مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر، والمرجح أن تبدأ إجراءاتها في فبراير/ شباط المقبل، شهدت العديد من المحافظات حملات اعتقال مكثفة، خصوصاً في السويس والشرقية والقليوبية والجيزة، استهدفت قواعد لجماعة الإخوان المسلمين والمتعاطفين معها وأنصار الرئيس الراحل محمد مرسي.
وألقى فرع الأمن الوطني بالسويس القبض على 21 من المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، وتمت إحالتهم إلى نيابة أمن الدولة العليا، وصدرت قرارات بحبسهم فوراً - بحسب مصادر حقوقية - بعد أن كانت أجهزة الأمن تمارس خلال العامين الماضيين سياسة "الإخفاء القسري" لمدة طويلة أو قصيرة، بعدها يتم الإفراج عنهم.
مصادر حقوقية: التحقيقات ركزت على موقف كوادر وقواعد "الإخوان" من الانتخابات الرئاسية
وبحسب المصادر، فقد شملت الاعتقالات كلاً من: أحمد محمد أبو الأنصار، وأحمد محمد سيد حسين، وأسامة مصطفى عشماوي مصطفى، وأشرف محمد حلمي أحمد، وجهاد جمعة مسلم جمعة، وخالد طه أحمد سيد، ورامي محمد علي إسماعيل، وعبد الناصر محمد إسماعيل أبو الريس، وعماد محمد محمد هاشم، وكريم محمد إبراهيم، ومحمد إسماعيل حسن السيد، ومحمد جودة أحمد عبد الستار، ومحمد شحاتة عثمان مصطفى، ومحمد عبد الجليل أحمد حامد، ومحمد عبد الرحمن أحمد سيد، ومحمد علي عيده وهبة، ومحمد محمود عبد المجيد عربي، ومحمد مصطفى محمد مصطفى، ومحمود عبد الحفيظ أحمد محمد، ومصطفى عوض عمران السيد، وناصر محمد حسين أحمد.
كما أحال فرع الأمن الوطني بمدينة قليوب إلى نيابة القناطر الخيرية الجزئية 7 ممن زعم انضمامهم لجماعة "الإخوان"، وهم: (ص.م.ح)، و(ن.ع)، و(ع.ع)، و(م.خ)، و(ح.ح)، و(ع.ض). وجرى التحقيق معهم ثم صدر القرار بحبسهم احتياطياً على ذمة التحقيق.
كما شملت الاعتقالات أيضاً محافظة الشرقية، حيث ألقت قوات الأمن القبض على عشرات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في مراكز الزقازيق، وأبو حماد، ومشتول السوق، ومنيا القمح، وأبو كبير، وكفر صقر، حيث جرت إحالتهم بعد إخفاء قسري امتد لعدة أيام، إلى النيابة، التي قررت حبسهم على ذمة القضايا المتهمين فيها، والتي تمحورت حول الانضمام لجماعة "إرهابية".
التحقيقات تركز على موقف "الإخوان" من الانتخابات
وبحسب مصادر حقوقية، فإن التحقيقات التي تمت في مقرات الأمن الوطني مع المحبوسين احتياطياً، ركزت على "موقف كوادر وقواعد جماعة الإخوان من الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإمكانية دعم الإخوان لأي مرشح في مواجهة الرئيس عبد الفتاح السيسي، سواء كان مرشحاً ذا خلفية عسكرية، أو المرشح الأبرز حتى الآن في مواجهة السيسي، وهو البرلماني السابق أحمد طنطاوي".
وبحسب مصادر قانونية، فإن هذه الاعتقالات تأتي في إطار سياسات الأمن الوقائي التي تتبناها الأجهزة الأمنية خلال المرحلة المقبلة، والتي تأتي عقاباً لجماعة الإخوان المسلمين على جهودها المكثفة في الخارج لتدويل الاستحقاق الانتخابي، وتصاعد مطالبة المنظمات الحقوقية بفرض عقوبات على النظام المصري احتجاجاً على تردي سجله في مجال حقوق الإنسان.
