استمع إلى الملخص
- **صفعة للنظام:** انطلق الحراك من مناطق يسيطر عليها النظام، مما أثبت للعالم استمرار الثورة السورية، ونسف رواية النظام بأن الثورة حركة سلفية متطرفة.
- **معركة شعبية:** أكد الحراك أن الصراع ليس طائفياً بل بين شعب أعزل وطغمة حاكمة مستبدة، مدعومة من دول كبرى، تسعى لتصوير الثورة كحرب أهلية.
تخطّى الحراك الشعبي المناهض لحكم بشار الأسد في محافظة السويداء السورية عامه الأول أمس الأول الجمعة، وهو لا يزال محافظاً على زخم متصاعد كحراك سلمي تبنّى أهداف الثورة السورية التي بدأت عام 2011 والتي تدعو إلى إسقاط نظام الأسد وإقامة دولة مواطنة خالية من الاستبداد، يكون إنشاؤها من خلال تطبيق قرارات مجلس الأمن الخاصة بالحل السياسي في سورية. لعل أبرز ما ميّز الحراك في السويداء، محافظته على الحالة السلمية، على الرغم من وجود عدد كبير من الفصائل المسلحة المحلية في المحافظة، ومحاولات النظام لاستفزاز الحراك بهدف جرّه إلى اتخاذ طابع مسلح يمكن أن يخلق ذريعة لدى النظام للانقضاض عليه. كذلك تميّز هذا الحراك بأنه خرج من عمق المناطق التي يسيطر عليها النظام في الوقت الذي كان يروّج فيه الأخير للانتصار على الثورة، وفي الوقت الذي بدأت فيه بعض الدول بإعادة النظر بعلاقاتها معه، واتخاذ خطوات على طريق تطبيع العلاقات معه، ليشكّل الحراك صفعة قوية للنظام أثبتت للعالم أن الثورة موجودة على امتداد الجغرافيا السورية.
كذلك تميّز حراك السويداء بأنه خرج من منطقة مكوّنها السكاني من طائفة الموحدين الدروز، الأمر الذي ساهم في نسف رواية النظام التي تروّج أن الثورة حركة سلفية متطرفة، ونسف كل ادعاءات النظام بأنه يحمي الأقليات العرقية والمذهبية في سورية، وأثبت أن الثورة السورية ثورة لكل السوريين بكل أعراقهم ومذاهبهم، وأنها ثورة على الاستبداد والظلم والفساد، هدفها إسقاط الطغمة الحاكمة لصالح إقامة دولة يتساوى فيها كل السوريين في الحقوق والواجبات.
وأثبت حراك السويداء أن معركة السوريين مع النظام ليست حرباً بين مكوّنات طائفية أو عرقية ضد مكوّنات أخرى، ولا حتى هي معركة بين مؤيدين للنظام ومعارضين له، بل هي معركة بين شعب أعزل وطغمة حاكمة مستبدة تدعمها دول كبرى، تسيطر على مقدرات البلاد وتسخّرها في محاربة هذا الشعب الذي يطالب بحريته، بما فيه الشعب الذي يرزح تحت حكم هذه الطغمة، التي سعت منذ بداية الثورة لتصويرها على أنها حرب أهلية بين مكوّنات من الشعب السوري، وذلك من خلال تسريب مقاطع قتل وتعذيب لأشخاص على أساس طائفي. ساعدتها في هذه الغاية بعض المليشيات الطائفية التي استقدمتها من خارج الحدود، وبعض التنظيمات المتطرفة التي أسسها إرهابيون أفرج عنهم النظام من سجن صيدنايا لهذه الغاية، والتي حاولت أن تؤدي الدور نفسه الذي يقوم به النظام بتصوير الثورة على أنها حرب أهلية، أو طائفية. كل ذلك يجعل حراك السويداء واحداً من أهم التطورات التي أفشلت هذا الهدف، وأثبتت للعالم أن الثورة السورية لا تزال مستمرة وقد تتفجر في أي بقعة من الأراضي السورية.