خلفيات صراع هيئة تحرير الشام

01 سبتمبر 2024
من التظاهرات ضد "تحرير الشام" في بنش، 17 مايو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **صراع داخلي في هيئة تحرير الشام:** بوادر صراع بين التيار المتشدد داخل الهيئة والتيار المنفتح بقيادة الجولاني، مع دعوات لعودة الحسبة وتكفير الإعلاميين والناشطين المدنيين.
- **هجوم على منظمة بنفسج:** التيار المتشدد يعترض على فعالية رياضية لذوي الاحتياجات الخاصة، ويكفر القائمين عليها من منابر المساجد.
- **احتمالات الصراع:** إما صراع مفتعل لإشغال المواطنين بمواضيع أخرى، أو صراع حقيقي بين تيارات الهيئة، مما يهدد جهود الجولاني في إظهار الهيئة كسلطة منفتحة.

بالتوازي مع الحراك المستمر منذ بداية العام الحالي في شمال غرب سورية ضد هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وزعيمها أبو محمد الجولاني، بدأت تظهر بوادر صراع يبدو أنه مفتعل بين التيارات المتشددة داخل الهيئة، والتيار الذي يتزعمه الجولاني الذي يحاول الظهور بمظهر المنفتح. وبدأت بعض الأصوات المتشددة داخل الهيئة تدعو إلى عودة الحسبة (دائرة تتبع لوزارة الأوقاف) التي كانت تراقب تحركات المواطنين وتتدخّل بخصوصياتهم وتحاسب على الاختلاط والتبرج وغيرها من الأفعال التي تعدّها غير شرعية من منظورها.

وشنّ التيار المتشدد في الهيئة هجوماً على منظمة بنفسج بسبب فعالية رياضية لذوي الاحتياجات الخاصة قامت بها المنظمة تجسيداً للألعاب البارالمبية، إذ اعترض هذا التيار على استخدام الشعلة الأولمبية ضمن تلك الفعالية، معتبراً إياها أحد طقوس عبادة النار. كذلك بدأ مشايخ التيار المتشدد بتكفير الإعلاميين والناشطين المدنيين من منابر المساجد، متهمين إياهم بأنهم يعملون من أجل الدولار ولا يعملون لقضية. وتناول خطباء المساجد في خطب الجمعة الماضية بالنقد والتكفير القائمين على فعالية منظمة بنفسج، رغم كل حملات التضامن معها، الأمر الذي يدل على أن موضوع الصراع داخل تيارات الهيئة صراع مفتعل، لكون موضوع خطبة الجمعة وما سيتناوله الخطيب فيها يُفرض من خلال تعليمات توزعها وزارة الأوقاف التابعة للهيئة على كل المساجد.

كل ذلك يقود إلى احتمالين لا ثالث لهما، الأول أن صراع التيارات داخل الهيئة صراع مفتعل لإشغال المواطنين بمواضيع أخرى جرى تجاوزها، وتحويلها إلى مطالب للحراك ضد الهيئة بديلاً للمطالب التي ينادي بها الحراك حالياً، ولا تستطيع الهيئة تنفيذها. أما الاحتمال الثاني، فهو أن يكون فعلاً هناك صراع بين تيار متشدد داخل الهيئة وتيار أقل تشدداً يقوده الجولاني. ولكن في حالة صحة هذا الاحتمال يكون التيار المتشدد في الهيئة لديه كثير من التأثير داخل الهيئة، بحيث يستطيع فرض ما يريد من قرارات من دون أن يكون لدى الجولاني وتياره القدرة على منع أي منها حتى ولو كان على مستوى توجيه خطبة جمعة، الأمر الذي ينذر بتدمير كل ما قام به الجولاني من عمليات تجميل لإظهار الهيئة سلطةً منفتحةً ومواكبةً لتطورات العصر، سواء لناحية التخفيف من مظاهر التشدد وإلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو لناحية تبني مطالب الثورة السورية، أو لناحية الانفتاح على الإعلام الغربي، ودعوة المؤثرين من أنحاء العالم كافة إلى زيارة مدينة إدلب، وغيرها من عمليات تجميل قام بها الجولاني. وبالتالي فإن وجود صراع حقيقي بالشكل الذي يظهر عليه بين تيارات الهيئة، من شأنه أن يتوسع داخل الهيئة، وأن يوسع الحراك ضدها، وأن يخلق ذرائع للقوى الخارجية للتدخل في شمال غرب سورية بحجة محاربة التطرف.