ازدادت المخاوف من وقوع أعمال عنف جديدة خلال حفل تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير/ كانون الثاني في واشنطن، مع إعلان وزير الأمن الداخلي بالوكالة تشاد وولف الإثنين استقالته في خطوة مفاجئة.
ويغادر وولف منصبه، بعد خمسة أيام على قيام حشد من أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب باقتحام مبنى الكابيتول لمقاطعة جلسة المصادقة على فوز جو بايدن في الانتخابات.
ووصف الوزير بالوكالة، الهجوم الذي تسبب بمقتل خمسة أشخاص، بأنه "مأساوي" و"مثير للاشمئزاز"، في وقت يكثف المسؤولون المحليون وقوات الأمن الجهود لمنع وقوع أعمال عنف جديدة. وتشرف وزارة الأمن الداخلي على عدد من قوات إنفاذ القانون، ومن بينها الجهاز السري المكلّف ضمان أمن البيت الأبيض والرئيس. وأوضح وولف أنه يستقيل لأسباب إجرائية، وعيّن مدير الوكالة الفيدرالية للأوضاع الطارئة بيت غاينور ليحلّ محلّه. غير أن هذه الخطوة لم تضع حداً للتساؤلات بشأن أمن العاصمة الفيدرالية خلال الأسبوع المقبل.
وحذر مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في وثيقة داخلية، من أن أنصاراً لترامب يخططون للقيام بتظاهرات مسلّحة في الولايات الخمسين خلال الفترة الممتدة من نهاية الأسبوع حتى موعد أداء بايدن اليمين الدستورية، وفق ما كشفت عنه وسائل إعلام.
وذكر البيت الأبيض في بيان، أن ترامب "أعلن حال طوارئ في واشنطن دي سي، وأمر بمساعدة فيدرالية لمساندة جهود واشنطن للاستجابة للظروف الطارئة الناتجة عن مراسم تنصيب الرئيس التاسع والأربعين من 11 يناير/كانون الثاني إلى 24 يناير 2021". وجاء في البيان أن الأمر أعطى وزارة الأمن الداخلي الصلاحية للتحرك "من أجل إنقاذ أرواح وحماية الممتلكات والصحة والسلامة العامة، وخفض أو تفادي مخاطر وقوع كارثة في قطاع كولومبيا".
في هذه الأثناء، واصل المسؤولون الفيدراليون والمحليون تبادل الاتهامات بشأن مسؤولية الأحداث التي شهدتها واشنطن الأربعاء، حين فشلت الشرطة في صدّ آلاف المتظاهرين.
تعزيزات أمنية
وأعلن البنتاغون الإثنين أنه سمح بنشر 15 ألف عنصر من الحرس الوطني خلال مراسم تنصيب بايدن. وقال رئيس مكتب الحرس الوطني في وزارة الدفاع الجنرال دانيال هوكانسون إنه إضافة إلى 6200 عنصر ينتشرون حالياً في واشنطن، سيتم إرسال تعزيزات من حوالى عشرة آلاف عنصر بحلول نهاية الأسبوع. وأضاف أنه من الممكن أن يؤازرهم حوالى خمسة آلاف عنصر من الجيش بحلول يوم التنصيب في 20 الجاري، ليصبح إجمالي عدد العناصر الذين سيؤمّنون هذه المراسم 15 ألف عسكري.
وأوضح أن هذه القوات ستجهز بمعدات وأسلحة مكافحة الشغب، غير أنه لم يسمح لها حتى الآن بحمل أسلحة في شوارع العاصمة الفيدرالية.
وقبل إعلان استقالته، أمر وولف بتسريع تحضيرات الجهاز السري، محذراً من "أحداث الأسبوع الماضي والمشهد الأمني المتبدل".
وتتقدم التحضيرات للمراسم بوتيرة سريعة، ولا سيما مع إقامة سياج أمني حول محيط مبنى الكابيتول، حيث سيؤدي بايدن اليمين الدستورية خلفاً لترامب.
