قدمت الهيئة البرلمانية لـ"الحزب المصري الديمقراطي"، المكونة من سبعة نواب، اليوم الإثنين، أسباب رفضها مشروع القانون الذي ينص على تعديل بعض أحكام قانون المحكمة الدستورية، في مضبطة مجلس النواب.
وكان مجلس النواب قد وافق من حيث المبدأ، أمس الأحد، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، على أن يأخذ الموافقة النهائية عليه في جلسة لاحقة.
وتهدف التعديلات إلى منح المحكمة الدستورية حق الرقابة القضائية على دستورية قرارات المنظمات والهيئات الدولية وأحكام المحاكم وهيئات التحكيم الأجنبية المطلوب تنفيذها في مواجهة الدولة المصرية، والحكم بعدم الاعتداد بمثل هذه القرارات، أو بالالتزامات المترتبة على تنفيذها، بما يتعارض مع اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها، والموقع عليها من 196 دولة، بينها مصر.
وقالت النائبة عن "الحزب المصري الديمقراطي" مها عبد الناصر إن تعديلات قانون المحكمة الدستورية "من شأنها أن تعرض سمعة مصر الدولية للخطر"، داعية الحكومة إلى سحب القانون قبل التصويت النهائي عليه، كونه "سيعطي الفرصة للصحافة الأجنبية للكتابة عن إصدار مصر تشريعاً يعزلها عن العالم، ويجعل لها حصانة معينة ضد الأحكام الدولية، ما يعد إقراراً منها بعدم الاعتراف بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية الموقعة عليها".
تهدف التعديلات إلى منح المحكمة الدستورية حق الرقابة القضائية على دستورية قرارات المنظمات والهيئات الدولية وأحكام المحاكم وهيئات التحكيم الأجنبية المطلوب تنفيذها في مواجهة الدولة المصرية، والحكم بعدم الاعتداد بمثل هذه القرارات
وأضافت عبد الناصر، في كلمتها أمام مجلس النواب اليوم، أن "مصر تواجه أزمة حقيقية تتمثل في الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي، وبالتالي تسعى مصر لتشكيل لوبي دولي حولها في مواجهة هذا الخطر الذي يهدد حصتها من مياه النيل، إلا أن إصدار مثل هذه القوانين يعزلها عن العالم".
وأكدت أن "مصر تواجه وضعًا عالميًا غير مسبوق"، داعية الحكومة إلى سحب مسودة القانون، أو استدعاء خبراء في القانون الدولي لإبداء رأيهم قبل أصدار مجلس النواب قرارًا نهائيًا بإقرار القانون.
من جهتها، قالت النائبة عن الحزب سناء السعيد إن "المادة 54 من الدستور الفرنسي استقرت على أن تكون الرقابة على الاتفاقيات الدولية رقابة سابقة، والنظر في مدى توافقها مع دستور الدولة قبل التوقيع عليها"، مضيفة أنه "من غير المقبول أن توقع مصر على اتفاقيات دولية، ثم تصدر قانوناً بعدم الاعتداد بالأحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم والمنظمات والهيئات الدولية".
وأضافت السعيد، في كلمتها على هامش الجلسة العامة للمجلس، أن "العقود الدولية تلزم مصر بالالتزام بقرارات التحكيم الدولية"، متسائلة: "كيف يمكن للحكومة المصرية التوقيع على عقد به هذا الشرط، ثم تخالف نصوصه"، مؤكدة أن الأطراف الأخرى ستستخدم حقها في التحكيم الدولي وستحصل على أحكام ضد الحكومة المصرية، مشيرة إلى أن "الحكومة، وبدًلا من أن تؤدي واجبها بالدفاع عن عقدها أمام قرارات التحكيم الدولي، تعد تشريعاً لعدم الاعتراف بها".
واستكملت النائبة: "تعديلات هذا القانون معيبة، وستعرض مصر لانتقادات دولية، وتقضي على أي استثمارات خارجية"، مشيرة إلى أن "المستثمرين لن يأتوا إلى مصر وهم يعلمون سلفًا أن حكومتها وقعت على قبول قرارات التحكيم الدولي في اتفاقيات دولية، وترفض نتائجها بحكم من محكمتها الدستورية".
واستهدفت التعديلات قطع الطريق على أي حكم دولي يصدر ضد مصر، أو ضد أي قرار ملزم لها بدفع مستحقات أو تعويضات مالية أو أدبية، أو الالتزام بنصوص معينة من معاهدات دولية، أو توقيع عقوبات تتطلب رفع الضرر الواقع على أشخاص، أو أطراف أو جهات، من خلال تقدم رئيس الوزراء بطلب إلى المحكمة الدستورية لوقف تنفيذ تلك الأحكام أو القرارات، بحجة مخالفتها لنصوص الدستور المصري.
ويعد التعديل مخالفاً بشكل صريح لاتفاقية فيينا، التي وقعت مصر عليها، بشأن المعاهدات الدبلوماسية، والحاكمة لجميع اتفاقيات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، والتي تسمح للدول بالتحفظ على بعض مواد أو بنود الاتفاقيات التي توقع عليها، ليكون تنفيذها مقيداً بالنصوص الدستورية المحلية. لكنها تحظر وقف تنفيذ القرارات والأحكام الخاصة بتلك الاتفاقيات، أو المترتبة عليها بأحكام قضائية محلية.