وصل اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، إلى موسكو، اليوم الثلاثاء، بعد أيام من زيارة أجراها نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكوروف، لبنغازي.
وجاءت زيارة حفتر لموسكو في الوقت الذي تواجه فيه مختلف الجهات الرسمية والشعبية في ليبيا تداعيات العاصمة "دانيال"، التي أدوت بحياة الآلاف من الأرواح في مناطق شرق ليبيا حيث تسيطر مليشياته.
وبحسب المكتب الإعلامي لقيادة مليشيات حفتر، فإن الزيارة جاءت "بناءً على الدعوة الواردة من دولة روسيا الاتحادية"، مشيراً إلى أن يفكوروف أجرى مراسم استقبال رسمي لحفتر في أثناء وصوله إلى موسكو.
وأشار المكتب الإعلامي إلى أن زيارة حفتر ستشهد "إجراء مباحثات مع المسؤولين الروس حول تطورات الأوضاع في ليبيا"، وكذلك بحث "العلاقات الثنائية بين البلدين وسُبل تعزيز دعمها وتطويرها والقضايا ذات الاهتمام المُشترك".
وكان يفكوروف قد زار بنغازي، في 16 سبتمبر/أيلول، في إطار سعي موسكو لتقديم الدعم للمناطق المتضررة من سيول وفيضانات العاصفة "دانيال". وبعد إعلان موسكو عدة إجراءات حيال تمرد مجموعة فاغنر زار يفكوروف بنغازي في 22 أغسطس/آب لمدة أسبوع، زار خلالها عدة مقارّ عسكرية تابعة لحفتر في بنغازي والرجمة.
ويُعَدّ حفتر حليف روسيا في ليبيا، إذ تنامت العلاقات بين الطرفين منذ عام 2017، عندما رست حاملة الطائرات الروسية الأميرال كوزنتسوف قبالة شواطئ بنغازي، وظهر حفتر على متنها. لاحقاً، استقبلت موسكو حفتر مرتين، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 وفبراير/شباط 2020، والتقى وزير الدفاع سيرغي شويغو، ووزير الخارجية سيرغي لافروف.
وعلى الرغم من تأكيدها مراراً وقوفها على مسافة واحد من أطراف الصراع الليبي وإعلانها في مارس/آذار الماضي إعادة فتح سفارتها في طرابلس ورغبتها في دعم خيار الحوار بين الأطراف المتصارعة وصولاً إلى الانتخابات، قدمت موسكو دعماً عسكرياً مباشراً لحفتر منذ عدوانه على العاصمة طرابلس خلال عامي 2019 و2020.
وساهمت مجموعات فاغنر في الهجوم قبل أن تنسحب إلى مدينة سرت، وسط شماليّ البلاد، إثر انكسار الهجوم، قبل أن تتمركز في نقاط عسكرية استراتيجية، ولا سيما في قاعدة الجفرة وسط الجنوب، وقاعدة الخروبة المحاذية لقاعدة الرجمة للمقر العسكري لحفتر في شرق البلاد، بالإضافة إلى وجودها في العديد من المناطق في الجنوب الليبي.
ورغم نفي موسكو أي وجود عسكري لها في ليبيا، إلا أن عدة عواصم إقليمية ودولية اتهمتها بالضلوع في أحداث وقعت في المنطقة انطلاقاً من قواعدها في ليبيا. ففي إبريل/نيسان 2021 اتهمت السلطات التشادية "فاغنر" بالمساهمة في دعم تمرد قوى تشادية أدى إلى مقتل الرئيس التشادي السابق انطلاقاً من قواعد المجموعة العسكرية المذكورة في ليبيا. كذلك، اتهمت أطراف دولية عدة، من بينها واشنطن، "فاغنر" بالمساهمة في تغذية الصراع في السودان، بدعم فصيل قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وبسبب علاقتها بـ"فاغنر" وحميدتي، أسهمت قيادة حفتر في دعم فصيل الأخير، إذ نقلت جواً، في 20 إبريل/نيسان الماضي عتاداً عسكرياً إلى المناطق القريبة من الحدود مع السودان، وفقاً لمعلومات أدلت بها في وقت سابق مصادر ليبية لـ"العربي الجديد"، موضحة أن قيادة حفتر سيّرت رحلتين جويتين يومي 17 و18 إبريل، محملتين بعتاد عسكري على متن طائرة من طراز ليوشن، من قاعدة الخروبة شرقي البلاد، إلى مطار قاعدة الكفرة، مروراً بقاعدة الجفرة.
وحظي الوجود الروسي في ليبيا باهتمام غربي، ولا سيما من جانب واشنطن التي أعلنت، في مايو/أيار الماضي، عقوبات على مجموعة فاغنر وقائدها، كذلك فإنها اهتمت بالاتصال بحفتر مباشرةً لمناقشة علاقته بـ"فاغنر".
وإثر تمرد "فاغنر" على القيادة الروسية، ووسط اعتقاد الكثير من المراقبين إمكانية تأثير التمرد في أوضاع حفتر، كشفت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية عن زيارة مبعوث روسي لحفتر في بنغازي، نقل له رسالة طمأنة من الكرملين، تفيد ببقاء أكثر من ألفي مقاتل وفني وناشط سياسي وإداري من "فاغنر" في ليبيا.