في غضون ذلك، أعربت أجهزة إنفاذ القانون الأميركية عن استعدادها لتأمين حفل تنصيب بايدن. وقال مايكل بلاتي، العميل الخاص بالخدمة السرية الأميركية، والذي يقود أمن حفل التنصيب، إن الحدثين (حفل التنصيب وأحداث الكونغرس) ليسا موضع مقارنة حتى من وجهة نظر أمنية.
وأضاف: "لست خائفاً من أداء اليمين في الخارج. من المهم للغاية أن يكون هناك تركيز حقيقي على محاسبة هؤلاء الأشخاص الذين شاركوا في الفتنة وتهديد الأرواح وتخريب الممتلكات العامة وتسببوا في أضرار جسيمة".
ولا يدلي مسؤولو إنفاذ القانون مطلقاً بالكثير من التفاصيل حول الأمن، لمنع المهاجمين المحتملين من الحصول على معلومات سرية. لكن بلاتي قال إنهم أخذوا الحصار في الحسبان، مضيفاً: "إنه تذكير بما يمكن أن يحدث".
قال بلاتي: "هناك مجموعة متنوعة من الأساليب لضمان توفير بيئة آمنة وسلسة للمشاركين في الحفل، ولكن الأهم من ذلك، أمن المواطنين".
بدورها، أكدت القائمة بأعمال رئيس شرطة الكابيتول الأميركي يوغاناندا بيتمان في بيان أمس الإثنين، أن المسؤولين وضعوا "خططاً شاملة ومنسقة" لضمان السلامة والأمن. وقالت إن أراضي مبنى الكابيتول ستغلق أمام الجمهور.
حالة الطوارئ
وإزاء مخاطر وقوع أعمال عنف وكذلك مخاطر انتشار فيروس كورونا الجديد الذي أودى بأكثر من 375 ألف شخص في الولايات المتحدة، دعت رئيسة بلدية واشنطن موريال باوزر أنصار بايدن إلى تفادي القدوم إلى العاصمة يوم تنصيب الرئيس الجديد.
ويتقاطر مئات آلاف الأميركيين عادة إلى واشنطن كل أربع سنوات لحضور تنصب رئيس جديد. وقالت باوزر: "نطلب من الأميركيين عدم القدوم إلى واشنطن لحفل تنصيب الرئيس التاسع والأربعين في 20 يناير وعوضاً عن ذلك، المشاركة عبر الإنترنت".
وأوضحت خلال مؤتمر صحافي الإثنين، أنّها طلبت من ترامب أن يعلن بصورة مسبقة حالة الطوارئ في واشنطن لمناسبة حفل التنصيب لكي تتمكّن سلطات العاصمة من استخدام أموال فيدرالية لتأمين الاحتياجات الأمنية. وأضافت أنّها طلبت أيضاً من وزارة الأمن الداخلي تمديد فترة الطوارئ لما بعد أداء اليمين، وإلغاء جميع تراخيص التجمعات خلال هذه الفترة.
وسيؤدي بايدن اليمين الدستورية عند مبنى الكابيتول أمام جادة "ناشونال مول" التي ستمتلئ بالأعلام الأميركية بدلاً من الحشود التي تتجمع فيها عادة. وبعد ذلك، يتوجه بايدن مع ثلاثة من أسلافه هم باراك أوباما وبيل كلينتون وجورج بوش إلى مقبرة آرلينغتون الوطنية ليضع إكليلاً من الزهر على قبر الجندي المجهول.
ويواجه الرئيس الديمقراطي المقبل مهمة صعبة، تقضي بتضميد جراح بلد يعاني أزمة صحية واقتصادية ويشهد انقساماً حاداً وتوتراً عرقياً.
وتجري التحضيرات لانتقال السلطة في وقت يسعى الديمقراطيون لعزل ترامب، ولو قبل أيام من انتهاء ولايته، لاتهامه بالوقوف خلف "حركة التمرد" و"محاولة الانقلاب" الأسبوع الماضي. وأبلغ الرئيس المنتهية ولايته أنه لن يحضر المراسم، ورد بايدن معتبراً أن غيابه سيكون "أمراً جيداً". كما سيغيب عن الحفل الرئيس الديمقراطي الأسبق جيمي كارتر بسبب تقدمه في السن (96 عاماً).
(فرانس برس، أسوشييتد برس)