انتخب المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، ثاني قوة سياسية في الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، مساء السبت، قيادة جماعية لإدارة دفة الحزب خلال السنوات الأربع المقبلة، في سابقة في المشهد السياسي بالبلاد وفي تاريخ الحزب الذي أعلن عن ميلاده في أغسطس/ آب 2008 لمواجهة الإسلاميين.
وجاء انتخاب القيادة الجماعية الجديدة لـ"الأصالة والمعاصرة"، بعدما أقرّ المجلس الوطني المنتخب بالإجماع لائحة الترشيح الجماعية التي ضمّت في عضويتها كلاً من الرئيسة السابقة للمجلس الوطني للحزب وزيرة السكن في حكومة عزيز أخنوش، فاطمة الزهراء المنصوري، ووزير الثقافة والشباب محمد مهدي بنسعيد والقيادي صلاح الدين أبوغالي، فيما أعلن عن اختيار المنصوري منسقة وطنية للحزب.
وكان الأمين العام السابق للحزب عبد اللطيف وهبي قد أعلن خلال جلسة افتتاح المؤتمر، أمس الجمعة، بمدينة بوزنيقة، عدم نيته الترشح لقيادة الحزب لولاية ثانية، في خطوة وضعت حداً للغموض بشأن هوية من يقود دفته خلال السنوات الأربع المقبلة.
وجاء انتخاب قيادة جماعية لحزب الأصالة والمعاصرة المعروف اختصاراً بـ"بام"، بعد إقرار مؤتمره الوطني في وقت سابق من مساء السبت تعديلاً على النظام الأساسي يقضي بفرز قيادة تتكون من ثلاثة أمناء عامين وممثل قانوني.
كما يأتي بعد اقتراح الرئيسة السابقة للمجلس الوطني (برلمان الحزب) فاطمة الزهراء المنصوري، في أعقاب إعلان ترشحها لخلافة الأمين العام السابق، التصويت على أمانة عامة جماعية بدعوى أن خصوصية هذا الترشيح تكمن في أنه "يضم أبناء الحزب ممن مارسوا السياسة من مواقع مختلفة وسياسة القرب مع المواطنين وترشحوا وطنياً ومحلياً وهم شباب متشبعون بالروح الوطنية والدفاع عن مصالحه".
وفي أول تصريح له، قال عضو الأمانة العامة الجماعية صلاح الدين أبو الغالي إن "القيادة الجماعية هي دليل على أن الحزب يبتكر في التدبير"، وإن "هذا التدبير الجماعي المقترح سيكون مرحلة مفصلية في تاريخ الحزب، وبداية مرحلة جديدة".
من جهتها، اعتبرت المنصوري أن الأمانة العامة الجماعية لها خصوصية، وأن الأمر يتعلق بـ"شباب عاشوا وسط الحزب، حضروا بقوة ومارسوا سياسة القرب مع المواطنين محلياً، نزهاء ومتشبعون بثوابت الوطن"، مضيفة: "ليست هناك أزمة قيادة، بل هناك أطر من مستوى عالٍ، ولدينا مؤسسون".
في المقابل، اعتبر أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية رشيد لزرق أن "انتخاب القيادة الثلاثية يؤشر على دخول الحزب فترة انتقالية عنوانها التطهير الذاتي، كما أنه يعني قيادة تسيير أعمال الحزب بغاية تهيئة الأجواء لتمكين شخصية من خارج المجموعة المسيرة للحزب حالياً ليكون أميناً عاماً، وليحدث رجة سياسية تمكن الحزب من التجديد للدخول في استحقاقات 2026".
ويمر الحزب في واحدة من أسوأ مراحله جراء الزلزال التنظيمي والسياسي الذي ضربه في الأسابيع الأخيرة بعد اعتقال اثنين من قيادييه البارزين في ملف بارون المخدرات الدولي المعروف إعلامياً بـ"إسكوبار الصحراء"، وهما سعيد الناصري، رئيس مجلس عمالات الدار البيضاء، وعبد النبي بعيوي رئيس جهة الشرق، وهو الزلزال الذي جعل المشروع السياسي للحزب ككل محل تساؤل.
وقال لزرق في حديث لـ"العربي الجديد" إن حزب الأصالة والمعاصرة في مفترق طرق في ما يخص التعاطي مع تبعات تورط اثنين من قيادييه في الاتجار الدولي بالمخدرات، معتبراً أن ما وقع "يفترض إحداث رجة تنظيمية لاستيعاب واقع الصدمة وتجاوزها".
ولفت إلى أن قيادة الحزب انشغلت بضرورة التوافق خوفاً من انشطاره، وأن استيعاب الحدث اقتضى تطهير التنظيم الداخلي، مضيفاً أنه لهذه الغاية تم تضمين الأمانة العامة بـ3 قياديين.
وقال: "عادة ما يكون تشكيل قيادة جماعية إبان الأزمات، لكن أن يتم ذلك خلال المؤتمر فدليل على أن الحزب يعيش أزمة وعلى سيادة الخوف لدى قيادته من أجل مواجهة الوضع الصعب الذي عاشه مؤخراً".
وكان أعضاء المجلس الوطني قد انتخبوا قبل ذلك البرلمانية عن جهة الدار البيضاء سطات نجوى كوكوس رئيساً لـ"برلمان الحزب"، خلفاً لفاطمة الزهراء المنصوري التي انتهت ولايتها.
وفي وقت سابق السبت، تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني الجديد البالغ عددهم 400 عضو بالإضافة إلى وزراء الحزب وبرلمانييه الذين يكتسبون عضوية "برلمان" البام بالصفة، فيما أعلن رئيس المؤتمر الوطني هشام صابيري، خلال جلسة عامة فتحت أمام وسائل الإعلام، عن انتخاب القيادية نجوى كوكوس رئيسة جديدة لبرلمان الحزب بعد ترشحها وحيدة لهذا المنصب.