في وقت يسود فيه التوتر الحدود الأوكرانية الروسية على وقع التهديدات بين الدولتين والتحذيرات الدولية لروسيا بعواقب في حال غزوها أوكرانيا، تواصل روسيا سعيها بصمت للسيطرة على المناطق في شرق أوكرانيا.
وفي هذا الإطار، أشار تقرير، نشرته يوم الأحد شبكة "أن تي في" الإخبارية، إلى أن الصراع على أشده بين الجيش الأوكراني والانفصاليين المدعومين من موسكو من أجل منطقة دونباس الصناعية شرقي أوكرانيا منذ العام 2014، التي يسيطر الانفصاليون فيها على ثلث مساحتها فقط.
وأبرزت الشبكة أنه وفقاً للمعلومات الروسية الرسمية، فقد حصل أكثر من 600 ألف من سكان الجمهوريات الانفصالية بالفعل على جواز سفر روسي صيف العام 2021، حتى إن ثلثهم شارك في الانتخابات الروسية خلال سبتمبر/أيلول الماضي، رغم عدم وجود مراكز اقتراع فعلية في الدونباس، وقد سمح لهم إما بالتصويت عبر الإنترنت أو تم نقلهم إلى منطقة روستوف الروسية المجاورة، كما ترشح ممثلون عن الدونباس لانتخابات مجلس الدوما.
علاوة على ذلك، أبرز التقرير أن رجل الأعمال الموالي للنظام الروسي يفغيني يورتشينكو استحوذ على أهم الشركات الصناعية في الجمهوريتين الشعبيتين، وأنه ينوي الاستثمار بأكثر من 127 مليون يورو في هذه الشركات العام المقبل، من غير أن يستبعد الاستحواذ على مؤسسات وشركات أخرى.
إلى ذلك، ذكرت الشبكة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصدر، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مرسوما جديدا قضى بفتح السوق الروسية للبضائع من هاتين الجمهوريتين، والسماح للشركات هناك بالمشاركة في المناقصات الروسية التي تديرها الدولة. بالإضافة إلى ذلك، من المفترض إنشاء منطقة اقتصادية مشتركة بين جمهوريتي دونتيسك ولوغانسك تتكيف مع المعايير الاقتصادية الروسية، علما أنه خلال أكتوبر/تشرين الأول ألغيت الحدود والضوابط الجمركية بين الجمهوريتين.
لى الرغم من تركيز موسكو لجعل الجمهوريات الانفصالية قابلة للحياة اقتصاديا في مرحلة ما من خلال الاستثمارات الحالية، فإن الأمر يكاد يكون مستحيلا بدون مدينة ماريوبول الساحلية الصناعية ومينائها الهام الذي لا يزال تحت السيطرة الأوكرانية
وبيّن التقرير أيضاً، نقلاً عن وسائل إعلام أوكرانية، أن روسيا تخطط لإنفاق أكثر من عشرة مليارات يورو على الرواتب والمعاشات التقاعدية فيهما بين أعوام 2022 و2024، والفكرة من وراء ذلك تعديل مستوى الدخل لتصبح الجمهوريتان بشكل متزايد جزءا من روسيا.
في غضون ذلك، أشارت الشبكة الإخبارية إلى أنه وعلى الرغم من تركيز موسكو على جعل الجمهوريات الانفصالية قابلة للحياة اقتصاديا في مرحلة ما من خلال الاستثمارات الحالية، فإن الأمر يكاد يكون مستحيلا من دون مدينة ماريوبول الساحلية الصناعية ومينائها الهام الذي لا يزال تحت السيطرة الأوكرانية، لافتة إلى أن ماريوبول هي هدف عسكري روسي واضح، ولكن ربما فقط بعد نيل تصاريح التشغيل لخط "نورد ستريم 2" المثير للجدل.
وفي الإطار، ذكر موقع "نويه تسوريشرتسايتونغ" الألماني أن طائرات استطلاع أميركية من نوع "آر سي 135 دبليو"، وهي مزودة بأجهزة للمراقبة الإلكترونية ويمكنها أن توفير معلومات مهمة عن الوضع العسكري من خلال بيانات الاتصال وإشارات الرادار، حلقت، السبت، أربع مرات في المجال الجوي الأوكراني على طول الخط الأمامي في منطقة دونباس المحاصرة، وأيضا بالقرب من منطقة ترانسدنيستريان المولدوفية الانفصالية حيث تتمركز القوات الروسية، بعد أن كانت نفذت قبل أيام مهام مماثلة في المجال الدولي فوق البحر الأسود بالقرب من شبه جزيرة القرم، إذ من الواضح أن الناتو يريد الحصول على صور أوضح عن تعزيزات القوات الروسية على الحدود الأوكرانية.
وكان وزارء خارجية مجموعة السبع حذروا روسيا، وخلال اجتماعهم أمس في ليفربول، من عواقب وخيمة من شأنها أن تؤدي إلى تكاليف جسيمة في حال غزو أوكرانيا.