حذر أساتذة وخبراء في القانون الدستوري، اليوم الثلاثاء، من تأخر تحديد موعد للانتخابات الرئاسية التونسية القادمة في ظل الإشكاليات الدستورية والقانونية التي تعيشها تونس، والتي قد تؤدي إلى تأجيل الانتخابات والعودة إلى حكم الاستبداد.
وشدد الخبراء، خلال مؤتمر بمبادرة من "ائتلاف صمود"، على ضرورة تحديد موعد للانتخابات الرئاسية، "وإلا فإن البلاد ستدخل في سيناريوهات مظلمة".
ومن بين المشاركين في المؤتمر، الصادق بلعيد وأمين محفوظ اللذان توليا صياغة دستور 2022 باختيار من الرئيس التونسي قيس سعيد، ولكنهما وجها لاحقا انتقادات لاذعة للأخير ولدستوره، معلنين انشقاقهم عنه.
وقال أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، في كلمة له، إن ضبط تاريخ الانتخابات التشريعية مسألة خاصة بالسلطة التشريعية وإن تنصلت من هذا الالتزام فهذه مسألة أخرى، مبينا أن هيئة الانتخابات هي الأخرى معنية بتحديد الموعد، لأنها طبق الدستور الجديد مسؤولة عن نزاهة الانتخابات، وبالتالي لها صلاحيات تحديد الموعد.
وأضاف محفوظ: "طبقا للقانون، لا بد من وضع روزنامة للانتخابات بما في ذلك الانتخابات الرئاسية، والحديث عن أن الرئيس هو الذي يقرر ذلك، يعني عدم ممارسة الهيئة لصلاحيات منحها إياها القانون".
وأوضح محفوظ أن المشرع هو الذي يحدد موعد الانتخابات الرئاسية، ودور الرئيس التونسي في ذلك ثانوي جدا، ويكمن في المبادرة بمشروع قانون مع السلطة التشريعية، مضيفا أن "لا دخل لرئيس الجمهورية في ضبط تاريخ الانتخابات، وعلى المجلس التشريعي الأخذ بزمام الأمور".
وقال إن عدم تحديد موعد واضح يعني "تهديدا جديا" ليس فقط للانتقال الديمقراطي إنما للتداول السلمي للسلطة، مبينا أن دستور 2022 في الفصل 90، يقول: "ينتخب رئيس الجمهورية لدورتين لا غير"، مبينا أن الرئيس الحالي جاء وفق دستور 2014، الذي أزاله ووضع دستورا جديدا، وبالتالي يجب أن يكون منتخباً وفق مبادئ الدستور الجديد. وأوضح أن "هذا يطرح إشكالا وأزمة حقيقيين في تونس".
ووصف محفوظ في حديث لـ"العربي الجديد"، عدم تحديد موعد للانتخابات الرئاسية بـ"وضع غير مريح"، ليس فقط لقيس سعيد وإنما للجميع لأنه يزيد من حالة القلق والغموض.
وأوضح أن "الجيد في دستور 2022 أنه يمنح الحق للشعب التونسي في مقاومة الاستبداد"، مشيرا إلى أنه لا وجود أيضا في النص لما يسمح لسعيد بممارسة الوظائف الحالية لأنه منتخب وفق دستور 2014، وبالتالي هو يباشر وظائف لفترة، إلى حين إجراء انتخابات رئاسية. ولفت إلى أن إجراءها لا يعني أنها سابقة لأوانها.
وقال محفوظ إن صمت السلطة التشريعية "غريب" رغم أنها حسب القانون هي الجهة المسؤولة عن تحديد موعد الانتخابات الرئاسية، لتدارك هذه الأزمة الدستورية، موضحاً أن هناك إشكالاً حول شرعية الرئيس المباشر أو وجود سند في الدستور الحالي يسمح له بممارسة وظائف رئيس الجمهورية، "لأن هذه الصلاحيات يمارسها رئيس منتخب وفق الدستور الجديد وهذا غير متوفر حاليا".
من جهته، قال أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد في كلمة له، إن السلطة "تتعمد الصمت والسكوت ليبقى الشعب منشغلا بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية دون الخوض في السياسة"، لافتاً إلى أنه "لا بد من التمعن في الدساتير التي تقول أشياء ولكنها تخفي أشياء أكبر".
وقال: الديمقراطية تعني الحوار والنقاش، لكنها في تونس، تعني الصمت. صمت المجتمع المدني وصمت الناخبين العازفين عن المشاركة في الانتخابات وصمت المؤسسات وصمت السلطة في قرطاج والقصبة وفي باردو".
وأشار إلى "أننا أمام مراسيم وأوامر استثنائية دون رقابة".
ومضى قائلا: "إذا بقي الشعب صامتاً، لن تكون تونس بخير"، مشيراً إلى إشكاليات عديدة على مستوى الوضع الدستوري.
وأضاف أن "تونس بصدد الغرق أكثر فأكثر ولا أمل في النظام الحالي".
وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الجيد في الدستور الجديد أن مصير تونس بيدي الشعب، "لذا فإنه في حال تسليم السلطة لشخص ليس لديه حلول فإن البلاد ستذهب للتهلكة".
وتابع أن "البلاد منذ 2019 لغاية اليوم لم تتقدم في شيء".
وأوضح بلعيد أن الحل يكمن في تقديم وجوه جديدة. وقال إنه "لا يمكن منح الرئيس التونسي الحالي عهدة جديدة في ظل إنجازات محدودة".
وقال منسق ائتلاف صمود، حسام الحامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هذا المؤتمر يناقش الموعد الأمثل للانتخابات الرئاسية، مبينا أنه "حتى وفق دستور 2014 لقد تم ضبط موعد 2024 للانتخابات، وبالتالي تبقى سنة ونصف كأقصى حد لإجراء الانتخابات وهذا يتطلب الانطلاق في الاستعدادات والتحالفات من قبل الأحزاب السياسية. لكنه أضاف في ذات الوقت أن "هذا لا يحدث اليوم وأن هناك ضبابية قد تؤثر سلبا على الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد".