أعلنت زعيمة الحزب الجيد المعارض في تركيا ميرال أكشنر، اليوم الجمعة، انسحابها من الطاولة السداسية للمعارضة، موضحة أنها "لا تمثل إرادة الشعب"، بحسب قولها، رافضةً ترشح زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو للانتخابات، داعيةً عمدتي إسطنبول وأنقرة للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وبعد أكثر من عام على اجتماعات الطاولة السداسية وإجراء 13 اجتماعا لزعمائها في أنقرة، كان آخرها أمس الخميس، أطلقت أكشنر تصريحات شديدة اللهجة بحق الطاولة، وذلك في مقر الحزب بأنقرة، شملت أيضاً زعيم حزب الشعب الجمهوري.
وكانت الطاولة السداسية قد أعلنت في بيان مقتضب، أمس الخميس، عن تفاهمها حول المرشح الرئاسي المشترك، على أنّ يتم الإعلان عنه الإثنين المقبل، بعد موافقة أجهزة كل حزب على أسماء المرشحين المطروحين.
وشارك في الاجتماع، وهو الـ13 من نوعه للطاولة السداسية، زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو، وزعيمة الحزب الجيد ميرال أكشنر، ورئيس حزب السعادة تمل قره موللا أوغلو، ورئيس حزب دواء علي باباجان، ورئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو، ورئيس الحزب الديمقراطي غولتكين أويصال.
وعُقب اجتماع الطاولة السداسية، أمس الخميس، اجتمعت أكشنر مع أركان حزبها لساعات طويلة، وعقدت اللجنة الإدارية، اليوم الجمعة، اجتماعاً أيضاً انتهى بتصريح صحافي لأكشنر أمام وسائل الإعلام.
وقالت أكشنر إنّ "خمسة أحزاب ضمن الطاولة السداسية قررت أنّ يكون المرشح الرئاسي هو كلجدار أوغلو، والحزب الجيد قدم رأيه باسم مرشحين، هما عمدة أنقرة منصور ياواش، وعمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وللأسف كل مقترحاتنا رفضت، ولهذا بعد الآن لن نكون في طاولة للتصديق فقط أو طاولة للقمار".
وتابعت: "الحزب الجيد حُشر في زاوية، ويُحكم عليه بالموت، ولن يكون ضمن هذه الذهنية المتوارثة، إذ إنّه وقف ضد هذه الذهنية الغريبة الحاكمة، وسيبقى كذلك، ولن يقبل بالإملاءات ولن يرضخ لها، لأن الحزب وعد بأنّ يكون إلى جانب الشعب، وهو المبدأ الأساسي له".
وقالت أكشنر في حديثها عن حيثيات ما جرى: "اجتمعنا أمس من أجل اختيار المرشح المشترك، و5 أحزاب رشحوا كلجدار أوغلو، ونحن أفدنا برأينا حول اسمين، ولكن رفضت مقترحاتنا، وبالتالي كان التفاهم أمس ما بين قوسين"، أي أنه شكلي.
وأكملت: "النقطة التي وصلنا إليها في الطاولة السداسية لا تعكس إرادة الشعب".
ووجهت أكشنر في كلامها النداء إلى عمدتي إسطنبول وأنقرة لـ"تحمل المسؤوليات نتيجة انتخابهم من الشعب، والقيام بوظيفتهم وفتح صفحة جديدة تقوم على رفض الإملاءات والنجاح في كل الانتخابات، وظيفة حكم الشعب، وهي وظيفة لا يمكن ردها".
ونزلت تصريحات أكشنر كالصاعقة على السياسية التركية، وغطتها معظم القنوات الإخبارية وتفاعلت معها، حيث كانت المؤشرات تدل على وجود تصدعات في التحالف المعارض، وكانت أغلب التوقعات تشير إلى أنه لن تكشف أكشنر أي مواقف مثل موقف اليوم إلا بعد اجتماع الإثنين المقبل.
وفي أول رد فعل له، قال زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو للصحافيين عند خروجه من البرلمان: "لا تقلقوا جميع الأحجار ستكون في مكانها"، دون أي إضافة، ودون أن يظهر أي توتر عليه.
وتلا كلام أكشنر إعلان حزب الشعب الجمهوري عن عقد اجتماع للقيادة المركزية للحزب، من أجل تناول التطورات الحاصلة بعد تصريحات أكشنر.
وتحدثت وسائل إعلام تركية عن أنّ الأحزاب الأخرى في الطاولة السداسية، وهي حزب المستقبل وحزب دواء وحزب السعادة والحزب الديمقراطي، وافقت على ترشح كلجدار أوغلو مقابل حصولها على وعود بوضع أسماء من الأحزاب ضمن قوائم حزب الشعب الجمهوري، الذي يقدر عدد أصواته بنحو 25% من أصوات الشارع التركي.
ومن الملاحظ أنّ عمدتي إسطنبول وأنقرة هما عضوان في حزب الشعب الجمهوري المعارض، وسبق أنّ أعلنا أنّ مرشحهما هو زعيم الحزب كمال كلجدار أوغلو، وبالتالي من الواضح أنّ هناك صعوبات تتعلق بتجاوزهما، حيث يرغب كلجدار أوغلو بأنّ يستمرا في عملهما، وفي حال ترشحهما رغماً عن زعيم الحزب، فإن ذلك سيزيد التعقيد في صفوف المعارضة.
وبحسب مراقبين تحدثوا لوسائل الإعلام، فإنّ أكشنر قد تترشح هي بنفسها للانتخابات الرئاسية في حال لم يوافق عمدتا أنقرة وإسطنبول على الترشح للانتخابات، ومن الواضح أنّ المناقشات ستكون شديدة في الأيام المقبلة، قبل 71 يوماً من الانتخابات المقررة في 14 مايو/ أيار المقبل.
وتعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا مصيرية وحاسمة للحزب الحاكم منذ 21 عاماً، فيما ترى المعارضة فيها فرصة للفوز بعد تراكم أزمات الحكومة، بحسب قولها، وسبق أنّ وصف الرئيس أردوغان هذه الانتخابات بأنها "مفترق طرق".
وكان الرئيس التركي قد أكد، قبل يومين، في كلمة له أمام كتلة حزبه النيابية، على إجراء الانتخابات بالموعد المحدد مسبقاً، وهو 14 مايو/أيار المقبل، بعدما كثرت التكهنات بشأن إمكانية تأجيل الانتخابات إثر الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سورية في 6 فبراير/شباط الماضي، وما تبعه من هزات، وسقوط أكثر من 45 ألف قتيل في تركيا، وتشريد مئات آلاف المواطنين الأتراك.
ويُنتظر أنّ يصدر أردوغان قراراً جمهورياً بإجراء الانتخابات، يُنشر في الجريدة الرسمية ليلة 10-11 مارس/ آذار الحالي (نظراً لأنه يفترض إجراء الانتخابات في أول يوم أحد بعد مرور 60 يوماً من نشر القرار). بعدها سيكون على اللجنة العليا للانتخابات العمل على إجراء الانتخابات، وسيكون بيدها قرار إمكانية إجرائها من عدمها.