بات من شبه المؤكد أن يعرض بنيامين نتنياهو حكومته الجديدة على الكنيست لتنصيبها بين يوم الخميس المقبل والإثنين في الثاني من يناير/كانون الثاني المقبل، فيما تشير دلائل مختلفة إلى أن المعارضة المقبلة لحكومته، والتي فشلت في منعه من العودة إلى الحكم بفعل خلافاتها الداخلية، لن تكون قادرة على مواجهة الحكومة السادسة لنتنياهو، أو تهديدها.
وعلى العكس من ذلك، فقد شهدت المداولات المختلفة في الكنيست، خلال الأسبوعين الأخيرين، بدء تصدع هذه المعارضة لأسباب تتصل بالحسابات الشخصية والنزعات الذاتية لقادتها، خصوصاً بعد أن شهد الكنيست تفاهمات بين حزب بني غانتس وحزب نتنياهو على ترتيبات التصويت وتقسيم اللجان البرلمانية وغيرها.
وإذا كان هذا السلوك من المعارضة التي هددت بمواجهة حكومة نتنياهو المقبلة باعتبارها خطراً كبيراً على "ديمقراطية إسرائيل وصورتها أمام العالم، وحتى أمنها الداخلي والخارجي"، يشكّل مقدمة لصفقات مستقبلية مقابل فتات صلاحيات المعارضة ولجانها، فإن بمقدور نتنياهو أن يكون مطمئناً إلى أن الخطر على حكومته لن يكون من الخارج، بل ربما بفعل توترات داخلية من ائتلافه، الذي يبدو على السطح متجانساً في المواقف اليمينية العامة، وحتى في قضايا الدين والدولة، مع تحفظات داخل أجزاء في "الليكود".
وليس غريباً أن يتفرغ نتنياهو إلى تكريس مكانة حكومته في الخارج، مع التركيز على استعادة زخم اتفاقيات مع دول عربية جديدة، يمكن لها أن تغطي على تحركات دولية لمحاسبة دولة الاحتلال الإسرائيلي ومحاصرتها دولياً، وربما أيضاً قضائياً.
وتبدو السعودية، بحسب تسريبات صحافية إسرائيلية مختلفة، الوجهة الأبرز لنتنياهو لتسخين العلاقات معها، لما لها من ثقل ومكانة، عربياً وإسلامياً ودولياً. ويبدو تقرير "يديعوت أحرونوت" أمس الجمعة، بشأن استئناف نتنياهو اتصالاته مع السعودية عبر الولايات المتحدة، منسجماً هو الآخر مع تقارير صحافية سابقة تؤكد أن نتنياهو يعتزم إبراز هذا البُعد في سياسته الخارجية، لتحقيق هدفين أساسيين:
الهدف الأول مواصلة سياسة الضم الزاحف، واستكمال ما بدأه نفتالي بينت ويئير لبيد خلال ولاية حكومتهما القصيرة في هذا الباب، والثاني إعادة إبراز الخطر الإيراني على دول إسلامية وعربية في المنطقة، لصد أي ضغوط خارجية، بما فيها الأميركية، لإعادة الصدارة لملف إنهاء الاحتلال، والتركيز على معزوفة صدّ الخطر الإيراني من خلال تعزيز السلام و"منظومة الدفاع الإقليمي" مع الدول العربية، وفقط بعدها حل "الملف الفلسطيني".