رئيس الوزراء العراقي يدعو الكتل السياسية إلى التحاور والابتعاد عن لغة التخوين والإقصاء
حذر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، من استمرار التشنج السياسي والانجرار نحو الفتنة والتصادم، داعيا الكتل السياسية إلى الحوار والتفاهم من أجل العراق والعراقيين، والابتعاد عن لغة التخوين والإقصاء.
يأتي ذلك في ظل وضع متأزم في البلاد، إذ دخل أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، اليوم السبت، المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان وسط العاصمة العراقية بغداد للمرة الثانية خلال 72 ساعة، في احتجاجات دعت إليها قيادة التيار لمنع انعقاد جلسة البرلمان الخاصة باختيار رئيس الجمهورية.
وقال الكاظمي في كلمة مسجلة: "أتوجه إليكم في هذا الظرف الحسّاس جداً، بكل صدقٍ ومحبة، وفي هذا الشهرِ المقدس والمحرم، ونحن شعبٌ عُرف عنه الإيمان بالقيم والمبادئ السامية الكريمة، نعفو ونصفحُ لأجل الأخوّة والمساواة، ولأجل الهدف السامي الإنساني والوطني"، مؤكدا أن "هذا الشعب يستحقُ منا ردَّا يليق بحجم هذه التضحيات".
وأضاف "شعبُنا تواقٌ إلى الحياة بعيدا عن الفتنة والدم والاقتتال والانتقام والتناحر، والحقد والكراهية، ويتطلع لمستقبل يوازي حجمَ التضحياتِ والمعاناة التي مر بها"، داعيا إلى أن "تجلسَ الكتل السياسية وتتحاور وتتفاهم من أجل العراق والعراقيين، ويجب الابتعاد عن لغة التخوين والإقصاء، ويجبُ التحلي بروحٍ وطنيةٍ عالية وجامعة، فألفُ يومٍ من الحوارِ الهادئ خيرٌ من لحظة تُسفك فيها نقطة دمٍ عراقي".
ومضى قائلاً: "أدعو الجميعَ إلى التحلي بالهدوء والصبر والعقلانية، وعدمِ الانجرارِ إلى التصادم، وأدعو المواطنينَ إلى عدمِ الاصطدامِ مع القوى الأمنيةِ واحترامِ مؤسسات الدولة، ويجبُ أن نتعاون جميعا لنوقفَ من يسرعُ هذه الفتنةِ، والكلُ يجب أن يعلمَ جيداً أن نارَ الفتنة ستحرقُ الجميع"، مشيرا إلى أن "الظرف صعبٌ جداً، وهذه حقيقةٌ مرة مع الأسف الشديد، وعلينا أن نتعاون وأن نتكاتف جميعا، حتى لا ندفعَ بأنفسنا إلى الهاوية. علينا أن نحكّم عقولنا وضمائرنا ووجدانَنا، ونلتف حول العراق والعراقيين، لا حول المصالح الضيقة".
وشدد على أن "الجميع يتحمل المسؤولية...الأحزاب والطبقة السياسية والقوى الاجتماعية وسائر المؤثرين.. علينا أن نقولَها، نعم، الجميع، وعلى الجميع أن يتصرفَ وفقَ قواعد الحكمة والبصيرة من أجل العراق، حتى لا نخسرَ مجدداً".
وأضاف "سنتحملُ المسؤولية، وحاضرون لنفعلِ أي شيءٍ من أجل العراق، ودونَ تردد.. المعضلةُ سياسية، وحلُها سياسي، والحل ممكنٌ عبر الحوار الصادق البناء، وتقديم التنازلات من أجل العراق والعراقيين"، محذرا من "استمرارِ التشنجِ السياسي، حتى لا تنفجر ألغام سعينا طوال العامين الماضيين في تفكيكها بهدوء".
الحكيم: لحوار مفتوح مباشر
من جهته، دعا رئيس تيار الحكمة الوطني "ضمن الإطار التنسيقي" عمار الحكيم، التيار الصدري وقوى "الإطار" إلى الدخول في حوار مفتوح مباشر.
وقال الحكيم في بيان، إن "الوضع العراقي الحرج الذي تمر به الساحة الداخلية اليوم يتطلب من الجميع تغليب لغة العقل والمنطق والحوار والتنازل للعراق وشعبه، من هنا نوجه بقلب صادق ونية حسنة الدعوة المفتوحة للإخوة في التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي للدخول في حوار مفتوح مباشر وبناء تحت سقف الوطن والمصلحة الوطنية وحفظ الدم العراقي".
وأضاف: "حوار يتم التأكيد فيه على تطمين كل طرف للآخر بعدم وجود نية لإلغاء أحد على حساب آخر، كما نجدد تأكيدنا الدائم باعتبار الحوار السبيل الأوحد والأقرب والأقصر ولا سبيل غيره للوصول إلى الحلول المناسبة والناجعة ﻹنقاذ البلد واتقاء الانزلاقات التي تؤدي بالوطن إلى ما لا تحمد عقباه".
العامري: لضبط النفس
رئيس تحالف الفتح، هادي العامري، دعا أيضا "الإطار التنسيقي" والتيار الصدري إلى الحوار واعتماد نهج "التهدئة وضبط النفس والتأني"، وقال العامري في بيان "إلى جميع الإخوة في الإطار التنسيقي والتيار الصدري، أدعوكم جميعا إلى اعتماد نهج التهدئة وضبط النفس والتأني، وترجيح أسلوب الحوار والتفاهم البناء من أجل تجاوز الخلافات، التي مهما كانت فهي قابلة للحل والتفكيك بهدوء وبعيدا عن الانفعالات".
وأضاف أن "كل ما جرى لغاية الآن يدور في حدود الممارسة الديمقراطية، إلا أن شعبنا ينظر بخوف وحذر إلى ما يمكن أن تجره الأوضاع الحالية من فتنة، وما يمكن أن يسببه الانفلات من إراقة للدماء"، داعيا "جميع المعنيين بهذه الأزمة إلى البدء بتهيئة الحلول السلمية التي تلبي المطالب السياسية على أساس التفاهم والتنازلات المتبادلة واحترام الدستور والقانون".
ويضغط أنصار الصدر على مجلس القضاء الأعلى، الذي يرون أنه متواطئ مع الأحزاب والكيانات ضمن تحالف "قوى الإطار التنسيقي"، فيما يعتبر مراقبون أن الصدريين حولوا الأزمة السياسية إلى الشارع، وهي مرحلة جديدة من مراحل العمل السياسي في العراق.
وقد دعا "الإطار التنسيقي" أنصاره اليوم السبت، إلى التظاهر السلمي "دفاعا عن الدولة وشرعيتها ومؤسساتها، وفي مقدمتها السلطة القضائية والتشريعية، والوقوف بوجه هذا التجاوز الخطير والخروج عن القانون والأعراف والشريعة".