أجرى وفد مصري رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء أيمن البديع، الرئيس التنفيذي للجنة المعنية بليبيا، زيارة إلى طرابلس أمس الأحد، في محاولة لإعادة ترتيب العلاقة مع حكومة الوفاق، وبحث ملفات عدة تتعلق بالمستجدات العسكرية والأمنية إلى جانب تطورات علاقة حكومة الوفاق بملف شرق البحر المتوسط الذي ترتبط به الحكومة عبر اتفاق بحري مع الحكومة التركية.
وعقد الوفد المصري لقاءات مع عدد من المسؤولين في طرابلس، بينهم وزير الخارجية في حكومة الوفاق، محمد الطاهر سيالة، ونائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق، فضلاً عن الاجتماع بوزير الداخلية فتحي باشاغا ووزير الدفاع صلاح النمروش. وضم الوفد نائب رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء أيمن عبد البديع، الرئيس التنفيذي للجنة المعنية في ليبيا، وأحد مساعدي وزير الدفاع المصري، إلى جانب مسؤول رفيع من وزارة الخارجية المصرية بالإضافة إلى السفير المصري لدى ليبيا محمد أبوبكر. وقالت الداخلية الليبية، في بيان، إن الاجتماع بين باغاشا والوفد المصري بحث "التحديات الأمنية المشتركة وسبل تعزيز التعاون الأمني". كذلك ناقش "سبل دعم اتفاق وقف إطلاق النار".
القاهرة تسعى لإعادة العلاقات مع المسؤولين في غرب ليبيا، لعدم ترك المساحة خالية لتركيا فقط
وتعد زيارة الوفد المصري هي الأولى من نوعها منذ الهجوم العسكري الفاشل الذي شنته مليشيات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر في إبريل/ نيسان 2019. وفي هذا السياق، قالت مصادر مصرية خاصة، لـ"العربي الجديد"، إنّ من بين مباحثات الوفد إمكانية إعادة تشغيل السفارة المصرية في طرابلس وخطط تأمينها. وأشارت المصادر إلى أنّ القاهرة تسعى خلال الفترة المقبلة لإعادة العلاقات مع المسؤولين في غرب ليبيا، لعدم ترك تلك المساحة خالية لتركيا فقط، مشيرة إلى أنّ هناك خلافات كبيرة في هذا الصدد مع الإمارات التي تعد بمثابة الممول الرسمي لحفتر. وكشفت المصادر أن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، سعى خلال زيارته إلى القاهرة أخيراً إلى محاولة إقناع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالخيار العسكري مجدداً، ولكن هذه المرة بالهجوم على مصراتة التي تعد رأس حربة معسكر الغرب الليبي.
وأضافت المصادر أنّ "القاهرة لن تسمح بتكرار ما حدث في السابق عندما بدأ حفتر الهجوم على العاصمة الليبية، على غير رغبة مصر التي اضطرت لاحقاً لدعمه بضغوط من جانب الإمارات والسعودية". وأوضحت أنّ "العلاقات بين قادة غرب ليبيا ومصر ستأخذ خلال الفترة المقبلة طابعاً رسمياً وعلنياً، إذ من المقرر أن يتم التوافق بشأن ترتيبات متعلقة بزيارة رسمية لرئيس حكومة الوفاق فائز السراج إلى القاهرة للقاء السيسي".
العلاقات بين قادة غرب ليبيا ومصر ستأخذ طابعاً رسمياً
وحول الوضع الميداني على الأرض، قالت المصادر إنّ مصر استدعت أخيراً حفتر إلى القاهرة وحذرته من أي خطوة أو تصرف من دون إبلاغها مسبقاً، وهي الرسالة التي كررها رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل خلال زيارته حفتر في شرق ليبيا في قاعدة الرجمة في 19 ديسمبر/ كانون الأول الحالي. وأوضحت المصادر أنّ القاهرة أبلغت أبوظبي عدم ترحيبها بدفع حكام الإمارات بالحرب مجدداً، مؤكدة في الوقت ذاته عدم رفضها الاستمرار في عمليات تقديم الدعم والتسليح لحفتر، ولكن في إطار إحداث توازن يساهم في ضبط إيقاع المسار السياسي. وقالت المصادر إنّ مصر رصدت عمليات للحشد العسكري من جانب حفتر صوب سرت، حيث انتقلت نحو 200 سيارة محملة بالعتاد العسكري إلى هناك، مؤكدةً أنّ المسؤولين في مصر أوقفوا هجوماً كان يعتزم حفتر شنه بهدف إرباك المشهد.
وكشفت المصادر أنّ الأيام القليلة الماضية شهدت إرسال مصر ضباطاً رفيعي المستوى إلى شرق ليبيا ليكونوا بمثابة مراقبين، في محاولة للسيطرة على نزعات حفتر خلال الفترة المقبلة، التي تسعى فيها إلى التوصل لاتفاق مع حكومة الوفاق.
وأوضحت المصادر أنّ الوفد المصري حمل رسالة القيادة السياسية بشأن الرفض المصري لأي وجود تركي دائم في ليبيا، على ضوء ما أثير بشأن سعي أنقرة لاتخاذ قاعدة "الوطية" بجنوب غرب طرابلس قاعدةً عسكرية دائمة لها. ولفتت المصادر إلى أنّ مصر قدّمت عروضاً لباشاغا والسراج، بتقديم الدعم اللازم من تدريب لأفراد الشرطة وقوات حكومة الوفاق، وهو الطرح الذي كان قد رحّب به باشاغا في وقت سابق. كذلك كشفت المصادر أنّ القاهرة طالبت بوجود عسكري مصري دائم في غرب ليبيا حال استمر الوجود التركي، مشيرة إلى أنها تلقت رداً بأنّ الوجود التركي سينتهي مع الوصول إلى مرحلة بناء جيش ليبي قادر على حماية مصالح البلاد.