاحتجاج السلمي والحضاري، وسط إشادات من ناشطين بالحراك كعامل مهم للتغيير، وانتقادات لضعف التغطية الإعلامية ومحاولات تجريد الحراك من هويته.
- الناشطة الحقوقية سلام عباس تؤكد على قدرة الحراكات السلمية المنظمة على إحداث التغيير الحقيقي، مشيرة إلى أهمية التنمية الفكرية والثقافية والسياسية، وتعتبر الحراك في السويداء نموذجاً ناجحاً للتغيير.
تجمّع، اليوم الجمعة، مئات المتظاهرين والمتظاهرات في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء جنوبي سورية، مجددين مطالبهم بالتغيير السلمي ورحيل النظام السوري الحاكم، ومؤكدين في الوقت نفسه استمرارهم بالانتفاضة الشعبية.
وكانت فعاليات من الحراك في كافة أرجاء المحافظة قد اتفقت على تدوير مهمة تنظيم ساحة التظاهرات على قرى المحافظة في كل أسبوع، لتكون قرية مردك التي كانت لها لمساتها الخاصة خلال الحراك أول المكلفين في ذلك.
وأطلقت الفعاليات على هذا اليوم اسم "جمعة المحبة"، برسالة للنظام فحواها أن "أبناء المحافظة مستمرون في نضالهم السلمي ونهجهم المبني على المحبة حتى زوال النظام الحاكم".
وحمل المشاركون رايات ولافتات كتبت عليها كلمة "الحرية"، من دون أي أعلام أو رايات، بعد أن أثار النظام ومؤيدوه مسألة الأعلام والرايات التي تُرفع خلال فعاليات الحراك في محاولة لإفشاله. وأشاد الناشط المدني سامر حرب بـ"ثقافة الاحتجاج التي عبر عنها المشاركون في الحراك الذي حافظ على سلميته وحضاريته منذ نحو سبعة أشهر".
ويعتبر حرب، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن الحراك الحقيقي عملياً سيظهر للعلن بشكل آخر، وسيكون طرفاً من الأطراف المهمة في عملية التغيير في سورية، رغم رهان الكثيرين من مؤيدي ومعارضي النظام على فشله".
وحول ضعف التغطية الإعلامية السورية والعربية لحراك السويداء، يرى الناشط الإعلامي هاني عزام أن تقصير الإعلام السوري والعربي المقرب من النظام لا يعول عليه، فيما يعتب على الإعلام المعارض، والإعلام الذي يصف نفسه بـ"الموضوعي غير المتحيز".
وحول ما يتداول في وسائل الإعلام المحلية عن الحراك وهويته في سبيل محاولة تجريده في انتمائه السوري، فيرى عزام أن هذه التصريحات أو التغطيات فيها "تجنٍّ على الحراك وقراءة خارج السياق". ويعتبر أن ذلك يأتي "في سياق يخدم أجندات النظام والدول المستفيدة من بقاء الوضع في سورية على ما هو عليه، لضمان مصالحهم التي قد تتبدد مع زوال النظام والتحام الأراضي السورية مجددا".
إلى ذلك، تراهن الناشطة الحقوقية سلام عباس على تقدم مستقبلي في مسار ما سمته "حراك التغيير الحتمي"، مؤكدة أن "الحراكات السلمية المنظمة لديها القدرة على التغيير الحقيقي، لذلك قد يكون نفسها طويل"، ضاربة مثلاً عن الحراك السلمي في صربيا في العام 2000 الذي صنع تغييرا في نظام الحكم والسياسات فيها، حيث كان للحشد المدني المنظم دورا في ذلك".
وتضيف الناشطة خلال حديث مع "العربي الجديد": "إطلاق الاحكام الاستباقية قبل اضمحلال او انتهاء أي حراك يعد ضربا من ضروب التدليس"، مشيرة إلى أن ذلك يأتي "إما من مبدأ يهدف لزعزعة المسار الثوري، أو من منطلق متشوق طامح للتغيير السريع".
وتعتبر عباس أن "الحماس الزائد ليس كافياً، ولا يمكنه تحقيق التغيير إذا لم يقترن بالتنمية الفكرية والثقافية والسياسية المنظمة حتى يتخذ شكلاً جديراً بالتغيير، حتى لو استغرق الأمر سنوات".
وتقول الناشطة إن أي "حراك سياسي في العالم قد يشهد خفوتاً عن مستوى انطلاقته الأولى في إحدى مراحله، وذلك أمر طبيعي، ولكن اتخاذه منحى أكثر تنظيماً في مرحلة الخفوت سيكون مجدياً للتقدم نحو الأمام متخذاً قالباً أكثر صلابة من حيث الإنجاز".
وأخيراً، ترى عباس أن شروط الحراك المدني المتكامل الذي يكتب له النجاح الحتمي قد برزت بشكل واضح في حراك السويداء، وهذا ما ينفي احتمالية فشله، موضحة أن "الحراك منذ بدايته صاغ مظالم الشعب محققاً الشرط الأول، وكشف الفساد في مؤسسات الدولة محققاً الشرط الثاني، كما أنه شكل اتحاداً من فئات اجتماعية ومهنية وسياسية وحزبية مختلفة، وهذا هو الشرط الثالث، والآن يسعى لجمعها واتحادها في قالب مدني وسياسي مرن، ومن خلال ذلك، يكون ساعياً لصقل مهارات التخطيط المطلوبة في أي حراك مدني في العالم، وهو الركن الرابع المتمم"، وبرأي الناشطة، فإنه "وفق تجارب سابقة خطت هذه الخطوات ووصلت إلى التغيير الناجح، فإن التغيير سيكون حتمياً".