دراسة فلسطينية: 3 سيناريوهات لانهيار السلطة و"حماس" الرابح الأكبر

22 فبراير 2014
هدف الدراسة وضع خطط لتفادي تبعات الإنهيار
+ الخط -

كشفت دراسة بحثية فلسطينية أعدّها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله عن مخاوف متزايدة تنتاب الفلسطينيين بشأن احتمال انهيار السلطة الوطنية الفلسطينية.

وانطلق المشاركون في الدراسة، التي حملت عنوان "مبـادرة الـيوم الـتالي: إمكانيات ونتائج انهيار أو حل السلطة الفلسطينية والتداعيات السياسية لذلك"، في وضع تصوراتهم لـ"اليوم التالي" لانهيار السلطة من ثلاث فرضيات - سيناريوهات لانهيارها.

الفرضية الأولى: انهيار السلطة تحت وطأة الضغوط الداخلية التي تنعكس بتفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية المؤدية إلى تصاعد الإحباط والغضب الشعبي، وما ينجم عنه من إضرابات وتظاهرات وعودة "الميليشيات المسلحة".

والفرضية الثانية: احتمال انهيار السلطة بسبب العقوبات الإسرائيلية - الأميركية، التي من الممكن أن تفُرض على السلطة في حال فشلت عملية التسوية. وحينها ستقرر السلطة تحدي الوضع القائم وتغييره بالذهاب إلى الأمم المتحدة واتخاذ خطوات أخرى تغضب إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.

لكن الفرضية الثالثة، بحسب الدراسة، تتمثل في قيام السلطة الفلسطينية بحل نفسها لإجبار إسرائيل على تحمل مسؤوليتها كاملة كقوة محتلة.

وعلى الرغم من أن أحد منطلقات الدراسة واستنتاجاتها هو أن بقاء السلطة الفلسطينية مصلحة مشتركة لجميع الأطراف، أي السلطة نفسها والاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأميركية مجتمعين، خلصت الدراسة، التي نشرت مطلع الشهر الحالي، إلى أن انهيار السلطة أو حلّها سيوجه ضربة مدوّية لكل جهود المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس".
ورأت أنه في حال حدوث هذا الأمر، ستخضع الضفة الغربية لاحتلال إسرائيلي كامل، ما يعني تعريض نهج "فتح" في حل الصراع مع إسرائيل إلى ضربة قاصمة، بينما ستكسب "حماس" مصداقية أكبر، ما سيتيح لها الفرصة لاستعادة قوتها التي فقدتها منذ الاستيلاء على قطاع غزة عام 2007.

ومن أسوأ السيناريوهات لحل السلطة أو غيابها، بحسب الدراسة، الانهيار المتوقع للقانون والنظام العام وتلاشي أكثر من ثلاثة مليارات دولار من الإنفاق العام. يضاف إلى ذلك، انهيار تدريجي لنظام العدالة وتراجع الخدمات مع ارتفاع معدلات الجريمة والفقر، ووجود فصائل مسلحة ستطبّق القانون بأيديها، ما سيعزز من فرص وقوع أحداث عنف داخلية، وفلسطينية ــ إسرائيلية.

والهدف من الدراسة، بحسب المركز، هو وضع خطط لتفادي أسوأ التبعات في اليوم التالي على انهيار السلطة، فالسيناريوهات غير مهمة مقارنةً بما سيحصل في "اليوم التالي".

وشارك في الدراسة 115 شخصاً من الخبراء والشخصيات السياسية والأكاديمية ورجال الأعمال الفلسطينيين. وتولت كل مجموعة بحث قطاع/قضية وما سيترتب على وجوده وعمله من نتائج في اليوم التالي لانهيار السلطة.

ومن أبرز هذه القطاعات والقضايا: الأمن، الاقتصاد، الصحة، التعليم، نظام العدالة، العلاقات بين "فتح" و"حماس"، ومستقبل حل الدولتين. وتم تقديم كل الأوراق البحثية باللغة العربية وتُرجمت إلى اللغة الإنكليزية، اذ نُفّذت الدراسة بالتعاون مع مشرع الشرق الأوسط للولايات المتحدة "USMEP" والمركز النرويجي لمصادر بناء السلام "NOREF".

مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، خليل الشقاقي، ينفى لـ"العربي الجديد"، "أن يكون الدافع وراء إعداد الدراسة في الوقت الراهن هو مفاوضات السلام التي استؤنفت بين الفلسطينيين والإسرائيليين نهاية تموز/يوليو الماضي لمدة تسعة أشهر، كما أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، مراراً وتكراراً أمام وسائل الإعلام".

ويقول: "لقد بدأنا إعداد هذه الدراسة بداية العام الماضي، أي قبل استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بأشهر طويل، ولم تُجر هذه الدراسة بأي إيعاز سياسي من أي طرف".

ويؤكد الشقاقي "هناك منطلق جدي، وهو أنه بعد عشرين عاماً على اتفاقية أوسلو فإن عملية السلام بين الفلسطينيين والإٍسرائيليين في طريقها للفشل".

وحول نتائج الدراسة يقول الشقاقي: "السلطة الفلسطينية مصلحة مشتركة لجميع الأطراف، لكن احتمال انهيار عملية التسوية أو أن يحصل اختلاف في قيمة المصلحة لكل طرف من الأطراف قد يدفع كل طرف إلى اتخاذ خطوات للضغط على الآخر".

ويضيف "في حال فشلت المفاوضات وقامت الولايات المتحدة وإسرائيل بالضغط على السلطة وانهارت، فإن الطرف الفلسطيني سيكون أمام خيارات صعبة وسيضطر لتغيير الأمر الواقع الذي فرض عليه، وسيرى حينها أنه ليس لديه ما يخسره".

ويستشهد الشقاقي بدراسة للرأي العام الفلسطيني، أجراها مركزه في الفترة الأخيرة، كشفت أن 70 في المئة من المواطنين المشاركين في الاستبيان مع ذهاب القيادة الفلسطينية إلى ملاحقة إسرائيل عبر مؤسسات الأمم المتحدة في حال فشلت المفاوضات الجارية.

من جهته، يقول المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم، وهو أحد المشاركين في بحث الآثار المترتبة على انهيار القطاع الاقتصادي: "نحن نتكلم عن عملية افتراضية لانهيار السلطة. في اليوم التالي للانهيار سيكون هناك زلزال اقتصادي، واضطراب كبير سيؤدي إلى خلط الأوراق بكل بساطة".

ويضيف "رغم قناعتي أن وجود السلطة من مصلحة كل الأطراف، إلا أنها لن تنهار بفعل خارجي، ستبقى السلطة ضعيفة وبخيارات غير مريحة".

وأوصت الدراسة السلطة الفلسطينية، لاستباق أسوأ العواقب المحتملة في حال الانهيار، ولتكون أكثر قدرة على التعامل مع الواقع الجديد، بضرورة القيام بخطوات عملية مثل تشكيل حكومة في المنفى، وإنشاء مؤسسات محلية مستقلة في القطاعات المختلفة لبلورة هيئات تنظيمية بديلة عند غياب السلطة الفلسطينية، الأمر الذي سيحد من الأضرار المتوقعة إذا ما أصبح أحد السيناريوهات الثلاثة أمراً واقعاً وانهارت السلطة.