نقلت وكالة "رويترز"، اليوم الجمعة، عن أربعة مصادر أن مصر بدأت تمهيد منطقة على الحدود مع قطاع غزة يمكن استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين، في حال أدّى هجوم إسرائيلي على مدينة رفح، جنوبي القطاع، إلى نزوح جماعي عبر الحدود، ووصفت المصادر نفسها هذا الإجراء بأنه تحرك طارئ من جانب القاهرة.
ودقت مصر، التي نفت القيام بأي استعدادات من هذا القبيل، مراراً وتكراراً ناقوس الخطر بشأن احتمال أن يؤدي الهجوم الإسرائيلي المدمّر على غزة إلى نزوح فلسطينيين إلى سيناء، وهو أمر تقول القاهرة إنه غير مقبول على الإطلاق، مكرّرة تحذيرات صدرت عن دول عربية مثل الأردن.
وقالت الولايات المتحدة مراراً أيضاً إنها ستعارض أي تهجير للفلسطينيين من غزة.
وذكر أحد المصادر لـ"رويترز" أن مصر متفائلة بأن المحادثات الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار يمكن أن تؤدي إلى تجنب مثل هذا السيناريو، لكنها تعمل على إنشاء المنطقة على الحدود كإجراء مؤقت واحترازي.
كما صرحت ثلاثة مصادر أمنية، بأن مصر بدأت تمهيد منطقة صحراوية وإقامة بعض المنشآت البسيطة التي قد تُستخدم لإيواء لاجئين فلسطينيين، مشددة على أن هذه خطوة طارئة.
ورفضت المصادر التي تحدثت إليها "رويترز" الكشف عن هويتها بسبب حساسية الأمر.
وتقول إسرائيل إنها ستشن هجوماً للسيطرة على "آخر معقل" لحركة حماس في رفح، التي لجأ إليها أكثر من مليون فلسطيني هرباً من الهجوم الإسرائيلي المدمر على غزة.
وذكرت إسرائيل أن الجيش يُعدّ خطة لإجلاء المدنيين من رفح إلى مناطق أخرى من القطاع.
وتعارض مصر تهجير الفلسطينيين من غزة في إطار رفض عربي أوسع نطاقاً تجنباً لتكرار نكبة عام 1948.
وقال المصدر الأول إن تجهيز المنطقة بدأ قبل ثلاثة أو أربعة أيام، وسيوفر مأوى مؤقتاً في حال حدوث سيناريو عبور أفراد للحدود "حتى يُتوصل إلى حل".
ورداً على سؤال حول ما ذكرته المصادر، قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان: "هذا ليس له أي أساس من الصحة. قال أشقاؤنا الفلسطينيون وقالت مصر إنه لا يوجد استعداد لهذا الاحتمال".
مفوض حقوق الإنسان: تدفق لاجئين من غزة إلى سيناء سيكون بمثابة كارثة
وفي السياق، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، اليوم الجمعة، إن تدفق لاجئين فلسطينيين من رفح في غزة إلى سيناء في مصر سيكون بمثابة كارثة، لافتاً إلى أن السلطات المصرية أوضحت أنه تتعين مساعدة الناس داخل القطاع.
وقال غراندي لـ"رويترز" على هامش مؤتمر ميونخ للأمن: "ستكون كارثة على الفلسطينيين... كارثة على مصر وكارثة على مستقبل السلام".
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت السلطات المصرية اتصلت بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن خطط الطوارئ المحتملة، أجاب غراندي: "المصريون قالوا إنه تجب مساعدة الناس داخل غزة ونحن نعمل على ذلك".
وبدأت طواقم هندسية مصرية، خلال الأيام القليلة الماضية، أعمالاً هندسية مفاجئة في مدينة رفح المصرية المجاورة للحدود مع قطاع غزة، أثارت القلق لدى أهالي سيناء، في ظلّ الحديث الإسرائيلي عن عملية عسكرية برّية في مدينة رفح الفلسطينية خلال الفترة المقبلة، وإمكانية تهجير أكثر من مليون نازح فلسطيني موجودين في المدينة، بالتزامن مع تحذيرات مصرية من العملية العسكرية في رفح ومحور فيلادلفيا الفاصل بين مصر وقطاع غزة على وجه الخصوص.
وبرز الخميس تحذير منسق المساعدات بالأمم المتحدة مارتن غريفيث من أن "احتمال امتداد تداعيات الحرب من غزة إلى مصر حقيقة ماثلة أمام أعيننا في رفح"، متحدثاً عن احتمال تدفق الفلسطينيين المكدسين في رفح إلى مصر إذا شنّت إسرائيل عملية عسكرية على المدينة الحدودية. وأضاف غريفيث، في كلمة بالأمم المتحدة في جنيف، أن فكرة انتقال الأفراد في غزة إلى مكان آمن محض "وهم".
وحصل "العربي الجديد" على مشاهد مصورة لآليات هندسية مصرية تعمل للمرة الأولى في المنطقة العازلة، التي أقامها الجيش المصري على مدار السنوات الماضية بعد تهجير سكان مدينة رفح المصرية إلى داخل المدن المصرية الأخرى، حيث تعمل الآليات على تسوية الأرض وإزالة ركام المنازل التي دُمّرت في سبيل إقامة المنطقة العازلة.
وفي التفاصيل، قالت مصادر قبلية، لـ"العربي الجديد"، إن آليات هندسية تابعة لشركة "أبناء سيناء" المملوكة لرجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني، المقرب من جهاز الاستخبارات العامة المصرية، بدأت بالعمل منذ أيام عدة في تسوية مساحات واسعة من مدينة رفح، وذلك بحضور قوة عسكرية تابعة لاتحاد قبائل سيناء الذي يقوده العرجاني.
وأضافت المصادر ذاتها أن الآليات بدأت بإزالة ركام المنازل المدمرة وتسوية الأرض ونقل قطع خرسانية من مصنع الخرسانة، الذي أقامته شركة "أبناء سيناء" بجوار معبر رفح والمخصص لتصنيع الخرسانة لمصلحة أعمال الجيش المصري في محافظة شمال سيناء، والذي استخدمه أخيراً لتشييد جدار جديد على الحدود المصرية مع قطاع غزة، فيما بُدئ في إنشاء مربعات مغلقة بالجدران الخرسانية بارتفاع شاهق لا يمكن تجاوزه.