كشفت صحيفة "هآرتس"، اليوم الثلاثاء، أنّ رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" رونين بار، أجرى، أمس الاثنين، اتصالات ولقاءات مع رؤساء الأحزاب السياسية في إسرائيل، في المعارضة والائتلاف الحكومي، ودعاهم إلى خفض التوتر والعمل على تهدئة الجدل الداخلي.
وجاءت اتصالات رئيس "الشاباك" مع رؤساء الأحزاب عشية التصويت على جملة قوانين "الانقلاب القضائي"، وإضعاف المحكمة الإسرائيلية العليا وتحديد صلاحياتها.
وأضافت "هآرتس" أنّ اتصالات بار ولقاءاته جاءت في ظل تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بأنّ الأوضاع الداخلية في إسرائيل "هشة"، ويمكن لها أن تؤدي إلى غليان يهدد "استقرار الدولة".
وجاء الكشف عن تحذيرات بار هذه، بعد أيام قليلة من تصريحات علنية للمفتش العام للشرطة الإسرائيلية يعقوب شبتاي، مطلع الأسبوع، بشأن تزايد مخاوف الأجهزة الأمنية من وقوع اغتيال سياسي جديد في إسرائيل، منذ اغتيال إسحاق رابين في عام 1995 على خلفية اتفاقيات أوسلو.
وأعلن شبتاي، السبت، أنّ جميع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مستنفرة لتفادي جريمة اغتيال سياسي، مشيراً، في مقابلة تلفزيونية، إلى تشكيل طاقم خاص وظيفته الأساسية مراقبة ومكافحة التحريض ضد شخصيات عامة، على أن ترأس هذا الطاقم، رئيسة قسم التحقيقات في الشرطة، العميد شلوميت لاندس.
وتزامن هذا الإعلان مع نشر "هآرتس"، الأسبوع الماضي، نقلاً عن مصادر رفيعة في الشرطة، أنّ عناصر "القسم اليهودي" في الشاباك ينتشرون إلى جانب عناصر الشرطة في تظاهرات الاحتجاج ضد "الانقلاب القضائي" الذي تقوده حكومة نتنياهو، تحت مسمى "إصلاح الجهاز القضائي".
وتخشى الأجهزة الإسرائيلية، من إمكانية قيام عناصر من اليسار المتطرف، بحسب تعبيرها، بمحاولة المسّ بمؤسسات للدولة، حيث وسعت هذه الأجهزة من نشاطها في متابعة أوساط تعتبرها "فوضوية" من اليسار المتطرف.
وكان رونين بار، قد أبلغ المفتش العام للشرطة، قبل أكثر من أسبوعين، بأنّ جهاز "الشاباك" رصد ارتفاعاً في مستوى التحريض ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وضد شخصيات عامة، في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتأتي هذه التحذيرات أيضاً بعد أن أقرّ الكنيست، بعد منتصف الليلة الماضية، بالقراءة الأولى، المرحلة الأولى من "الإصلاحات القضائية"، وتتضمن إلغاء صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا في نقض وإلغاء قوانين أساسية يسنّها الكنيست، ويتعلق الأمر الآخر بتغيير تشكيلة لجنة تعيين القضاة، بما يمنح الحكومة أغلبية في اللجنة.
وترافق هذه العمليات، تظاهرات إسرائيلية واسعة لمعارضي هذه التشريعات، كانت آخرها التظاهرة التي نظمت، أمس الاثنين، أمام مبنى الكنيست قبل بدء التصويت على القوانين الجديدة، وشارك فيها عشرات الآلاف من المتظاهرين.
ويعتبر معارضو التشريعات القانونية بأنها "انقلاب" يغير النظام الإسرائيلي كلياً، ويحوّل إسرائيل إلى دولة ديكتاتورية.
وأمس، شبه نائب رئيس الموساد السابق، عضو الكنيست رام بن براك، هذه التشريعات بأنها لا تختلف عن التشريعات التي جرى سنّها في ألمانيا عشية صعود أدولف هتلر إلى الحكم، وقال بن براك إنّ "النازيين في ألمانيا كانوا قد صعدوا إلى الحكم أيضاً بطرق ديمقراطية".
وسبق لنائب رئيس الأركان السابق، يئير غولان، أن حذر في عام 2019 من أنّ العمليات الجارية في إسرائيل تشبه تلك التي شهدتها ألمانيا في الثلاثينيات من القرن الماضي.
وتواجه حملة التشريعات الجديدة معارضة شديدة أيضاً من قبل الجهاز القضائي، وقيادات في الجيش، ترى أنّ تغيير النظام القضائي في إسرائيل، وتقليص صلاحيات المحكمة العليا، وإخضاع تعيين القضاة كلياً للحكومة، يعرّض الأمن القومي الإسرائيلي للخطر، كما يعرّض قادة وضباط الجيش لخطر ملاحقتهم قضائياً في العالم بفعل جرائم الحرب التي ارتكبوها.
ويحذر قادة المؤسسة العسكرية والأمنية من تراجع دافع التجنيد، لا سيما للوحدات القتالية، وتراجع الاستعداد لأداء خدمة الاحتياط، وتراجع المناعة القومية.
كما تؤكد القطاعات الاقتصادية المختلفة، خطر تضرر الاقتصاد الإسرائيلي من تمرير هذه التشريعات، وتعزز مخاطر سحب الاستثمارات الأجنبية من إسرائيل، عدا عن بدء شركات كبيرة بنقل حساباتها إلى الخارج، حيث أشارت تقارير إلى أنه جرى إلى الآن إخراج نحو 4 ونصف مليار دولار من أموال شركات سيبرانية، وشركات أخرى.
وتحذر أوساط اقتصادية أيضاً من خطر خفض التصنيف الاعتمادي لإسرائيل، فيما ترى أوساط أخرى أنّ هذه التشريعات ستجعل إسرائيل أقل استقراراً.
في المقابل، يحاول نتنياهو وأركان ائتلافه، الادعاء بأنّ "الديمقراطية" في إسرائيل لن تتأثر، وأنه لا يزال هناك متسع من الوقت للوصول إلى حوار مع المعارضة قبل إتمام تشريع مجمل قوانين "الإصلاحات القضائية"، وفق ما أعلنه نتنياهو، أمس الاثنين، قبيل التصويت في الكنيست بساعات.
وأكدت المعارضة ممثلة بزعيمها، يئير لبيد، أنه لا مجال للحوار بموازاة استمرار عمليات التشريع.