في كواليس المسرح العبثي لـ"سورية الأسد"، "صموداً" و"صبراً" على الاحتلال الإسرائيلي، وآخرها قصف مطار دمشق، يعترف بعض "محور الممانعة" بأن ضجيج "الرد" لا يعدو أن يكون أبعد من تمديد إضافي لنظام بشار الأسد.
سجال "الرد" اتخذ، أخيراً، طابعاً أكثر احتقاراً للكليشيهات القديمة، أيام "الصمود والتصدي". فبقاء الحاكم، رغم الهزائم والاحتلال منذ 1967، يُصنَّف "انتصاراً" و"ممانعة". وأمام غياب "شرش الحياء" لدى بعض "المحور" نصبح وسط عبثية جديدة: "عدم الانجرار إلى التوريط" في الرد على الاحتلال.
وإذا كانت نخب عربية وسورية قد ظلت لسنوات تتجنب تشخيص المرض السوري كما هو، بكل تفاصيل الوصول إلى الحالة الكارثية، فإن الوقائع باتت تتجاوز الجميع. نعم، ليس تفصيلاً قصف مطار عاصمة عربية، وهو ليس الأول. في المقابل، ماذا قدمت أوركسترا تبرير تدمير نظام البراميل المتفجرة لمدن السوريين وحياتهم غير كوارث المقاربات؟
منذ ما قبل قصف موقع "الكبر" في دير الزور في 2007، واغتيال عماد مغنية في 2008، ظلت "الرسائل" تقول: هذه رسالة لبشار الأسد. ولم تساهم النخب المبتعدة عن تشخيص حقيقي للواقع إلا بدفع مزيد من الناس إلى البحث عن حقيقة "الممانعة" وأهدافها.
ومع ذلك، ظل سيف التخويف بتهمة "الطائفية" مصلتاً للابتعاد عن تناول كوارث الواقع وظلامية المستقبل. فحين يحيل جنرالات طهران الواقع العربي إلى تعددية مليشياوية، رغم شعارات "العروبة"، بالطبع تصبح عبارة "محو إسرائيل في دقائق" شعاراً تهكمياً آخر في الشارعين السوري والعربي. فسيف التزوير ساهم للأسف في إنكار بعض "النخب" لحقيقة انعكاس "الممانعة" على الأجساد الهزيلة والأوطان المفككة.
الحقيقة المرة، التي لا يمكن شطبها بالرغبات، بمقدماتها المتراكمة تنتج هذه الكوارث، التي تحول قصف الاحتلال روتيناً من "الرسائل" إلى نظام مرضي عنه من تل أبيب، بشرط بسيط يتعلق بتقليم أظفار منافستها طهران، لا أكثر ولا أقل.
لعل المصائب الحالية تنطبق عليها مقولة: "الطغاة يجلبون الغزاة"، بغضّ النظر عن قائلها. والتمعن بالحالة السورية، وغيرها، لا يبشر بنتائج مغايرة.