حقوقيون لـ"العربي الجديد": لائحة اتهام نيابة رام الله لمعتقلي قضية "منجرة بيتونيا" سياسية
أجلت محكمة بداية رام الله وسط الضفة الغربية، اليوم الأربعاء، حتى 12 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، محاكمة 6 معتقلين سياسيين لدى أجهزة الأمن الفلسطينية، اعتقلوا منذ أكثر من مئة يوم على خلفية ما تعرف بقضية "منجرة بيتونيا" غربي رام الله.
وخلال جلسة المحكمة اليوم، وهي الثانية منذ تحويل ملفهم إلى المحكمة، تلت النيابة العامة كلاً من قرار الاتهام من النائب العام الذي يعود تاريخه إلى 30 أغسطس/آب الماضي، ولائحة الاتهام التي تعود إلى 31 من الشهر نفسه، وتضمنتا تهمة "تصنيع مواد متفجرة"، من أجل استخدامها لزعزعة الأمن والنظام العامين. وطلبت النيابة إمهالها لإحضار شهودها، ووافقت المحكمة مكلفة إياها وضع عناوين واضحة للشهود.
وورد في لائحة الاتهام، التي تُلِيَت اليوم، وجود متهم آخر جارٍ البحث عنه، علم "العربي الجديد" أنه معتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2019.
عضو "محامون من أجل العدالة" ظافر صعايدة، قال في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن "لائحة الاتهام لائحة عامة فضفاضة، ولا تتضمن وقائع دقيقة حتى يصار إلى اعتبارها لائحة اتهام بالمفهوم القانوني، لذلك يمكن اعتبارها لائحة اتهام سياسية وليست جنائية".
وبين صعايدة أن إيراد جملة "زعزعة الأمن والنظام العامين" دون أي تفاصيل أخرى يعتبر أمراً عاماً يختلف عن لوائح الاتهام بشكلها القانوني المعروف.
وتابع: "عادة يجب أن تكون لائحة الاتهام مفصلة، وتتضح فيها جميع الوقائع المجرمة، إلا أن لائحة الاتهام هذه عامة، لا وقائع فيها، وهي بالعنوان تصنيع متفجرات، بدأت بذلك وانتهت به، لا يوجد فيها تفاصيل، ووقائعها لا تعطيها الإطار القانوني الصحيح حتى يصار إلى توجيهها إلى المتهمين"، معتبراً لائحة الاتهام التي وصفها بـ"الفضفاضة" دليلا على أن "الاعتقال سياسي".
وأضاف أنه لذلك تقدم كمحامٍ بدفع أمام المحكمة، وطالبها بعدم قبول الدعوى، ووقف ملاحقة المتهمين بالقضية.
وأنكر المتهمون التهمة المنسوبة إليهم، فيما عارض المحامي طلب النيابة إبراز جلسات الاستجواب للمعتقلين، لأنهم يرفضون التهمة، ويؤكدون أن الإفادات أخذت منهم تحت الضغط والإكراه، وبعضهم تعرض للتعذيب وفق ادعاءاتهم في مراكز التوقيف، وأنهم حين مثلوا أمام النيابة العامة كانوا تحت التهديد، كذلك ترافع المحامي صعايدة أمام القاضي خلال الجلسة، فيما وافق القاضي على إبراز المحاضر، على أن "تقدر القيمة الإنتاجية لها عند وزن البينة".
وكانت عائلات المعتقلين قد رفضت خلال مؤتمر صحافي عقدته أمام محكمة رام الله، في 7 سبتمبر/ أيلول الحالي، تحويل ملفهم أمام المحكمة إلى ملف معتقلين جنائيين وتهمة جنائية.
وأكد مدير "محامون من أجل العدالة" مهند كراجة، خلال مؤتمر صحافي السبت الماضي برفقة العائلات، أن الأجهزة الأمنية اعتقلت قرابة 19 شخصاً في الملف الذي عرف بقضية "منجرة بيتونيا"، أفرج عن 11 منهم دون تحويل ملفاتهم إلى المحكمة.
وكان كراجة قد أكد خلال المؤتمر الصحافي أن إشاعات كثيرة رافقت حملة الاعتقالات تلك، ومنها ادعاءات بأن المعتقلين حفروا نفقاً لاستهداف السلطة الفلسطينية. لكن، وفق اطلاع فريق الدفاع بشكل متأخر على الملف ولائحة الاتهام والتحقيقات، فإن كل تلك الإشاعات غير صحيحة كما قال، بل وُجِّهَت تهم جنائية لستة من المعتقلين، لكنها تتعلق بوقائع سياسية، وإن جزءاً من التحقيقات معهم كان على خلفية وقائع سياسية اعتقلوا على خلفيتها سابقاً لدى الاحتلال، حيث إنهم بغالبهم معتقلون سياسيون.
بدورها، اعتبرت أسماء، شقيقة المعتقل أحمد هريش، في حديث مع "العربي الجديد"، أن ما ورد من اتهام، افتراءات وادعاءات كاذبة، رافضة إحضارهم إلى المحكمة كمجرمين، ووضعهم في قفص الاتهام، مستنكرة استمرار توقيفهم، بينما أُخلي سبيل المتهمين بمقتل المعارض والمرشح السابق للمجلس التشريعي نزار بنات، الذين تجري محاكمتهم وهم طلقاء.
أما ثروة محمد، والدة المعتقل جهاد وهدان، فقالت لـ"العربي الجديد"، "إنها رأت الظرف الذي وضع فيه ابنها سيئاً، حيث وضع بقفص حديدي داخل المحكمة، وحتى المركبة التي نقل فيها تحوي قفصاً حديدياً".
يُذكَر أن القاضي سمح لفرد من عائلة كل معتقل من المعتقلين الستة بمصافحته بعد انتهاء الجلسة، وقبل نقل المعتقلين إلى مكان الاحتجاز والتوقيف، فيما انتظرت العائلات عند باب المحكمة ومكان خروجهم، من أجل رؤية المعتقلين والحديث معهم قبل نقلهم.
وكانت "محامون من أجل العدالة" قد أعلنت، في 31 أغسطس الماضي، إحالة ملفات 6 من المعتقلين على المحكمة، بعد قرابة 3 أشهر من الاعتقال، التي بنيت، بحسب المجموعة، على تهمة "جنائية" تتعلق بنشاطهم السياسي.
وكان المتحدث الرسمي باسم المؤسسة الأمنية الفلسطينية، المفوض السياسي العام، طلال دويكات، قد نفى، في بيان صحافي أصدره في 23 أغسطس الماضي، وجود اعتقالات سياسية أو ملاحقة لأحد إلا في إطار معالجة قضايا الخروج عن القانون والنظام، والحفاظ على السلم الأهلي، وذلك في رد له على بيان مشترك لحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، يستنكر الاعتقالات السياسية.
وردّت مجموعة "محامون من أجل العدالة" على بيان دويكات في اليوم نفسه، بإعلانها توثيق 117 حالة اعتقال سياسي لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية.