هاجم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مساء الثلاثاء، روسيا، متهماً إياها بارتكاب مجازر في بلده، داعياً إلى إصلاح نظام الأمم المتحدة لتجريد روسيا من حق النقض، بحيث "لا يكون "الفيتو" يعني حق الموت".
وحث الرئيس الأوكراني، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي حول الوضع في أوكرانيا، عقب الغزو الروسي منذ 24 فبراير/ شباط، الأمم المتحدة على إصلاح نظامها الذي يمنح روسيا العضو الدائم في مجلس الأمن حق النقض (الفيتو)، قائلاً إنه "يجب فعل كل شيء لضمان عمل المنظمة الدولية بشكل فعال".
واستطرد: "نحن نتعامل مع دولة تحول حق النقض في مجلس الأمن إلى حق مكتسب وحق للقتل، الأمر الذي يقوض هيكل السلم والأمن الدولي. الأمر الذي يدمر كل شيء". ثم حذر من أنه "إذا ما استمر الأمر على هذا المنوال فإنه لن يكون ثمة بديل لأي دولة إلا قوة السلاح وستقوض الثقة في القانون الدولي والمؤسسات الدولية وستغلق الأمم المتحدة أبوابها. هل تعتقدون أن زمن القانون الدولي قد ولى؟ عليكم أن تتصرفوا بسرعة، منظومة الأمم المتحدة يجب أن تصلح حالاً كي لا يكون حق النقض حقاً في القتل".
وأضاف: "ينبغي أن يتحلى مجلس الأمن بتمثيل عادل من كل مناطق العالم وينبغي أن يحاسب المعتدي فورا". ثم تحدث عن المذابح التي ارتكبت في بعض المناطق مثل سورية والصومال واليمن وأفغانستان وليبيا، مشدداً على "أنه كان يجب أن تتوقف من أمد بعيد ومعاقبة الطغاة"، ثم تابع قائلا: "ربما إذا ما حورب هؤلاء وعوقب ما كنا لنرى حربا شنت ضد المواطنين الأوكرانيين في بلادي".
زيلينسكي يصف بالتفصيل المشاهد المروعة في بلدة بوتشا
وفي أول خطاب له أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ بدء الحرب، وصف زيلينسكي بالتفصيل المشاهد المروعة في بلدة بوتشا الأوكرانية، قائلاً إن موسكو أرادت تحويل الأوكرانيين إلى "عبيد صامتين".
وقال الرئيس الأوكراني إن "الجيش الروسي يقتل وينهب ويغتصب، ونحن نتعامل مع دولة تستخدم الفيتو لتدمير النظام العالمي"، مضيفاً: "عدت بالأمس من بوتشا، ولا يوجد أي جريمة ممكنة لم يقم الجيش الروسي بارتكابها هناك".
وأضاف أن "الجيش الروسي لم يترك جريمة واحدة دون أن يرتكبها بحق المدنيين الأوكرانيين في بوتشا ومناطق أخرى من أوكرانيا". واتهم الرئيس الأوكراني الروس بـ "اغتصاب النساء، وإطلاق النار على رؤوس المدنيين، وقطع الرؤوس، وتشريد الملايين، ولا يختلف ذلك عن إرهابي داعش".
وقال إن "الروس يشنون حربا ضد كل ما هو مختلف ويطلقون النيران بقصد القتل وينشرون جنودهم وعندما يغادرون يتركون وراءهم الخراب والجثث".
وتساءل الرئيس الأوكراني: "أين هو الأمن الذي ينبغي على مجلس الأمن ضمانه؟ وأين السلام؟ وأين هذه الضمانات؟ هذه المؤسسة المحورية في العالم التي من المفترض أن توقف وتقمع أي عدوان ضد السلام؟".
ورأى أن "ميثاق الأمم المتحدة بات في مرمى النيران والانتهاك ونشهد أفظع جرائم الحرب على الإطلاق منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها... نرى الروس يدمرون المدن ويمارسون التجويع الجماعي ويهاجمون الملاجئ". كما اتهم روسيا بـ"اختطاف أعداد غفيرة من الأطفال الأوكرانيين، وأنها تريد نهب ثروات بلاده وتحويل سكانها إلى عبيد".
