سابقة في اقتحامات المستوطنين قبر يوسف في نابلس

22 أكتوبر 2024
من اقتحام المستوطنين قبر يوسف في نابلس، 22 أكتوبر 2024 (إكس)
+ الخط -

لم يكن الاقتحام الذي نفذه، فجر اليوم الثلاثاء، نحو مائة مستوطن إسرائيلي لـ"قبر يوسف" الذي يدعون أنه يعود لنبي الله يوسف عليه السلام، في المنطقة الشرقية من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، الأول من حيث الاقتحامات، فقد سبقه المئات خلال السنوات الأخيرة، لكنه الأول الذي يتم من دون حماية من جيش الاحتلال الإسرائيلي أو التنسيق مع السلطة الفلسطينية التي عادة ما ينسحب عناصر الشرطة الخاصة بها من المكان قبيل وصولهم، ما يدلل على أن مجموعات المستوطنين باتت بعضها تنسق مع بعض وتعتمد على نفسها في اقتحام المناطق الفلسطينية حتى تلك المصنفة "أ"، من دون الحاجة إلى حراسة من أحد.

ودرجت العادة أن تعمل الجهة الاستيطانية المشرفة على الاقتحام على نشر تفاصيله عبر المنصات الخاصة بهم، وبالتواريخ المحددة، وتقتحم قوات الاحتلال المنطقة في وقت مبكر من ليلة الاقتحام وينتشر عناصرها والقناصة على أسطح البنايات المطلة على المكان لتأمين دخولهم، وفي الوقت ذاته تغادر الشرطة الفلسطينية الموقع، لكن ما جرى فجر اليوم، بحسب شهود عيان لـ"العربي الجديد"، أن حافلة إسرائيلية وصلت إلى الشارع الموصل إلى الضريح، وبعد أن توقفت نزل منها عشرات المستوطنين، وغالبيتهم من الفتية المتدينين، وخلال دقائق وصلت حافلة ثانية تضم مستوطنين متدينين يرتدون القبعات السوداء، فيما يبدو أنه ضمن الطقوس الخاصة بعيد العرش، الذي بدأ قبل عدة أيام. لكن مقطعاً آخر حظي بتناقل واسع عبر المنصات الإعلامية أظهر عناصر من الأمن الفلسطيني وهم يلاحقونهم ويركلونهم، وتجميعهم وهم جالسون على الأرض وتظهر عليهم علامات الخوف والإرباك.

مصدر أمني فلسطيني أكد الحادثة قبل أن يضيف في تصريح لـ"العربي الجديد"، "أن الترجيحات تذهب إلى كون هذه المجموعة الدينية المتطرفة ليست على وفاق مع قادة المستوطنين الذين يشرفون وينفذون الاقتحامات إلى قبر يوسف والتي تتم بحماية جيش الاحتلال والسلطة الفلسطينية، إما لخلافات دينية أو سياسية، لكن ما يهمنا أنهم اقتحموا من دون تنسيق، وبالتالي جرى التعامل معهم من عناصر الأمن الفلسطيني". ولفت المصدر، إلى أن "المستوطنين ومن خلفهم قادتهم المتطرفين أمثال الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وبتنسيق كامل مع جيش الاحتلال يتعمدون افتعال المشاكل والمواجهات ويستفزون الشبان الفلسطينيين والأهالي بإطلاق الرصاص والقنابل وإشعال المنطقة، في محاولة منهم لفرض أمر واقع على الأرض".

وبطريقة غير مباشرة، أوضح المصدر أن أقصى أماني المستوطنين أن "يُقتل مستوطن أو جندي في محيط قبر يوسف"، ومن ثم تصبح هناك حجة كبيرة للعودة والسيطرة الكاملة على المكان، كما هدد بن غفير مراراً، ومن ثم "علينا تفويت الفرصة عليهم، فهذه أرضنا وتحت سيطرتنا الكاملة بحسب الاتفاقيات المبرمة". وبالفعل، فقد تكرر الأمر في أكثر من موقع بالضفة الغربية، حيث تقام بؤرة استيطانية أو يعود المستوطنون إلى المكان الذي شهد مقتل جندي أو مستوطن.

أما منسق شمال الضفة الغربية في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية مراد اشتيوي، فأشار في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن هذه تعد من المرات النادرة التي يتجرأ فيها المستوطنون على اقتحام المنطقة وحدهم، وهو ما يؤشر لإمكانية تكرار هذا الحدث في مواقع أخرى يدعون أنها تضم رموزاً دينية لهم، لكن الأهم هو محاولتهم باعتمادهم على أنفسهم وعدم التنسيق مع جيش الاحتلال.

وقال اشتيوي: "يستمدون قوتهم من وزرائهم في الحكومة اليمينية المتطرفة التي حصلوا منها على الضوء الأخضر في عمليات القتل والحرق والاعتداء على الآمنين في الريف وسرقة محاصيلهم الزراعية وغيرها"، مشيراً إلى أن ذلك ينذر بأن القادم أسوأ وأخطر، فقد يتجرؤون على اقتحام المدن الفلسطينية المصنفة "أ" وفق اتفاقيات أوسلو، وينفذون فيها جرائمهم من دون حسيب أو رقيب.

ودعا اشتيوي إلى تعزيز لجان الحراسة والحماية التي باتت مطلباً ملحاً في كلّ المواقع، وإلى الانخراط فيها من كل فئات المجتمع. وأوضح أن الأمن الفلسطيني يقوم بدوره المنوط به، في تأمين المواقع السيادية ومنع أحد من الاقتراب منها وعدم توفير أي مبررات للاحتلال لوضع اليد عليها وفرض الأمر الواقع.