أظهرت رسالة صوتية موجهة من مستشار وزارة الداخلية في بغداد، والقيادي بمنظمة "بدر"، مهدي الفكيكي، إلى زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، تحريضاً من الأوّل على رفض تمرير البرلمان لتعديل قانون الإقامة في العراق المتضمن تصويب وضع الجالية الفلسطينية التي حرمت منذ سنوات من حق التعليم والصحة والتوظيف والتموين الغذائي بعد إلغاء البرلمان السابق لقرار 202 المعمول به قبل الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، والذي ينصّ على "منح الفلسطيني حقوق العراقي في التعليم والصحة والسكن والتوظيف لحين تحرير كامل التراب الفلسطيني".
ويسرد الفريق الفكيكي ما يصفها بـ"المؤامرة"، مستعملاً مصطلحات طائفية مختلفة طوال مدة التسجيل، بشأن ما يعتبره خطورة القانون الذي يتيح للفلسطينيين الإقامة في العراق بشكل دائم، مطالباً زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري بـ"التحرك مع نواب التحالف لإفشال تمرير تعديل قانون إقامة الأجانب رقم 76، والذي كان من المنتظر التصويت عليه خلال الجلسة المقبلة للبرلمان، بإضافة فقرة تصوب أوضاع آلاف الفلسطينيين في العراق الذين ألغيت كافة امتيازاتهم خلال الدورة البرلمانية السابقة".
وبرّر اعتراضه على القانون الجديد بالقول: "الآن أمام البرلمان مقترح توطين الفلسطينيين... الحلبوسي (رئيس البرلمان) وظافر العاني (النائب في البرلمان) قدما قانونا وراح (سوف) يمشي، كل فلسطيني له 10 سنوات يأخذ حقوق العراقي بالإقامة وهذه القضية ترتبط بإسرائيل. إسرائيل لم تعطهم توطين فكيف نعطيهم نحن، بعضهم فدائي صدام وبعضهم من الناس اللي قاتلونا". وتابع "وين صايرة الفلسطيني يصير حاله حال العراقي يبيع ويشتري ويرث ويستورث، بهذه الحالة هاي مؤامرة على (...) حتى يزيدوا العدد". ويضيف "للأسف الإقليم (إقليم كردستان) دمرنا شكو فلسطين شكو سوري يدخل من الإقليم ويدخل بعدها بغداد. وعلوا (يا ريت) من الشيعة هم من فدائي صدام والفلسطينيين أيضاً، أتمنى اخوتنا يثقفون على الموضوع".
وتابع: "سنزرع لغماً داخل العراق"، مخاطباً زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري بقوله "حجينا يا ليت تهتم الموضوع وأعرفك مشغول بالانتخابات، لكن خلي نتلاحك وجماعتنا يتحركون ويمنعون يصوتون عليه"، كاشفاً عن ترحيل 43 ألف شخص مقيم أجنبي خلال سنة واحدة من العراق، بينهم عرب، دون ذكر أي تفاصيل أخرى حول ذلك.
وتمارس عدة أطراف سياسية عراقية عملية تدليس واضحة بشأن فقرة تعديل القانون المتعلق بإقامة الأجانب والعرب في العراق، ومحاولة إيهام الرأي العام العراقي أنها عملية تجنيس، في حين أن القانون بالمجمل هو قانون "تنظيم إقامة"، والتعديل الجديد هو وضع الفقرة (ط) التي تنص على "معاملة الفلسطيني المقيم في العراق معاملة العراقي في الحقوق والواجبات باستثناء حصوله على الجنسية العراقية ومشاركته في الانتخابات ترشيحا وتصويتا، للحفاظ على حقه بالعودة الى وطنه".
وحصل "العربي الجديد"، على نسخة من التعديل الموجود حالياً في البرلمان.
