افتتح رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب، اليوم السبت، فعاليات ندوة "سورية إلى أين؟" التي تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة وتستمر يومين، بمشاركة نحو 80 شخصية تمثل مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية والمجتمع المدني ومراكز أبحاث ودراسات.
وأكد رئيس الوزراء السوري المنشق في كلمته الإصرار على تحقيق المطالب العادلة للشعب السوري، وتعزيز هويته الوطنية الجامعة، والتوصل إلى عملية انتقالية لا مكان فيها لبشار الأسد ونظامه، لافتاً إلى ضرورة توحيد الكلمة في سبيل محاسبة الجناة وتحقيق العدالة بحقهم وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
وقال حجاب: "نجتمع في هذه الندوة، لتقييم عملنا، وتصحيح الأخطاء التي وقعنا فيها خلال مسيرتنا الشاقة لتحقيق دولة ديمقراطية حرة موحدة، تقوم على أساس سيادة القانون وحق الجميع في التعبير، والتمتع بحقوق المواطنة المتساوية، وواجباتها دون تمييز"
وأشار إلى أن الادعاء بأن رأس النظام بشار الأسد قد انتصر على الشعب السوري "أبعد ما يكون عن الحقيقة"، مستشهداً بالخسائر الفادحة على شتى الصعد، وأن محاولات التطبيع تتعثر أمام تفشي الفساد، وسوء الإدارة، والتدهور الأمني والاقتصادي، وفقدان القيم الأخلاقية، ومعتبراً أن داعمي بشار الأسد "يخوضون معركة دبلوماسية يائسة لإعادة تعويم نظام فقد شرعيته".
وتهدف الندوة إلى تقييم الوضع الحالي السوري والبحث عن آليات لتخفيف معاناة الشعب السوري والنهوض بأداء المعارضة، بالإضافة إلى استحداث آليات جديدة لإخراج عملية الانتقال السياسي من حالة الاحتباس التي تعاني منها سورية.
عصف ذهني
وحول مشاركته في الندوة، قال المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي، حسن عبد العظيم، في حديث مع "العربي الجديد": "نحضر بناء على دعوة وجهها رئيس الوزراء السوري المنشق، رياض حجاب، إلى هيئة التنسيق، ولاحظنا أن الدعوة موجهة لكل قوى الثورة والمعارضة، ومراكز البحث والدراسات، ومنظمات المجتمع المدني".
واعتبر الندوة الجامعة خطوة في مرحلة تتعثر فيها قضية الحل السياسي بسبب ممارسة النظام تعطيل دور اللجنة الدستورية في جولات التفاوض، وقال: "هذا جهد تشكر عليه دولة قطر التي سهّلت انعقاد هذه الندوة في الدوحة، لنلتقي جميعاً تحت عنوان سورية إلى أين؟".
وأضاف عبد العظيم أنه "سؤال مهم والجواب عليه مهم، إذ يجب أن نعمل عصفاً ذهنياً بين كل القوى السياسية والهيئة التفاوضية وقوى المجتمع المدني للبحث في هذه النقطة المهمة جداً، ويكون الموقف موحداً".
وأشار إلى أن هيئة التنسيق عقدت المؤتمر التأسيسي للجبهة الوطنية الديموقراطية "جود" في قلب العاصمة دمشق قبل نحو سبعة أشهر، ولمّا منع النظام عقد مؤتمرها التأسيسي الفيزيائي عقدت مؤتمرها الإلكتروني، لافتاً إلى أنها تواصل عملها حالياً من دمشق وفي المحافظات السورية الخاضعة للنظام، معتبراً ذلك "تكاملاً مع جهود رياض حجاب".
وحول ما يأمله من ندوة الدوحة يقول عبد العظيم: "المأمول توحيد الجهود لإنقاذ الشعب السوري من الأوضاع الكارثية".
ولفت إلى أن "الجهود إذا تكاملت ستشكل بديلاً ديمقراطياً للنظام، ولا أحد يستطيع أن يقول إن المعارضة مشتتة ومقسمة ومفتتة، فكل القوى الديموقراطية أصبحت تحت مظلة واحدة من أجل إنقاذ الشعب السوري، ودعم عملية الانتقال السياسي من الوضع القائم إلى نظام جديد يعبّر عن تطلعات الشعب السوري، ويشكل ضغطاً على الدور الإيراني والدور الروسي ويشكل أيضاً قناعة للقوى الدولية الفاعلة أن المعارضة استطاعت أن تتجاوز العقبات وتوحد رؤيتها المشتركة وجهودها في كيان سياسي واحد".
إعادة هيكلة المعارضة
وعن أهمية ندوة الدوحة، يرى مدير المركز السوري للدراسات الاستراتيجية، وعضو الأمانة العامة في الهيئة الوطنية السورية، القاضي حسين حمادة، أن المعارضة بشكلها الحالي "تعاني من إشكالات كبيرة جداً، وتحتاج إلى إعادة هيكلة جذرية في أشكالها حتى تتمكن من القيام بواجبها بما يتطلب وتحقيق أهداف الثورة".
وحول إمكانية أن يكون من مخرجات الندوة تكتل أو لجنة، يقول حمادة في حديث مع "العربي الجديد"، إن الحراك السوري على مستوى الثورة، "تحكمه آليات ليست صحيحة، بمعنى تكون كل المؤتمرات بذات الإيقاع وذات الأهداف ولا تؤدي إلى نتائج، آملاً من ندوة الدوحة أن تكون أكثر دقة، ومؤكداً أن المعارضة "ليست بحاجة إلى قيادات جديدة، وهذا لا يعني الحفاظ على الكيانات القائمة"، ومطالباً بإعادة هيكلتها لتكون معبرة بشخصياتها وبنيتها التنظيمية عن الواقع اللاوهمي.
وفسّر حديثه بالقول: "الدفع نحو عمليات ترقيعية هذا لا يخدم الواقع بشيء، نحتاج إلى إعادة بناء الائتلاف وفق أربعة محاور، أن تقوم على بنائه شخصيات سياسية ودبلوماسية واجتماعية وقانونية وعسكرية، ووجود هيئة رقابية، وانتقال مقر الائتلاف إلى جنيف حيث الحراك السياسي، إن لم يكن في الدول العربية".
حمادة: الدفع نحو عمليات ترقيعية هذا لا يخدم الواقع بشيء
وتابع "سنحاول رفع الصوت عالياً للمطالبة بتوصيات منطقية واقعية بإعادة النظر في الائتلاف من زاوية تنظيمية وزاوية سياسية، وإعادة النظر في تشكيل هيئة التفاوض".
ولفت قائلاً: "اعتبر اللجنة الدستورية بحيثياتها الحقوقية والدستورية والواقعية "كارثة" بكل أبعادها، أما الحكومة المؤقتة فهي لجنة إدارية بل مكتب إعلامي، ثمة مشاكل لدى قوى المعارضة تحتاج مواجهة بلغة علمية حقوقية سياسية وليست إنشائية مطلبية ومن هنا تبدأ عملية الإصلاح، بحسب حمادة.
وتختتم الندوة فعالياتها غداً الأحد، وتتضمن ثماني جلسات حوارية، معظمها مغلقة وغير متاحة للإعلام، تركز على تقييم المشهد السوري الحالي واستشراف التحديات والسيناريوهات المتوقعة واقتراح آليات التعامل معها، بالإضافة إلى اعتماد توصيات تسهم في تقديم رؤية شاملة لعمل المعارضة السورية، للخروج من الأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها السوريون.