ستيفاني خوري... هل تكون ورقة واشنطن الجديدة في الملف الليبي؟

04 مارس 2024
ينتظر أن تتسلم خوري مهامها قريباً (صفحة بعثة يونيتامس على فيسبوك)
+ الخط -

يطرح تعيين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ستيفاني خوري نائبة لرئيس الشؤون السياسية بالبعثة الأممية، خلفاً للدبلوماسي الزيمبابوي رايزيدون زينينغا تساؤلات في ليبيا حول توقيت الخطوة، لا سيما أنها تتزامن مع فشل رئيس البعثة عبد الله باتيلي في إقناع قادة الأطراف السياسية بالانضمام لطاولة حوار خماسية، وفق مبادرته التي أعلنها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

كما تسود تساؤلات حول ما إذا كان سيناريو المبعوثة الأميركية ستيفاني وليامز سيتكرر قريباً.

ويذكر موقع الأمم المتحدة أن خوري، التي من المرجح أن تتسلم مهامها في ليبيا في غضون الأسبوع الحالي، شغلت العديد من المناصب ذات العلاقة بإدارة النزاعات وبناء السلام في الشرق الأوسط لمدة 30 سنة، منها 15 في العراق وسورية ولبنان والسودان وليبيا واليمن، وآخرها منصب مديرة الشؤون السياسية في بعثة الأمم المتحدة للمساعدة الانتقالية في السودان.

كما أن خوري كانت زميلة باحثة في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في بريطانيا وعملت مع منظمات غير حكومية، بما في ذلك منظمة البحث عن أرضية مشتركة.

باتيلي يتطلع للعمل مع ستيفاني خوري

وعقب قرار تعيينها، الجمعة الماضي، أعرب باتيلي عن تطلعه إلى التعاون مع نائبته الجديدة ستيفاني خوري "للدفع بالعملية السياسية في ليبيا قدماً"، بحسب تدوينة على حسابه بمنصة "إكس".

المبروك القلعي: مبادرة الطاولة الخماسية التي أعلنها باتيلي أميركية التصميم

وجاء قرار غوتيريس بعد ثلاثة أيام من بيان لمجلس الأمن، أكد فيه دعمه لجهود باتيلي لعقد اجتماع بين الأطراف الرئيسية في ليبيا للحوار من أجل "التقدم نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وطنية حرة ونزيهة وشفافة وشاملة في جميع أنحاء ليبيا في أقرب وقت ممكن". ودعا "جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين إلى المشاركة الكاملة مع الممثل الخاص للأمين العام بحسن نية ودون شروط مسبقة".

وأعاد بيان مجلس الأمن الحياة لجهود البعثة الأممية المتعثرة منذ أشهر، حيث لم يتمكن باتيلي من إنجاح مبادرته التي أعلنها في نوفمبر الماضي، ودعا إليها من وصفهم بالقادة الأساسيين، وهم رؤساء مجلس النواب عقيلة صالح، والمجلس الأعلى محمد تكالة، والمجلس الرئاسي محمد المنفي، وحكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بالإضافة إلى قائد مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر، للحوار حول الشواغل في القوانين الانتخابية التي تعرقل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفقها.

تعيين ستيفاني خوري مراوغة أميركية

ويعتبر عضو مجلس النواب، جاب الله الشيباني، في منشور على صفحته على "فيسبوك" الجمعة الماضي، أن تعيين ستيفاني خوري مراوغة أميركية، وتحايل على المجتمع الدولي تفادياً للفيتو الروسي والصيني فيما لو حاولت واشنطن تعيين رئيس للبعثة أميركي الجنسية.

كما يعتبر أنها ستكرر ما فعلته في عهد ولاية المبعوث الأسبق غسان سلامة والمبعوثة الأميركية ستيفاني وليامز، لافتاً إلى أن باتيلي قد يقدم هو الآخر استقالته لتمكين خوري في مكانه، كما تم تمكين وليامز من قبل باستقالة سلامة المفاجئة في مارس/آذار 2020.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية المبروك القلعي أن قراءة الشيباني "قد تقترب من الواقع، خصوصاً أن توقيت تعيين ستيفاني خوري حساس جداً بالنسبة للبعثة الأممية، التي تُراجع دورها بشكل كبير في عهد باتيلي ولم تعد فاعلة". وأشار إلى أن البعثات الأممية طريق هام بالنسبة لواشنطن لتمرير العديد من سياساتها في أكثر من منطقة وبلد.

مبادرة باتيلي أميركية التصميم

ويلفت القلعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن مبادرة الطاولة الخماسية التي أعلنها باتيلي "أميركية التصميم، فواشنطن لم تترك مناسبة إلا وشددت على دعمها للمبادرة، لأنها تقع ضمن سياساتها، التي بات من الواضح أنها تسير في اتجاهين يلتقيان في نقطة واحدة، هي توحيد جميع السلطات تحت سلطة مدنية"، مشيراً إلى أن الاتجاهين هما سياسي وعسكري.