وكان النائب عن كتلة "الرافدين" في البرلمان العراقي يونادم كنا، قد تصدر جهود إعادة تصويب حقوق المواطنين الفلسطينيين في العراق، وهو ما ساهم في الحصول على موافقة بتعديل قانون إقامة الأجانب وتضمين فقرة لتعديل أوضاع آلاف الأسر الفلسطينية في العراق التي حرمت فعلياً من كل الحقوق التي كانت تتمتع بها، وأبرزها التعليم والصحة والتوظيف، في وقت تنصلت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أخيراً من التزامات دفع بدلات الايجار والسلال الغذائية، وتحديداً منذ عام 2019 ولغاية الآن.
وتحدث يونادم كنا في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، عن حراك لكتلته (كتلة الرافدين) لجمع تواقيع برلمانية بهدف تصويب أوضاع أبناء الجالية الفلسطينية في العراق وانهاء معاناتهم. وقال: "العراق وطن الأخوة الفلسطينيين، لكن مع الأسف التقلبات السياسية والتشريعات التي صدرت بالفترة الأخيرة لم تنصفهم، بل على العكس ظلمتهم كثيراً".
في المقابل، تحدثت مصادر صحافية في بغداد خلال الساعات الماضية، نقلا عن مصادر بأن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أمر وزير الداخلية عثمان الغانمي بفتح تحقيق مع الفريق الفكيكي حول الاتهامات التي وجهها للحكومة والبرلمان".
في الأثناء، نشر موقع فضائية "العهد" الذراع الإعلامية لمليشيا "عصائب أهل الحق"، التي يتزعمها قيس الخزعلي، أبرز الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، تقريراً أكد صحة التسجيل الصوتي للمسؤول الأمني العراقي ونشر مقتطفات منه.
ونقل الموقع عن النائب في تحالف "الفتح" فالح الخزعلي، تأكيده رفض مشروع تعديل القانون، وتابع "نحن في تحالف الفتح تصدينا لهذا الملف لأن المراد منه تجنيس الكثير من الكرد في شمال العراق من أكراد سورية وإيران وتركيا الذين دخلوا لشمال العراق، وأما قضية الفلسطينيين فإنه يوجد قرار من جامعة الدول العربية بحق العودة وعدم منح التجنيس لهم مع التأكيد على تحرير الأراضي الفلسطينية".
وعقب قرار البرلمان العراقي السابق إلغاء القانون 202 المتعلق بالفلسطينيين في العراق، والذي ينص على أن لـ"الفلسطيني كما للعراقي من حقوق باستثناء الجنسية لحين تحرير كامل التراب الفلسطيني"، أصدرت الحكومة العراقية في الرابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول عام 2017، بياناً قالت فيه إن "إلغاء القانون 202 المتعلّق بحقوق الفلسطينيين المقيمين بالبلاد، جاء لأمور تنظيمية"، مؤكدة أن القانون الجديد رقم 76 المتعلق بتنظيم إقامة الأجانب سيشملهم ولا يخلّ أو يتعرض لحقوقهم. غير أنه وبعد القرار الذي اعتبر نافذاً بعد توقيع الرئيس العراقي آنذاك فؤاد معصوم، قطعت البطاقة الغذائية عن الفلسطينيين واعتبروا مقيمين أجانب في ما يتعلق بتنافسهم على المقاعد الجامعية والدراسات العليا وحتى بالمراجعات للمستشفيات الحكومية، فضلاً عن قطع التقاعد عن ورثة الفلسطيني المتوفى، بما يعتبر نسفاً لكل القوانين السابقة منذ نهاية عام 1948.
وتراجعت أعداد الفلسطينيين في العراق، بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، بشكل كبير، عقب سلسلة استهدافات مبرمجة من قبل القوات الأميركية، أسفرت عن مقتل وجرح واعتقال العشرات منهم، تبعتها حملة قتل منظمة وطرد وتهجير للآلاف منهم بعد عام 2006 نفّذتها مليشيات مسلحة. ويعيش الفلسطينيون في العراق، بظروف سيئة للغاية، وسط انعدام شبه تام للمساعدات الدولية أو الحكومية لهم وتضييق فرص العمل عليهم.