صب الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مجدداً جام غضبه على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ليوجه له "مئات اللعنات"، لخلقه مشاكل كبيرة أمام إيران في تجارتها الخارجية، قائلاً: "عندما نقدم على أي خطوة ونريد استيراد أي دواء ومعدات ولقاح نوجه مئات اللعنات لترامب". وأوضح أنه "خلق كمّاً هائلاً من المشاكل والمعاناة، حيث إن أي عمل بسيط يمكن إنجازه من خلال اتصال واحد يحتاج الأمر إلى أسابيع وأشهر من الجهود بسبب هذه المشاكل".
وأضاف روحاني، وفقاً للتلفزيون الإيراني، اليوم الأربعاء، أن "هذه الجماعة الخبيثة التي تحكم البيت الأبيض اليوم لم ترحمنا في الدواء والصحة"، في إشارة إلى العقوبات الشاملة "التاريخية" التي فرضها الرئيس الأميركي على طهران بعد انسحابه من الاتفاق النووي يوم 8 مايو/أيار 2018.
وبشأن الاتفاق النووي، خاطب روحاني الرئيس الأميركي الفائز جو بايدن والأطراف المشاركة في الاتفاق النووي، قائلاً إنه "عندما تنفذ مجموعة 1+5 أو 1+4 جميع تعهداتها سنعود نحن أيضاً إلى جميع التزاماتنا"، مؤكداً أن العودة المشتركة إلى تنفيذ التعهدات "لا تستغرق وقتاً بل تحتاج إلى إرادة". وتساءل "كيف خرج ذلك الرجل التاجر الأمي (ترامب) من الاتفاق النووي بتوقيع؟، وأعلن انسحابه منه؟". واستطرد "اليوم يمكن لخلفه أن يعود إلى الاتفاق بتوقيع، وهذا لا يستغرق وقتاً ولا يحتاج إلى مفاوضات".
وفي هذا السياق، دعا الرئيس الإيراني الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية إلى "تنفيذ التعهدات والتعويض عن الخسائر" التي ألحقت بإيران نتيجة الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، "لكي تعود إيران إلى تنفيذ جميع التعهدات"، أي أنها تتخلى في هذه الحالة عن الخطوات النووية الخمس التي اتخذتها على مدى العامين الأخيرين رداً على تداعيات هذا الانسحاب و"مماطلات" الشركاء الأوروبيين في تنفيذ "التزاماتها".
وعرج روحاني على الانتقادات الأوروبية الأخيرة لبلاده على خلفية تركيب أجهزة الطرد المركزي الجديدة في منشأة "نطنز" النووية، وقال إن تركيب هذه الأجهزة (IR2) "في نطنز ليس شيئاً جديدا ًونحن سبق أن أعلننا ذلك". وأكد أنه "يمكن العودة عن تركيب هذه الأجهزة بسهولة إذا عادت المجموعة 1+5 إلى تنفيذ تعهداتها جميعاً".
وفي بيان، وجهت الترويكا الأوروبية الشريكة في الاتفاق النووي (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، الإثنين الماضي، انتقادات شديدة ضد الخطوات النووية الإيرانية الجديدة، معتبرة أن الخطة الإيرانية التي تنصّ على وضع ثلاثة أجهزة طرد مركزي في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم الرئيسية في إيران "مقلقة للغاية".
استقواء بالأصوات
وتشهد العلاقات بين الحكومة والبرلمان في إيران توتراً هذه الأيام على خلفية الموقف من مشروع الموازنة الجديدة للعام المالي الجديد الذي سيبدأ في 21 مارس/آذار المقبل، ومشروع القانون الذي أقره البرلمان، أخيراً، وصادق عليه مجلس صيانة الدستور لاتخاذ خطوات نووية في مواجهة تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وعدم تنفيذ بقية أطرافه تعهداتها.
وكان البرلمان قد أقرّ، الإثنين الماضي، مشروع "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات"، وسط خلافات مع الحكومة، وتحول إلى قانون بعد مصادقة مجلس صيانة الدستور عليه فوراً، ليلزم الحكومة الإيرانية على خطوات نووية، أبرزها إنهاء العمل وفق البرتوكول الإضافي الذي تعهدت بموجبه طهران "طوعاً" لإخضاع منشآتها النووية لـ"رقابة صارمة".
غير أنّ البرلمان الإيراني، قد منح شركاء الاتفاق (مجموعة 1+4) مهلة شهرين قبل دخول سريان القانون لتمكين إيران من الحصول على منافعها الاقتصادية من الاتفاق النووي، محدداً عقوبات قضائية ضد أي جهة إيرانية لا تلتزم بالقانون.
إلا أن مراقبين إيرانيين يرون أنّ أمام روحاني خياراً لإلغاء هذا القانون وذلك من خلال إحالته إلى هيئة حل الخلافات بين رؤساء السلطات الثلاث.
وأمس الثلاثاء، وبحسب القانون الإيراني، كان ينبغي أن يبلغ الرئيس الإيراني القانون الجديد الذي أقره البرلمان لأجهزة الدولة، لكنه رفض ذلك وقام به رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف.
ودعا الرئيس الإيراني خلال جلسة الحكومة، اليوم الأربعاء، البرلمانيين إلى إقرار مشروع الموازنة في موعده والتعاون مع الحكومة، قائلاً إن "مشروع الموازنة هو أول عمل مشترك يمكن إنجازه بين المجلس (البرلمان) الـ11 والحكومة الـ12"، وذلك بعد تشكيل البرلمان الجديد الذي يسيطر عليه المحافظون في الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 19 فبراير/شباط الماضي.
وأعرب روحاني عن أسفه من "عدم إنجاز أعمال مشتركة خلال الأشهر الأخيرة"، عازياً السبب إلى "أرشفة البرلمان مشاريع الحكومة وتسييره تسونامي المشاريع"، وقال إن "البرلمان يقدم في كل يوم مشروعاً".
وأكد الرئيس الإيراني أنّ برنامج الحكومة "هو من الصلاحيات الخاصة لرئيس الجمهورية وفق الدستور، ولا أحد يمكنه انتهاك القانون"، مضيفاً أن "أحداً لا يمكنه تحديد برامج الحكومة ورئيس الجمهورية، هو الوحيد الذي يقوم بذلك، ولأجل هذا البرنامج يأتي المواطنون إلى صناديق الاقتراع ويصوتون لرئيس الجمهورية وبرامجه". وأشار إلى أن برنامجه صوت لصالحه "24 مليون ناخب، ولذلك لا يمكن أن نزيد عليه أو ننقص منه ويجب أن نعمل وفقه 4 سنوات كاملة".
يشار إلى أنه لم تبقَ من ولاية روحاني سوى مدة 6 أشهر قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية، في يونيو/ حزيران المقبل.