جوزيب بوريل والازدواجية القاتلة

09 اغسطس 2024
بوريل في مؤتمر صحافي ببروكسل، 21 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- جوزيب بوريل، ممثل السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، تلقى انتقادات لإدانته تصريحات وزير المالية الإسرائيلي حول إبادة الفلسطينيين، واعتبرها البعض تعبيراً عن سذاجة أوروبية في التعامل مع الفاشية الصهيونية.

- حكومة نتنياهو تواصل ارتكاب الجرائم في غزة والضفة الغربية، وبوريل قد يوضح لاحقاً أسباب عدم شجاعة أوروبا في معاقبة مرتكبي جرائم الإبادة، مما يثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير الأوروبية.

- تقارير حقوقية تشير إلى تورط بعض الدول الأوروبية في جرائم الحرب في غزة، وبوريل لم يوضح كيف ستتصرف أوروبا إذا دعا سياسي عربي لقتل يهود، مما يعكس تملق أوروبا للصهيونية.

السيد ممثل السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، يتلقى كثيرون من العرب والغربيين إدانتكم التصريحات الفاشية لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عن إبادة مليوني فلسطيني بالتجويع باعتبارها تعبيراً عن سذاجة أوروبية في التعاطي مع الفاشية الصهيونية.

السيد بوريل، اعتبارك التصريحات احتقاراً للقانون الدولي والمبادئ الأساسية للإنسانية، تبعها طلب غريب، يعمّق اتهام كثيرين قارتكم بازدواجية معايير تكلف عشرات آلاف الأرواح. فلا يليق بأوروبا، الحريصة على القيم والمبادئ، مناشدة جلاد أن ينأى بنفسه عن التصريحات المخزية لجلاد زميله. فحكومة بنيامين نتنياهو يا سيد بوريل، المستندة إلى تيار ديني-صهيوني، تواصل الجرائم في غزة وفي الضفة الغربية المحتلة، مستندة إلى مطالبة وزرائها وساستها بإبادة شعب فلسطين، باعتباره "حيوانات بشرية"، و"عماليق" في استنتاجاتهم التوراتية-التلمودية.

لعلك يا سيد بوريل حين تترك منصبك سيتحرر عقلك ولسانك، كساسة الغرب خارج مسؤوليتهم، لتخبرنا عن أسباب عدم شجاعة قارتكم الكبيرة في معاقبة مرتكبي ومشجعي جرائم الإبادة في غزة. فلا ناس العالم العربي، أو في ما تسمونه "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، ولا كثيرون في الغرب، يستطيعون فهم هرولتكم نحو اتهام روسيا بجرائم حرب، بسبب ما جرى في بوتشا الأوكرانية ونقل أطفال إلى روسيا، بينما إسرائيل المحتلة تفعل ما تشاء باسم "حق الدفاع عن النفس".

راقب يا سيد بوريل تقارير "أطباء بلا حدود" ومنظمات حقوقية والأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، لتدرك أسباب اتهام مئات الملايين بعضَ دولكم بأنها تساهم في جرائم الحرب في غزة. فتش جيداً في سياسات الدول الأعضاء، من أصغرها إلى أكبرها، إذ تواصل إرسال السلاح والذخائر القاتلة أكثرَ من أربعين ألف إنسان، والتي يفرح لوصولها سموتريتش وزميله في الفاشية إيتمار بن غفير، ورفيق دربهما نتنياهو مع بقية الطغمة.

ولا حاجة لسؤالك يا سيد بوريل عن كيفية تصرف أوروبا لو أن سياسياً عربياً أو فلسطينياً اعتبر أن قتل مليوني يهودي، أو 750 ألف مستوطن في الضفة المحتلة، عادل وأخلاقي لإنهاء الاستعمار. فالجواب أصبح معروفاً عند تيار عام طيلة أشهر المذبحة في غزة، بكثير من تملق حتى كبريات دول القارة للصهيونية، التي بالمناسبة تحاولون جعلها مساوية للسامية، لقمع الأصوات المنتقدة الاحتلالَ وأمثالَ سموتريتش. هذا بالطبع إلى جانب اعتباركم 115 إسرائيلياً محتجزاً في غزة أعلى قيمة من نحو عشرة آلاف معتقل فلسطيني، في سجون ليست أقل عاراً من سدي تيمان.

ختاماً يا سيد بوريل، يبدو أن العقل الأوروبي يعوزه بعض الإبداع والصدق لفرملة خسائر سردياته الحقوقية والأخلاقية في مواجهة موسكو وبكين. فهل لدى قارتكم الشجاعة والإرادة لفرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي؟ أقله مطالبة الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء بمنع تصدير السلاح، ووقف مهزلة الاستثمار في مستعمرات الضفة الغربية المحتلة. ثم بالمناسبة، هلّا ذكرتنا بموقف قارتكم من جمع المشتبه بارتكابهم جرائم حرب، نتنياهو، أغلبية الكنيست (الذي تعتبرونه الديمقراطي الأوحد في المنطقة) ليقرروا نيابة عن القانون الدولي والشعب المحتل أن لا دولة ولا حقوق وطنية له؟

على مدار ثلاثين سنة، منذ توقيع اتفاق أوسلو (1993) الذي ألغاه نتنياهو، تناقضت شعاراتكم وتصريحاتكم عن "حل الدولتين" مع سكوتكم على نهب الأرض وعربدة المستوطنين في الضفة والقدس. فعموم سياساتكم مع حليفكم الأميركي، بما فيها اعتبار التاريخ يبدأ وينتهي في "السابع من أكتوبر"، هي التي تحمي المحتل، وتتعامل مع إرهاب المستوطنين بقفازات حريرية. ربما ستخبرنا بعد أن تسلم منصبك قريباً لكاجا كالاس.

المساهمون