محمد رمضان: الملاحقة ستشمل أيضاً الداعين إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية
ومما يثير استغراب المصادر الحقوقية أن حملة الاعتقالات والإحالة إلى النيابة طاولت شخصيات متقدمة في العمر، أغلقت ملفاتها منذ أكثر من 20 عاماً، ولم تجر أي ملاحقات لها منذ سقوط حكم مرسي، بشكل يرجح معه استمرار التصعيد الممنهج ضد كوادر جماعة "الإخوان"، بعد أن كانت هذه الحملات قد تراجعت بشكل ملموس خلال الأعوام القليلة الماضية.
ترجيحات باستمرار الاعتقالات حتى الانتخابات
كما رجحت المصادر استمرار حملة الاعتقالات حتى موعد الانتخابات الرئاسية، المرجح أن تبدأ إجراءاتها في فبراير/ شباط المقبل. وشددت على وجود ما يسمى دلائل لدى الأجهزة الأمنية على "ارتباط الجماعة وقواعد (فيها) بعدد من المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة، بهدف قطع الطريق على أي دور لجماعة الإخوان وقواعدها خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة".
"الإخوان" تنفي التواصل مع أي مرشح للانتخابات
يأتي ذلك في الوقت الذي ردت فيه جماعة "الإخوان" على الأنباء المتعلقة بتواصلها مع أي مرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، المقررة العام المقبل، مؤكدة، في بيان، أن الحديث عن تواصل الجماعة مع أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية المحتملين، "لا أساس له من الصحة، ولا علاقة له بالواقع".
بدوره، أكد الحقوقي المصري ومدير مركز "الشهاب لحقوق الإنسان" خلف بيومي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "وتيرة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري خلال الفترة السابقة شملت أعداداً من المنتمين للتيار الإسلامي، وعدداً من المقربين من أحمد طنطاوي المرشح الرئاسي المحتمل".
وأضاف: "تزامن مع ذلك الحكم الجائر على الناشط جورج باتريك من محكمة أمن دولة، وعلى الرغم من صدور قرار بالعفو عنه، إلا أن ذلك لم يمنع زيادة حالة القلق لدى المواطن من استمرار النظام الحاكم في سياسته الممنهجة والمتمثلة في استمرار ملاحقة كل معارضيه، وخاصة أن ذلك يتم في ظل انعقاد جلسات لجنة الحوار" الوطني.
وحول حملات الاعتقال التي ينتهجها النظام المصري، قال المحامي الحقوقي محمد رمضان، في حديث لـ"العربي الجديد": "بالتأكيد ستزداد وتيرة الاعتقالات أو التضييق على كافة المعارضين للنظام المصري عند اقتراب موعد بداية التحضير للانتخابات، وستشمل الاعتقالات كل من سيترشح لمواجهة السيسي في صناديق الاقتراع، وكل من يناصر أي مرشح غير السيسي، في ظل رغبته بالحصول على نتائج قياسية، كما في كل مرة، حيث لم يستثنَ أي شخص من الملاحقة في حال الترشح، حتى لو كان من المؤسسة العسكرية كما حصل مع الفريق سامي عنان".
وبرأي رمضان، فإن "الملاحقة الأمنية ستشمل أيضاً الداعين إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة في ظل هدف النظام إظهار كثافة المشاركة، للظهور بصورة أفضل أمام المراقبين الدوليين للوضع في مصر".
ورأى الحقوقي المصري أحمد حلمي أن هناك بالفعل تصاعداً لحالات إلقاء القبض والإحالة للنيابة خلال المرحلة الأخيرة، ولكن بسبب انتقادات توجه للحكومة احتجاجاً على غلاء الأسعار والأزمة الاقتصادية وسبل التعامل الرسمي معها، دون أن تكون هناك علاقة للإحالة للنيابة العامة أو نيابة أمن الدولة العليا بالانتخابات الرئاسية القادمة حتى الآن على الأقل.
ولفت حلمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن هناك العديد من القضايا، والإحالة للنيابة تتعلق بالنشر على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث سجلت النيابات مئات من الإحالات على ذمة قضايا نشر، وصدور قرارات بالحبس 4 أيام فـ15 يوماً احتياطياً على ذمة القضايا المتهمين بها، سواء كانت جنحاً أو قضايا أمام نيابة أمن الدولة العليا.
وأضاف أن هذه الإحالة للنيابة العامة ولنيابة أمن الدولة العليا تخالف أجواء الأحاديث التي جرت عن حدوث انفراجة في الملف الحقوقي، في ظل أجواء الحوار الوطني وغيرها من التطورات.