ترك معسكر خليفة حفتر المشاركة في كل ما يدور في المشهد الليبي، سواء على صعيد تجاذبات التوافق على القوانين الانتخابية أو القصف الجوي في مدينة الزاوية، ليعلن عن خطوات غير مسبوقة في ملف الانتهاكات، في ما يبدو اتجاهاً لتسويتها.
فخلال الأسبوع الماضي أخلى "اللواء 106" الذي يقوده نجله خالد 77 منزلاً من منازل المواطنين الذين هجرهم من بنغازي خلال سنوات حربه عليها، واستولت عليها قواته. بل وقام نجله بتسليم بعضها فعلياً لأقارب تلك الأسر المهجرة.
وشدد نجل حفتر على أنه يتعين على كل من استولى على عقار من قادة المليشيات والعسكريين الإسراع في تسليمه لإرجاعه لأهله، وسط حديث يدور في الأوساط عن استعداد قيادة حفتر لتعويض الأسر المهجرة عن سنوات إبعادها عن منازلها والمدينة عبر المجلس البلدي ببنغازي. وتعهد نجل حفتر باستقبال الشكاوى من المهجرين لإرجاع جميع أملاكهم وعقاراتهم المنهوبة في المدينة أو خارجها.
وبالتزامن، أعلن فرج قعيم، أبرز قادة مليشيات خليفة حفتر ومن المقربين منه، البدء في هدم "سجن الكويفية" شرق بنغازي، بحجة صيانته، وهو السجن الذي اشتهر بأن من بداخله لن يخرج، ولا يعلم أحد ماذا يجري فيه، لكن اسمه كان كافياً لإدخال الرعب. وحتى فرق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية كانت ممنوعة من الاقتراب منه.
كل تلك الإجراءات والخطوات تتجه في طريقين، إما أن خليفة حفتر بدأ يتودد للمهجرين، ويمهد للاستفادة من أصواتهم ودعم قبائلهم في إطار استعداده للترشح للانتخابات، أو أنه يستبق أمراً ما لتنظيف سجله الجنائي.
ويبدو أن الاحتمال الأخير أكثر ترجيحاً. فمنذ أسابيع أعلنت البعثة الأممية لتقصي الحقائق في ليبيا إعدادها قائمة بالأفراد المسؤولين عن الانتهاكات في ليبيا منذ العام 2016. وهو يدرك أنه سيكون في مقدمة تلك القائمة إن صدرت، وعليه فالخطوات في طريق تنظيف سجله الجنائي ستشهد تسارعاً خلال الأيام المقبلة.
ومنتصف مايو/أيار الماضي، أعلن مجلس النواب إعادة تشكيل المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان (أعلى جهة رسمية معنية بحقوق الإنسان والحريات في البلاد)، وتنصيب شخصيات لرئاسته وعضويته على علاقة بحفتر، ليلحقه بإعلان آخر الثلاثاء الماضي بشأن إجرائه تعديلاً على قانون العقوبات العسكرية يقضي بمنع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.
والواقع أن مجلس النواب تحايل بشأن قانون العقوبات العسكرية، فوصف إجراءه في القانون بالتعديل، والحقيقة أن إجراءه كان تضميناً لبنود تمنع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، فليس في أصل نصوص القانون أي مادة تسمح للمحاكم العسكرية بمحاكمة المدنيين ليجري المجلس عليها تعديلاً، والهدف هو توفير غطاء قانوني للمحاكم العسكرية، التي أجرت عشرات المحاكم الصورية للمدنيين لصالح حفتر، وبالتالي فالقانون لم يكن يمنع تلك المحاكم من محاكمة المدنيين.