نفّذ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) سلسلة جديدة من عمليات الإعدام الجماعية غرب العراق في منطقة أعالي الفرات، التي تقع على بُعد نحو 80 كيلومتراً غرب الرمادي، عقب سيطرته على بلدات جديدة، إثر هجوم واسع شنّه فجر أمس الثلاثاء استخدم خلاله انتحاريين وأعداداً كبيرة من العناصر، كشفت مصادر محلية أنه استقدمها من سورية. ويأتي الهجوم الجديد للتنظيم في محاولة يرى مراقبون أنها ردٌ من التنظيم على خسارته أجزاء واسعة من الرمادي عاصمة المحافظة.
وقال ضابط في الجيش العراقي لـ"العربي الجديد"، إن التنظيم هاجم فجر أمس بقوات كبيرة استقدمها من هيت والموصل والبوكمال السورية، مدينة حديثة والمدن المجاورة له، وتمكّن مستغلاً ظروف الطقس وانعدام الرؤية في مناطق مختلفة من غرب الأنبار، من السيطرة على بلدات السكران وبروانة ومدخل الحقلانية. ولفت إلى أن "داعش" استخدم عشر عربات عسكرية مفخخة يقودها انتحاريون في الهجوم الذي أعقبه هجوم لمقاتليه على مواقع الجيش و"الصحوات"، خصوصاً اللواء 75، ما أجبر القوات العراقية على التراجع إلى داخل مدينة حديثة والجزء الشرقي من الحقلانية والتحصّن فيها، فيما سيطر "داعش" على تلك البلدات.
وحول مشاركة الطيران الدولي في المعارك، أوضح الضابط العراقي أن "مقاتلات أميركية وصلت متأخرة إلى المنطقة كونها موجودة في قاعدة خارج العراق، وتطلَّب استدعاؤها وتلبية النداء أكثر من أربع ساعات، وكان الموقف على الأرض قد حُسم تقريباً"، وفقاً لقوله.
اقرأ أيضاً: خطة حكومية عراقية لتدارك الموقف في الرمادي
من جهته، كشف الشيخ محمد سعود العبيدي، أحد زعماء القبائل، تنفيذ "داعش" سلسلة إعدامات ميدانية بحق أبناء عشيرة الغرير بعد الدخول إلى بلدة السكران والسيطرة عليها. وأوضح العبيدي أن "داعش" أعدم عدداً كبيراً من أبناء العشيرة بعد دخوله البلدة وتحديداً في المجمّع السكني في المدينة وفي الشوارع بتهمة القتال في صفوف "الصحوات"، لافتاً إلى أن جثث الضحايا يعود بعضها لمراهقين ولا تزال على الطرقات، معرباً عن تخوّفه من مجازر أخرى بحق عشيرته (العبيد) وعشيرة الجغايفة في حال تمكّن التنظيم من دخول مدينة حديثة.
إلى ذلك، أكد شيخ عشيرة البومحل والقيادي في العشائر، عاشور جلو، سيطرة تنظيم "داعش" على منطقة السكران وقرة وبلدات أخرى، لافتاً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن التنظيم شنّ هجوماً عنيفاً على بلدتي السكران وبروانة وفرض حصاراً على مدينة حديثة تمهيداً للسيطرة عليها.
ودعا جلو إلى تدخّل أميركي ودولي عاجل للحد من تمدّد نفوذ "داعش"، مؤكداً أن عشائر الأنبار ترحب بأية قوة برية أو جوية تساعدها على تحرير مناطقها، مطالباً بإنزالات جوية أميركية في المناطق التي سيطر عليها التنظيم، وتكثيف ضربات طيران التحالف الدولي. وأشار القيادي العشائري إلى جود دعم قوي لتنظيم "داعش" غربي الأنبار من الأراضي السورية، معتبراً أن الضربات الجوية وحدها القادرة على الحد من هذا الزخم.
في سياق متصل، أكد رئيس بلدية حديثة مبروك حميد، أن الوضع في مدينته خطير جداً بسبب وصول أرتال كبيرة تابعة لتنظيم "داعش" إلى المنطقة، مطالباً الحكومة المركزية بالتدخّل العاجل لإنقاذ المناطق الغربية من محافظة الأنبار من السقوط بيد التنظيم، لافتاً إلى وصول مقاتلات تابعة للتحالف لدعم خطوط القوات العراقية في التصدي للتنظيم.
ويمثّل الشتاء العراقي وما يحمله من رداءة في الطقس واستمرار هطول الأمطار وانعدام الرؤية بسبب الضباب، خصوصاً في الجزء الغربي من العراق، عاملاً مساعداً لتنظيم "داعش" الذي يتمكّن من استغلاله للتحرك من دون الخوف من الطيران الدولي أو العراقي بسبب عدم قدرة الطائرات على رصد عناصر التنظيم في مثل تلك الأجواء.
ووفقاً للخبير بشؤون الجماعات المسلحة في العراق، العقيد المتقاعد سامي عبد الرحمن، فإن هجوم التنظيم أمس يمثّل رد فعل على خسارته أجزاء من الرمادي. ولفت عبد الرحمن إلى أن الهجوم تركّز على مقاتلين قدموا من سورية بكامل نشاطهم ومعنوياتهم، يقابلهم الجيش العراقي والعشائر الذين أمضوا عامين في القتال والمقاومة، فضلاً عن عامل الجو وسلاح المفخخات والهجمات الانتحارية، معتبراً أن تفاؤل القادة العراقيين في مواقفهم وتصريحاتهم عقب معركة الرمادي خطأ كبير استغله "داعش" بشكل ذكي ومحرج في الوقت نفسه للحكومة العراقية.
اقرأ أيضاً: "داعش" يستأنف حربه في الرمادي... ضربة أمنية ومعنوية