حسن نصر الله.. الرجل الذي صنع من حزب الله قوة إقليمية

28 سبتمبر 2024
حسن نصر الله خلال آخر خطاب له في 19 سبتمبر 2024 (رويترز)
+ الخط -

استهدفت سلسلة من الغارات الإسرائيلية، اليوم الجمعة، موقعاً في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، في قصف هو الأعنف منذ بدء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، محاولةً استهداف الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، فيما أكدت مصادر مقربة من الحزب أن نصر الله يوجد "في مكان آمن"، نافيةً المزاعم الإسرائيلية.

ولم يصدر حزب الله أي بيان آخر بشأن الضربات الإسرائيلية التي قال الجيش الإسرائيلي إنها استهدفت مقر القيادة المركزي للحزب. وقال مصدر مقرب من حزب الله إن نصر الله ما زال على قيد الحياة بعد قصف الضاحية الجنوبية لبيروت معقل الجماعة.

حسن نصر الله في سطور

ويثني مؤيدو نصر الله على وقوفه في وجه إسرائيل وتحديه للولايات المتحدة. أما في نظر خصومه، فهو زعيم "منظمة إرهابية" وأحد الوكلاء الذين يستخدمهم النظام الإيراني في صراعه على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط.

وتجلى نفوذ نصر الله الإقليمي منذ تفجر صراع أوقدت شرارته الحرب على غزة قبل ما يقرب من عام، إذ دخل حزب الله على خط المعركة بإطلاق النار على إسرائيل من جنوب لبنان "إسناداً" لحليفته حركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، وحذت حذوه جماعات يمنية وعراقية ضمن "محور المقاومة". ويعتمر نصر الله عمامة سوداء ليشير إلى أنه من نسل النبي محمد، ويستخدم خطاباته لحشد قواعد حزب الله، وأيضاً لإطلاق تهديدات محسوبة بعناية، وكثيراً ما يلوح بإصبعه وهو يطلق هذه التهديدات.

وصار نصر الله أميناً عاماً لحزب الله في 1992 بينما كان في الخامسة والثلاثين فقط، وأصبح الرمز المعروف للحزب الذي كان يوماً كياناً غامضاً أسسه الحرس الثوري الإيراني في 1982 لمحاربة قوات الاحتلال الإسرائيلي. وقتلت إسرائيل سلفه السيد عباس الموسوي في هجوم بطائرة هليكوبتر. وكان نصر الله زعيماً للحزب عندما نجح مقاتلوه في نهاية المطاف في إخراج القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان عام 2000، وهو ما أنهى احتلالاً استمر 18 عاماً.

حرب 2006

لقد شكل الصراع مع إسرائيل إلى حد كبير زعامته. فقد أعلن "النصر الإلهي" في عام 2006 بعد أن خاض حزب الله حرباً استمرت 34 يوماً مع إسرائيل، وفاز باحترام العديد من المواطنين العرب الذين شبوا وهم يرون إسرائيل تلحق الهزيمة بجيوش عربية. لكنه أصبح شخصية مثيرة للانقسام بشكل متزايد في لبنان والعالم العربي مع اتساع منطقة عمليات حزب الله لتمتد إلى سورية وخارجها، مما يعكس الصراع المتصاعد بين إيران ودول عربية أخرى.

وبينما صور نصر الله مشاركة الحزب في سورية، حيث قاتل لدعم رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال الثورة السورية، على أنها حملة ضد المتشددين، اتهم البعض الحزب بأنه أصبح جزءاً من صراع طائفي إقليمي. وفي الداخل، قال منتقدو نصر الله إن مغامرات حزب الله الإقليمية كبدت لبنان ثمناً باهظاً، مما دفع دول الخليج العربية التي كانت صديقة للبنان ذات يوم إلى تجنب البلاد، وهو عامل ساهم في انهيارها المالي في عام 2019.

في السنوات التي أعقبت حرب 2006، سار نصر الله على حبل مشدود فيما يتعلق بدخول صراع جديد مع إسرائيل، فقام بتخزين الصواريخ الإيرانية لتشكيل "توازن الرعب" الرادع في صراع مدروس بعناية بين التهديد والتهديد المضاد.

وأدت حرب غزة إلى اندلاع أسوأ صراع لحزب الله مع إسرائيل منذ 2006، الأمر الذي كبد الحزب خسائر فادحة في صفوفها بما في ذلك قادة كبار. وبعد سنوات من المواجهات مع أطراف أخرى، عاد حزب الله للتركيز في صراعه التاريخي مع إسرائيل. وقال نصر الله في كلمته في الأول من أغسطس/ آب: "نحن ندفع ثمن إسنادنا لجبهة غزة وللشعب الفلسطيني وتبنينا القضية الفلسطينية وحماية المقدسات".

ونشأ نصر الله في حي الكرنتينا الفقير في بيروت. وتنحدر عائلته من البازورية، وهي قرية في جنوب لبنان ذي الأغلبية الشيعية الذي يشكل اليوم المعقل السياسي لحزب الله. وينتمي نصر الله إلى جيل من الشبان الشيعة اللبنانيين الذين شكلت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 نظرتهم السياسية. وقبل أن يتولى قيادة الحزب، كان يقضي الليالي مع مقاتلي الجبهة الأمامية الذين يقاتلون جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقُتل ابنه الشاب هادي، في معركة عام 1997، وهي الخسارة التي منحته مكانته بين القاعدة الشيعية في لبنان.

الصراع مع الولايات المتحدة

مع تصاعد التوترات الإقليمية بعد اندلاع حرب غزة، وجه نصر الله تحذيراً غير مباشر للسفن الحربية الأميركية في البحر المتوسط، قائلاً لهم: "أساطيلكم التي تهددوننا بها، لقد أعددنا لها عدتها أيضاً". وفي عام 2020، تعهد نصر الله بأن يغادر الجنود الأميركيون المنطقة في نعوش بعد اغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في هجوم بطائرة مسيرة أميركية في العراق.

وعبر عن معارضته الشديدة للسعودية بشأن تدخلها العسكري في اليمن إذ سعت الرياض بدعم من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين إلى دحر جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران. ومع تصاعد التوترات الإقليمية في عام 2019 في أعقاب هجوم على منشآت نفط سعودية، قال نصر الله إن السعودية والإمارات يجب أن توقفا حرب اليمن لحماية نفسيهما.

وقال في رسالة موجهة إلى الرياض: "لا تراهنوا على الحرب ضد إيران لأنها ستدمركم". وفي عهد نصر الله، اشتبك حزب الله أيضاً مع خصوم داخل لبنان. وفي عام 2008، اتهم نصر الله الحكومة اللبنانية التي كانت مدعومة آنذاك من الغرب والسعودية بإعلان الحرب من خلال سعيها لحظر شبكة الاتصالات الداخلية لجماعته. وتوعد نصر الله "بقطع اليد" التي تحاول تفكيكها.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون