أكّد الرئيس التونسي قيس سعيد، "إيمانه العميق باستقلالية القضاء والقضاة"، مشدداً على "ضرورة محاسبة كلّ من أجرم في حقّ الشعب ونهب مقدّراته وما زال يعمل على بثّ الفتنة، وتأجيج الأوضاع الاجتماعية"، حسب تعبيره.
يأتي هذا، بينما دعت عشرات المنظمات والجمعيات التونسية، أمس الاثنين، إلى "وضع حدّ لتدخل السلطة التنفيذية في شؤون القضاء، واحترام الحق الأساسي في المحاكمة العادلة أمام محكمة مستقلّة ومحايدة".
وقبل ذلك كرر قضاة تونسيون مراراً، القول إن السلطات التنفيذية استولت على المنظومة القضائية، وتسببت بانعدام استقلالية القضاء تحت سيف التهديدات والإعفاءات والملاحقات للقضاة، ما مس بإمكانية إجراء محاكمات عادلة، خاصة للمعتقلين السياسيين.
وقال سعيد خلال استقباله، اليوم الثلاثاء، وزيرة العدل ليلى جفّال، إنّه "كما نريد ألا يُظلم أحد، لا نريد أيضاً أن يبقى من ظلموا الشعب ونكّلوا به وما زالوا في غيّهم في افتعال الأزمة تلو الأزمة، خارج المساءلة في إطار محاكمات عادلة يعامل فيها الجميع على قدم المساواة".
وتناول اللقاء، بحسب بيان للرئاسة التونسية، العديد من المواضيع، من أهمّها "سدّ الشغورات في عدد من المحاكم وفي وزارة العدل".
وتطرّق اللقاء، بحسب البيان، إلى "مشروع القانون المتعلق بالفصل 411 من المجلة التجارية الذي يجب أن يقوم على تحقيق التوازن المنشود بين حقوق الدائنين التي يجب أن تكون محفوظة، وإخراج (إطلاق سراح) من تمّ الحكم عليهم من أجل إصدار صكوك دون رصيد من السجون، فلا الدائن منتفع، ولا من يقبع في السجن قادر على تسوية وضعيته من وراء القضبان"، وفق البيان.
كما استقبل سعيد رئيس المجلس الأعلى المؤقّت للقضاء، المنصف الكشو. ولفت إلى حرصه على "استقلال القضاء والدور الموكول للقضاة في إرساء العدل الذي دونه لن يستقيم أيّ شيء، فضلاً على أنّ القضاء هو الحامي للحقوق والحريات"، وفق ما ورد في بيان رئاسة الجمهورية.
وشدد سعيد على "ضرورة الإحاطة بالقضاة الشبان حتّى لا تحصل تجاوزات مقصودة أو غير مقصودة". وقال: "الظلم ظلمات والإجراءات الاحترازية لا بدّ لها من مبررات موضوعية كسعي ذي الشبهة إلى الفرار أو أنّه يمثّل خطراً على الأمن العام"، وفق تعبيره.
وتطرق سعيد إلى الاختصاص التأديبي للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء "حتّى لا يجلس على أرائك القضاة إلا من تتوفّر فيه كلّ شروط النزاهة والحياد"، حسب قوله.
كما تطرق إلى مسألة سدّ الشغورات، وقال إن "إعداد مشروع الحركة القضائية بناء على ما ورد في الدستور من أحكام إلى جانب النصوص الأخرى المتعلقة بأهم وظيفة داخل الدولة وهي القضاء"، مضيفاً أن "الأحكام والقرارات تصدر باسم الشعب، والقوانين يجب أن تكون بالفعل معبّرة عن إرادة الشعب، ولا بدّ من مراجعة عدد منها حتى تكون تعبيراً عن إرادته، والأمر موكول للمشرّع حتى يسنّ القوانين التي تعبّر عن إرادة صاحب السيادة"، وفق نصّ البيان.
وحذّرت المنظمات والجمعيات التونسية، أمس، من "التوظيف الخطير للعدالة ضدّ كل المتقاضين، الذين يظلّ حصنهم الأخير ضدّ التعسف هو سلطة قضائية مستقلّة، وهي الضامن الوحيد للمحاكمة العادلة"، ودعت إلى إلغاء المرسوم رقم 11 الصادر في 12 فبراير/شباط 2022 المنقّح بالمرسوم رقم 35 الصادر في 1 يونيو/حزيران 2022 (مرسوم حل المجلس الأعلى للقضاء المنتخب).
وجاء في بيان لها: "بموجب المرسوم رقم 11، الصادر في 12 فبراير/شباط 2022، حلّ رئيس الجمهوريّة المجلس الأعلى للقضاء، وهو هيئة منتخبة ومنصوص عليها في دستور 2014، ومهمتها المفترضة هي ضمان استقلالية القضاة، وعوّضه بمجلس مؤقت يعيّن الرئيس بشكل مباشر ما يقرب من نصف أعضائه، قبل أن يُعفي 57 قاضياً في يونيو/حزيران 2022 مانحاً لنفسه حق عزل القضاة في "المرسوم رقم 35". وهكذا، سُحِقت استقلاليّة القضاء، التي ضَمَنها المجلس المستقلّ".