كشفت مصادر خاصة، عن خلافات في الرؤى بين مصر والسودان بشأن خطة التحرك الخاصة بأزمة سد النهضة والمماطلة الإثيوبية. وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن الخلاف الرئيسي بين القاهرة والخرطوم في هذا الصدد، يتمثل في الاعتماد على وساطة دولة الكونغو الديمقراطية، التي انتقلت إليها رئاسة الاتحاد الأفريقي، خلفاً لدولة جنوب أفريقيا.
وأضافت المصادر، أن القاهرة تتبنى رؤية خاصة بمنح دولة الكونغو الفرصة للوساطة، بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، وذلك في إطار استنفاد كافة الخطوات الرسمية والتفاوضية، قبل التوجه إلى مجلس الأمن الدولي. وتابعت المصادر "في المقابل لا يرى السودان في الاكتفاء بالكونغو كوسيط منفرد خياراً صحيحاً"، مرجعاً ذلك "لكون الكونغو ليس بمقدورها القيام بتلك المهمة، وكذلك عدم قدرتها على إقناع أديس أبابا بتغيير مواقفها".
يرى السودان أن الكونغو لا تستطيع إقناع أديس أبابا بتغيير مواقفها
وكشفت المصادر أن السودان قدم مقترحاً لمصر، بإشراك أطراف ذات ثقل دولي، بإمكانها لعب دور في الضغط على إثيوبيا. وأشارت إلى أن الخرطوم طرحت على القاهرة إشراك كل من لندن، التي قدمت للخرطوم إشارات إيجابية بشأن استعدادها للمشاركة في الوساطة، بالإضافة للاتحاد الأوروبي كشريكين أساسيين في الوساطة.
وأعلن وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي أخيراً رفض بلاده أي اتفاق يحيد عن إعلان المبادئ بشأن سد النهضة، الموقع في مارس/آذار 2015، مشيراً إلى أن السد يتم بناؤه بشكل سريع، حيث اكتمل أكثر من 78 في المائة من أعمال التشييد، ووصلت نسبة استكمال الأعمال الهندسية للسد إلى 91 في المائة. وقال إن إثيوبيا ستبدأ عملية الملء الثانية لبحيرة سد النهضة خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وحمل بيكيلي مصر والسودان مسؤولية عدم التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة، مشيراً إلى أن أديس أبابا "مرنة جداً" بالمفاوضات. واعتبر أن القاهرة والخرطوم تتخذان مساراً يُعطل المفاوضات التي تسعى أديس أبابا إلى إنهائها بشكل مرضٍ لجميع الأطراف. وقال إن "إثيوبيا غير معنية بفشل الأطراف في التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة خلال الجولات الماضية، التي كان يرعاها الاتحاد الأفريقي".
وأكد رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، من جهته، أن سد النهضة يشكل تهديداً لأمن نحو 20 مليون سوداني، لافتاً إلى أن حل مسألة السد يجب أن يتم وفق القانون الدولي. وقال حمدوك: "متفقون على المضي قدماً لحل ملف سد النهضة ضمن الحلول الأفريقية".
طرحت الخرطوم على القاهرة لندن والاتحاد الأوروبي كشريكين أساسيين في الوساطة
وكانت وزارة الخارجية المصرية أعلنت، منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، أن الاجتماع السداسي الذي عقد، لبحث أزمة سد النهضة أخفق في تحقيق أي تقدم. وعزت الإخفاق في إحراز تقدم إلى "خلافات حول كيفية استئناف المفاوضات والجوانب الإجرائية ذات الصلة بإدارة العملية التفاوضية". وأعلنت الخرطوم أنه "لا يمكن الاستمرار" في ما وصفته بـ"الدائرة المفرغة من المباحثات الدائرية إلى ما لا نهاية، بالنظر لما يمثله سد النهضة من تهديد". وذكرت وكالة الأنباء السودانية أن "الاجتماع السداسي، بين وزراء الخارجية والري في السودان ومصر وإثيوبيا، فشل في التوصل لصيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول سد النهضة الإثيوبي".