زيارة مفاجئة وغير معلنة قام بها رئيس المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل إلى شرق ليبيا، الأربعاء الماضي.
وجاءت الزيارة متزامنة مع التطورات التي تشهدها الأزمة الليبية، في أعقاب عودة التوتر مجدداً، بعد ما وقعت حكومة الوحدة الوطنية، التي تصفها القاهرة بـ"غير الشرعية"، و"منتهية الصلاحية"، اتفاقية جديدة مع تركيا تسمح للأخيرة بالتنقيب عن الغاز والنفط في المياه الليبية.
يأتي هذا فيما كشفت مصادر مصرية وليبية، تفاصيل متعلقة بالزيارة. وأوضحت أن الوزير المصري، التقى قائد قوات شرق ليبيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، للبحث في التطورات الأخيرة.
ترفض مصر الإقرار بالأمر الواقع الذي اتبعته تركيا حيال ليبيا
وأكدت المصادر أن اللقاء تطرق إلى رؤية متعلقة بكيفية مواجهة حكومة الوحدة، وإقناع القوى الغربية والإدارة الأميركية، بعدم قدرتها على حفظ الاستقرار في ليبيا، في ظل عدم قبول الأطراف الليبية الفاعلة لقراراتها.
وكشف مصدر برلماني ليبي، محسوب على معسكر شرق ليبيا، أن زيارة كامل على رأس وفد من الجهاز لم تقتصر على لقاء حفتر فقط. وقال إن "الزيارة تضمنت لقاء اللواء عباس كامل مع فتحي باشاغا رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، لبحث تحركات المرحلة المقبلة، حيث ترفض مصر الإقرار بالأمر الواقع الذي اتبعته تركيا حيال ليبيا".
ترتيبات لمحاصرة تحالف الدبيبة وتركيا
في مقابل ذلك، فقد توفرت معلومات تفيد بأن هناك ترتيبات على الأرض لمحاصرة التحالف بين حكومة عبد الحميد الدبيبة وتركيا، هدفها الأساسي، إبراز الرؤية المصرية بعدم قدرة حكومة الدبيبة على قيادة ليبيا نحو الاستقرار، وأن بقاءها سيقود نحو مزيد من الفوضى.
ويتخوّف خصوم باشاغا وحفتر من أن تشهد الأيام المقبلة محاولة جديدة من حلفاء باشاغا من المجموعات المسلحة في غرب ليبيا ومصراته، المحسوبة عليه، للدخول إلى العاصمة مجدداً.
وأشارت المعلومات إلى أن ذلك التصعيد المحتمل لن يكون هدفه الأساسي إدخال باشاغا لطرابلس، كما كان يحدث في المحاولات السابقة، ولكن بهدف إثارة الفوضى وإظهار حكومة الدبيبة في صورة المغلوبة على أمرها.
كذلك يُخشى من تحركات وترتيبات يقودها حفتر خلال الأيام المقبلة بشأن تحريك مجموعات قبلية، في المناطق التي تسيطر عليها قواته، نحو الحقول النفطية لتعطيل عملها بدعاوى سياسية، وذلك بهدف الضغط على القوى الغربية والإدارة الأميركية لدفعها إلى اتخاذ موقف ضد حكومة الدبيبة.
تنسيق مصري فرنسي لتحريك ملف الحكومة الليبية
وتشهد الفترة الحالية استمرار التنسيق المصري الفرنسي، بهدف تحريك ملف اختيار رئيس جديد لحكومة ليبية يكون محل توافق خلال الأيام القليلة المقبلة.
وفي هذا السياق، فإن اللقاء الذي جمع باشاغا بعباس كامل بحث تلك الخطوة، بعدما استنفدت مصر كافة المحاولات الخاصة بدعمه في مواجهة الدبيبة، ما كلفها خسائر كبيرة بحسب محللين سياسيين.
تنسيق مصري فرنسي لتحريك ملف اختيار رئيس جديد لحكومة ليبية
وقد جرت مباحثات مصرية أميركية، خلال الأيام القليلة الماضية بشأن الأزمة الليبية، عبرت القاهرة خلالها عن صعوبة قبولها بالوضع الراهن، وضرورة البحث عن حل يحافظ على مصالح كافة الأطراف. وجرى التوافق بشأن رئيس حكومة جديد تتفق بشأنه الأطراف الليبية والقوى الإقليمية.
رفض لتمثيل الدبيبة ليبيا بالقمة العربية
كما تم التباحث حول القمة العربية المقبلة في الجزائر والتمثيل الليبي، حيث شددت مصر على رفض تمثيل الدبيبة لليبيا خلال القمة، موضحة أن الحل الأمثل للخروج من تلك الأزمة هو تمثيل رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي لبلاده خلالها، معتبرة أن ظهور الدبيبة في القمة سيكون بمثابة تكريس لموقف غير شرعي.
وقالت الخارجية الأميركية، في بيان الأربعاء الماضي، إنه لا يمكن للولايات المتحدة، أو روسيا، أو تركيا، أو أي دولة أخرى، أن تفرض أي حل على الشعب الليبي، مؤكدة أنها تدعم سيادة ليبيا، وأي حل فيها يجب أن يكون بين الليبيين أنفسهم.
وأكدت الخارجية الأميركية أن المبعوث الخاص عبد الله باتيلي على اتصال بكافة الأطراف، وعقد بعض الاجتماعات في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أخيراً.
وأوضحت الخارجية الأميركية أن هناك تحديات، وبدون وجود حكومة أو توافق أو رؤية مشتركة، سيؤدي ذلك إلى فراغ ستستغله المليشيات. وتابعت: "نحن على اتصال بالحكومة المصرية لأننا نعلم أن الفوضى في ليبيا ستؤثر على مصر".