خيارات "قسد" بعد عشرة أعوام

13 أكتوبر 2024
مسلحون من "قسد" بدير الزور،4 سبتمبر 2023 (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

احتفلت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يوم الجمعة الماضي، بالذكرى العاشرة لتأسيس هذه القوات، بكونها ذراعاً عسكرية للإدارة الذاتية التي تسيطر على شمال شرقي سورية، فيما بات يعرف بمنطقة شرق الفرات. وجاء تأسيس هذه القوات بدعم أميركي لتكون أداة لدى قوات التحالف الدولي في محاربة تنظيم داعش. وتم تشكيل "قسد" ظاهرياً من مكونات سكانية مختلفة (أكراد، عرب، سريان...إلخ)، فيما يشكل قوامها الأساسي قوات تتبع لحزب الاتحاد الديمقراطي تقود قراراتها وتتحكم فيها، وهي وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، بالإضافة إلى بعض التشكيلات التي تتبع للحزب خارج إطار "قسد"، مثل قوات تحرير عفرين، وقوات الحماية الجوهرية والشبيبة الثورية وغيرها.

كما أن تعاطي حزب الاتحاد الديمقراطي، كأداة وظيفية في المنطقة، (قمع الثورة السورية في شمال شرقي سورية في بداياتها، وارتهانه للولايات المتحدة لاحقاً) جعل منه ومن قوات سوريا الديمقراطية هيكلاً وظيفياً مهدداً بالزوال فور انتهاء دوره الوظيفي، وفي الوقت نفسه كياناً معادياً لكل القوى المحيطة به. فهو من الشمال يواجه تركيا، التي تعتبره مهدداً لأمنها القومي، ومن الجنوب معادياً للنظام ولو بدرجة أقل، كونه قوة عسكرية خارج إطار المؤسسة العسكرية للنظام، ومن الشرق يختلف مع حكومة إقليم كردستان العراق التي تحتضن البشمركة السورية التابعة للمجلس الوطني الكردي السوري الحليف لتركيا، فيما يواجه غرباً فصائل المعارضة السورية الحليفة لأنقرة، والتي تعتبره معادياً للثورة السورية، الأمر الذي جعل وجود "قسد" مرتبطاً بوجود القوات الأميركية في المنطقة، وبرؤية واشنطن للحل السياسي في سورية ومدى تمسّكها بإعطاء "قسد" دوراً في هذا الحل.

الآن وبعد عشر سنوات من تشكيل "قسد"، وتبدّل الكثير من المعطيات في القضية السورية، تسعى قوات سوريا الديمقراطية ومن خلفها الإدارة الذاتية لأمرين أساسيين: الأول هو الاعتراف بـ"قسد" قوةً عسكريةً لها خصوصية في المنطقة، وإقرار هذا الاعتراف دستورياً ضمن أي حل سياسي. والثاني إعطاء الإدارة الذاتية دوراً سياسياً في أي حل مستقبلي، وهما أمران لم تستطع "قسد" تحقيقهما حتى الآن رغم الكثير من محاولات التفاهم، سواء مع النظام بهدف الاعتراف بقوات سوريا الديمقراطية قوةً عسكريةً ذات خصوصية ومنفصلة عن جيش النظام، أو مع قوى المعارضة بهدف الحصول على تمثيل ضمن هيئة التفاوض. يضع هذا الأمر "قسد" حالياً أمام مجموعة من الخيارات غير الواضحة، حتى بالنسبة لقيادتها كونها كلها خيارات تتعلق بالأطراف الأخرى، لعل أهمها بقاء الوضع على ما هو عليه، وهو خيار مرتبط ببقاء القوات الأميركية في سورية. والخيار الثاني هو إمكانية عقد اتفاق مع النظام، وهو يعتمد على قبول النظام بـ"قسد" والحاجة لها قوةً مساندةً له. فيما الخيار الثالث فهو التوصل إلى تفاهم مع تركيا بوساطة أميركية يبدد مخاوف أنقرة، وبالتالي التفاهم مع المعارضة ورسم خريطة جديدة للمنطقة. أما الخيار الأسوأ بالنسبة إلى "قسد" فهو قيام عملية عسكرية ضدها، سواء من خلال تركيا والمعارضة أو بتفاهم تركي مع النظام، وهذا الخيار يحتاج لضوء أخضر أميركي، وهو خيار يمكن أن يتحقق في حال انتهاء الدور الوظيفي لـ"قسد" بالنسبة لواشنطن.