ويشير المبروك إلى نشاط أميركي مؤخراً في السياق العسكري، عبر الاجتماعات الكثيفة مع القيادات العسكرية في حكومة الوحدة الوطنية وقيادة حفتر، تحت عنوان توحيد المؤسسة العسكرية.

ويقول: "من الضروري أن يتوازى هذا النشاط مع مساع سياسية، يبدو أن خوري هي المرشحة لتفعيلها عبر المبادرة الخماسية التي فشل باتيلي في إنجاحها".

يتساءل أحمد العاقل حول ما يمكن أن تحققه خوري في ليبيا وهي التي لم تحقق أي شيء لواشنطن في السودان

وفي الآونة الأخيرة، أجرى وفد من السفارة الأميركية في ليبيا مشاورات مع قيادة خليفة حفتر في شرق ليبيا، ورئاسة أركان الجيش التابعة لحكومة الوحدة الوطنية.

وذكرت صفحة رئاسة أركان الجيش، التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، في بيان على صفحتها في "فيسبوك" في 27 فبراير/شباط الماضي، أن وفداً عسكرياً من السفارة الأميركية في ليبيا أجرى مشاورات مع رئيس الأركان الفريق أول محمد علي الحداد، تطرقت إلى "إمكانية مشاركة الجيش الليبي في مناورات وتمارين الأسد الأفريقي السنوية"، ومناقشة مقترح "بتشكيل قوة مشتركة، كخطوة أولى نحو توحيد المؤسسة العسكرية".

ويتابع القلعي: "بالطبع لا تأبه واشنطن لحل سياسي دائم في ليبيا، بقدر ما تسعى للوصول إلى نتائج سريعة لموازنة توغل منافسيها في ليبيا والمنطقة بأسرها، وهنا أعني موسكو. ولذا تم حصر الحوار في الشخصيات الخمس الرئيسية فقط لضمان الإمساك والتحكم بالعملية السياسية، وتوجيه منتجها الذي يجب أن يتكامل مع مسار تشكيل هيكل عسكري موحد من معسكري البلاد، غرباً وشرقاً".

ويرجح القلعي أن تعمل واشنطن بمسار يشبه مسار وليامز السابق "لكن بإصلاح الأعطاب الكبيرة التي شابت خطتها، وأولها خطأ توحيد السلطة السياسية دون العسكرية".

ويعتبر أن "الفشل الذي واجهته السلطة التنفيذية (حكومة الوحدة الوطنية) التي شكلتها وليامز كان سببه الانقسام العسكري وتعدد المجموعات المسلحة، والخطأ الثاني توسيع دائرة الحوار عبر 75 شخصية في ملتقى الحوار السياسي".

ويتابع: "لذا ركزت مبادرة باتيلي على خمسة من الفاعلين الأساسيين فقط، ويبدو أن شكل السلطة الموحدة القادمة لن تكون بعيدة عن شخوصهم، وكذلك معالجة قضية حفتر وتفرده بقرار كتلة مسلحة كبيرة، كالتي تتبعه في شرق وجنوب البلاد وتركه لاعباً في المعادلة الليبية دون قيود".

وفيما يؤكد القلعي أهمية الملف الليبي "في المرحلة الحالية بالنسبة لواشنطن، فهناك منافسة كبيرة من قبل العديد من العواصم لاستخدام الأزمة الليبية لتحقيق مصالح في المنطقة، ومنها فرنسا التي تستعد للدفع بمبادرة تهدف لعقد حوار مواز لحوار البعثة الأممية لاستعادة ما فقدته في الملف الليبي، وكذلك روسيا التي لم يعد خافياً أنها تعزز وجودها العسكري في ليبيا"، يعتبر الباحث السياسي أحمد العاقل، من جانبه، أن "في الأمر مبالغة في تقدير دور خوري".

خوري لم تحقق شيئاً لأميركا في السودان

ويتساءل العاقل، في حديث لـ"العربي الجديد"، حول ما يمكن أن تحققه ستيفاني خوري في ليبيا "وهي التي لم تحقق أي شيء لواشنطن في السودان على تشابه الأزمتين، بل وماذا حققت وليامز للمصالح الأميركية في ليبيا، فهناك تضخيم لحجم أهمية الملف الليبي بالنسبة لقطب دولي كواشنطن مصالحه مترامية وواسعة".

ووفقا لرأي العاقل فإن تعيين "موظفين جدد في البعثات والمكاتب الأممية لا يغير من أدوارها في مناطق النزاع، والذي لا يزيد عن تعزيز الانقسامات والفوضى، وبالطبع السبب هو تضارب مصالح الكبار، إذ إنه يمكن لواشنطن التأثير في المؤسسة الأممية الدولية، مثل موسكو أو وباريس".

ويعتبر أن الانشغال الدولي بملفات ساخنة في المنطقة يجعل من مصلحة المؤثرين الدوليين الإبقاء على الحالة الليبية "قيد المراوحة إلى حين بروز متغيرات دولية جديدة".

المساهمون