من جهتها، نفت موسكو أن تكون ضالعة في ذلك، متهمة السلطات الأوكرانية بـ"فبركة" مقتل مدنيين في مدن عدة للتنديد بموسكو. وقال السفير الروسي للأمم المتحدة، فاسيلي نبينزيا إن الصور المتداولة والفيديوهات من بوتشا ومناطق أخرى مزورة.
واقترح الرئيس الأوكراني عقد مؤتمر دولي في كييف لمناقشة إصلاح النظام الدولي والأمم المتحدة وحماية السلام والأمن الدولي "دون استثناءات لأي دولة".
غوتيريس "مصدوم" بسبب "جرائم بوتشا"
وفي كلمته أمام المجلس، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إن الحرب في أوكرانيا تشكل "أخطر التحديات للنظام الدولي وهيكلية النظام العالمي"، وإن الهجوم الروسي أدى إلى "أسرع موجة نزوح منذ الحرب العالمية الثانية، حيث فاق عدد النازحين الـ10 ملايين".
وعبّر غوتيريس عن صدمته لما جرى في بوتشا الأوكرانية، إذ قال: "لن أنسى صور المدنيين الذين ذبحوا في بوتشا، وقد دعوت لعملية تحقيق، وأعبر عن صدمتي لتقارير حول اغتصاب نساء وانتهاكات حقوق الإنسان".
وذكر الأمين العام للأمم المتحدة: "نتعامل مع اجتياح كبير لدولة عضو وهي أوكرانيا من قبل دولة أخرى وهي الاتحاد الروسي".
غريفيث: أمامنا طريق طويل
من جهته، قال منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، مارتن غريفيث، الذي يسعى لإبرام هدنة إنسانية في أوكرانيا، بعد اجتماع مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو أمس الاثنين، إن "أمامنا طريقاً طويلاً".
وأضاف غريفيث أمام مجلس الأمن الدولي: "الظروف الصعبة تعرقل جهودنا للوصول إلى المدنيين، أو وصولهم إلينا. يتعين السماح للمدنيين بالانتقال إلى مناطق أكثر أمناً دون خوف من التعرض لهجمات". وأوضح أنه يأمل أن يسافر إلى أوكرانيا يوم الأربعاء للاجتماع مع مسؤولين أوكرانيين.
وقال غريفيث إن 1430 مدنياً على الأقل قتلوا، بينهم أكثر من 121 طفلاً. وأضاف: "نعرف أن ذلك يقل غالباً عن العدد الفعلي بشكل كبير".
وقالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، إن المنظمة الدولية تلقت مزاعم ذات مصداقية بأن "القوات الروسية استخدمت ذخائر عنقودية في مناطق مأهولة بالسكان 24 مرة على الأقل". وأضافت أنه يجرى التحقيق أيضاً في مزاعم استخدام القوات الأوكرانية مثل هذه الأسلحة.
وتابعت: "ظهرت أيضاً ادعاءات بارتكاب القوات الروسية عنفاً جنسياً مرتبطاً بالنزاع. يشمل ذلك اغتصاباً جماعياً واغتصاباً أمام الأطفال. كما أن هناك مزاعم بارتكاب القوات الأوكرانية ومليشيات الدفاع المدني أعمال عنف جنسي". وأوضحت أن بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا تسعى للتحقق من كل المزاعم.
غرينفيلد: الولايات المتحدة ستستقبل 100 ألف أوكراني
إلى ذلك، قالت السفيرة الأميركة للأمم المتحدة، ليندا توماس- غرينفيلد، إن بلادها ستقدم أكثر من مليار دولار أميركي إضافي على شكل تمويل جديد للمساعدة الإنسانية للمتضررين من تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.
وأكدت أن بلادها ستستقبل 100 ألف أوكراني وآخرين من الذين يهربون من العدوان الروسي في أوكرانيا، مشيرة إلى أن حكومة بلادها وبالاعتماد على تقارير متاحة وجدت "أن أعضاء في القوات الروسية هم الذين ارتكبوا جرائم حرب في أوكرانيا وحتى قبل تظهر صور بوتشا".
وأشارت إلى "تقارير تتحدث عن اختطاف الأطفال وأي مسؤول أو شخص يقف بوجه العدوان الروسي. وأضافت "بحسب تقرير موثوقة... اُقتيد البعض إلى مخيمات يُقال إن القوات الروسية تجبر من خلالها مئات الآلاف من الأوكرانيين على الانتقال إلى روسيا".