رحّب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، مساء الخميس، في رد على سؤال لـ "العربي الجديد"، خلال مؤتمره الصحافي اليومي، بقرار هيئة المحلفين الأميركية التي وجدت الشرطي ديريك شوفين مذنباً بجميع تهم القتل الموجهة إليه في قضية الأميركي الأسود جورج فلويد.
وكان دوجاريك يرد على أسئلة عن الموضوع وما إذا كان يدعم مطالب المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليه، التي ناشدت القيام بإصلاحات في أجهزة وأساليب تدريب الشرطة الأميركية وحول العالم.
وأكد دوجاريك دعم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، لموقف المفوضية السامية، وذكّر بتصريحات سابقة له كان قد تحدث فيها عن وجود الكثير من الحالات الموثقة لعنف الشرطة في الولايات المتحدة وحول العالم، مؤكداً ضرورة التحقيق في جميعها.
ولفت الانتباه إلى "ضرورة أن تحصل قوات الشرطة على تدريبات ملائمة تشمل قضايا حقوق الإنسان، وأن تستثمر في تدريب قواتها على النحو الصحيح لكي تتمكن من حماية مجتمعاتها، وهذا ينطبق على الولايات المتحدة وحول العالم".
وكانت باشيليه قد رحبت بقرار هيئة المحلفين، واصفة إياه بأنه بالغ الأهمية في طريق تحقيق العدالة، بعدما توبع شوفين أمام المحكمة بتهم القتل والقتل غير العمد والعنف المتعمد الذي أدى إلى وفاة فلويد عندما ضغط بركبته على رقبة الأميركي من أصل أفريقي، البالغ من العمر 40 عاماً، أكثر من تسع دقائق في 25 مايو/ أيار 2020.
وقالت باشيليه في بيانها، الذي وصلت إلى مكتب "العربي الجديد" في نيويورك نسخة منه: "وجدت هيئة المحلفين أن الأدلة في هذه القضية كانت واضحة. إن أي نتيجة أخرى كانت ستعني الاستهزاء بالعدالة".
ولفتت إلى أنه في الوقت ذاته هناك أعداد لا تحصى من الضحايا من أصول أفريقية وعائلاتهم، في الولايات المتحدة وحول العالم، ما زالوا يحاربون من أجل العدالة. وتحدثت، في هذا السياق، عن استمرار معاناة الضحايا وعائلاتهم والصعوبة التي يواجهونها من أجل مجرد الحصول على جلسات استماع أمام المحاكم للقضايا المتعلقة باستخدام الشرطة القوة المفرطة أو القتل، فضلاً عن كسب تلك القضايا الذي يواجه الكثير من العراقيل.
وأكدت باشيليه ضرورة "إنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل ضباط الشرطة، ونحن بحاجة إلى رؤية تدابير صارمة لمنع المزيد من عمليات القتل التعسفي." ومضت تقول: "كما شهدنا بشكل مؤلم في الأيام والأسابيع الأخيرة، لا تزال الإصلاحات في إدارات الشرطة في جميع أنحاء الولايات المتحدة غير كافية لمنع قتل الأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي على يد قوات الشرطة"، داعية إلى ضرورة الانتقال من الحديث عن الإصلاحات إلى إعادة التفكير وبشكل منهجي بالطريقة التي يجري بها حالياً ضبط الأمن في الولايات المتحدة وحول العالم.
وقالت باشيليه إنّ قضية جورج فلويد أوضحت، أكثر من أي وقت مضى ربما، الجهد الذي لا بد من بذله من أجل عكس مسار العنصرية المنهجية التي تدخل بكل تفاصيل حياة المنحدرين من أصول أفريقية، مشددة على ضرورة أن تكون هناك مقاربات حكومية ومجتمعية في الولايات المتحدة لتفكيك العنصرية المنهجية.
ولفتت إلى أن هناك خطوات مهمة يجري الآن العمل عليها في الولايات المتحدة تحاول معالجة ذلك، مؤكدة في الوقت ذاته ضرورة تسريع تلك الجهود وتوسيعها، وضرورة العمل من أجل ألا تخبو شعلتها، عندما لا تعود هذه المواضيع مركزية للرأي العام.
ودعت المسؤولة الأممية إلى إجراء مراجعة نقدية للسياق الذي حدث فيه مقتل فلويد من خلال إعادة النظر في الماضي، وفحص آثاره السامة في مجتمع اليوم. وخلصت إلى أنه "لا يمكن إعادة تصميم مستقبلنا إلا من خلال المشاركة الكاملة والمتساوية للمنحدرين من أصل أفريقي، وبطرق تغير تفاعلاتهم مع أجهزة الشرطة، وعلى نطاق أوسع، في جميع جوانب حياتهم".
وأكدت ضرورة وضع ما يحدث اليوم في سياقه التاريخي الأوسع، أي العبودية والعنصرية المتجذرة والاستعمار، قائلة إن "الإرث الراسخ للأنظمة التمييزية، بما فيها تركة الاستعباد وتجارة الرق عبر المحيط الأطلسي، كما تأثير الاستعمار، يجب أن تقتلع من جذورها بشكل حاسم بغية تحقيق العدالة والمساواة".
وحذرت من أنه في حال عدم اقتلاعها، فإن المحاكمة في قضية فلويد ستكون مجرد لحظة عابرة وصدفة من السماء، وليست نقطة تحول جذرية.