سموتريتش يعبّد طريق ضمّ الضفة عند عودة ترامب

17 ديسمبر 2024
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، 20 مارس 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الضفة الغربية تصاعدًا في عمليات هدم الأبنية الفلسطينية، حيث نُفذت حوالي 650 عملية هدم بدعوى "عدم قانونيتها"، في إطار جهود بتسلئيل سموتريتش لضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية.

- كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن تغييرات في هيكلية "الإدارة المدنية" و"دائرة التسوية"، مما أدى إلى زيادة عمليات الهدم في مناطق استراتيجية مثل وادي الولجة وغوش عتصيون، بهدف تغيير الوقائع الميدانية.

- تسعى الحكومة الإسرائيلية لفرض السيادة على مناطق "ب" من خلال إنفاذ القانون وسحب الصلاحيات من السلطة الفلسطينية، تحضيرًا للاعتراف الأميركي المحتمل بالسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.

معطيات ومؤشرات لا تترك مجالاً للشك بأن وزير الماليّة والوزير الثاني في وزارة الأمن، بتسلئيل سموتريتش، يواصل خططه لضمّ الضفة الغربية المحتلة للسيادة الإسرائيلية. ففي العام الحالي الذي شارف على نهايته، نُفذت نحو 650 عملية هدمٍ لأبنية فلسطينية بدعوى "عدم قانونيتها"، وهو ما يُشكل ضعف عمليات الهدم المنفذة في العام السابق. بالتوازي مع ما تقدّم، يجهد سموتريتش لإنشاء تواتر مناطقي يهودي متصل بين القدس المحتلة والمستوطنات.

كما تكشف الأرقام والمعطيات الميدانية في الضفة الغربية المحتلة عن أن الوزير سموتريتش، والذي أحدث انقلاباً مهولاً في هيكليّة "الإدارة المدنية" منذ توليه منصب وزير في وزارة الأمن، بموازاة إقامته لـ"دائرة التسوية"، يسعى لإنشاء ضم فعلي للضفة الغربية. وكشفت صحيفىة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الثلاثاء، عن معطيات تظهر أنه في السنة الحالية قامت "الإدارة المدنية"، و"دائرة التسوية" بـ642 عملية إنفاذ ضد ما تعتبره سلطات الاحتلال أبنية ومنشآت فلسطينية "غير قانونية"، وفي بعض هذه العمليات طاول الهدم أكثر من مبنى واحد، فيما تضمنت كذلك هدم دفيئات زراعية، ومخازن. وبالمقارنة مع العام المنصرم فقد نُفذت 306 عمليات، ما يعني أن ارتفاع عمليات الهدم قد تضاعف في سنة.

وفي السياق، نقلت الصحيفة عن "مسؤول مهني" لم تكشف عن هويّته، تقديره بأن هذه العمليات قد طاولت نحو ألف مبنى فلسطيني هُدم هذا العام، وأن من بين 642 عملية مُنفذة، 135 جرت في الشهر الماضي. وادعت الصحيفة أن السبب وراء الارتفاع الحاد في عمليات "الإنفاذ" عائدٌ إلى حقيقة أن موظفي الإدارتين جُنّدوا لخدمة الاحتياط في جيش الاحتلال إبان اندلاع الحرب، كما انشغلت قوات الجيش ذاتها في الحرب ذاتها ما تسبب في تأجيل عمليات الهدم. علماً أن الحرب بدأت في الربع الأخير من العام الماضي.

وعلى الرغم من الادعاء السابق، عدّت الصحيفة أن الوتيرة المرتفعة والمتسارعة للهدم تدخل في إطار "الحاجة" لتغيير الوقائع الميدانية ارتباطاً باقتراب موعد دخول الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، للبيت الأبيض، بعد أقل من شهر. أمّا دليلها على هذا الرابط، فعزته إلى حقيقة أن سموتريتش وموظفيه وضعوا في الشهر الأخير، مسألة الربط الجغرافي بين تجمع مستوطنات "غوش عتصيون" والقدس المحتلة، نُصب أعينهم؛ إذ تركزت عمليات الإنفاذ وهدم البيوت على منطقة وادي الولجة التي تربط بين "التجمّع" والقدس.

وخلال العمليات المذكورة هُدمت عدّة أبنية فلسطينية ضمنها وحدات سكنية على مساحة نحو دونم، فضلاً عن هدم أبنية متنقلة. إضافة إلى ما سبق، طاولت عمليات الهدم منطقة وادي فوقين الواقعة بالقرب من "غوش عتصيون"، وتضمنت إخلاء منشآت زراعية، ومصادرة عشرات أشجار الزيتون، وشتول أخرى زُرعت على مساحة 1.5 دونم. علاوة على هذه العمليات، أُضيفت كذلك الحوادث التي وصفتها الصحيفة بـ"الخطيرة" نسبياً والتي شملت إنفاذ "القانون" على المحميات الطبيعية الواقعة في مناطق "ب"، في منطقة "غوش عتصيون".

خطورة إنفاذ القانون على مناطق "ب" تكمن في أنه طبقاً لاتفاقيات أوسلو، فإن صلاحيات الإنفاذ، والبناء، والتخطيط وكل ما يتعلق بالشؤون الإدارية للسكان في هذه المناطق، هي من صلاحيات السلطة الفلسطينية. وكانت الحكومة الإسرائيلية، ومن خلال الكابينت قد قررت في 28 حزيران/يونيو 2024 إنفاذ القانون على هذه المناطق والتي تُعرف بالتسمية الفلسطينية باسم صحراء القدس، ما يعني أنها سحبت الصلاحيات من السلطة، وهو ما يؤسس تدريجياً للسيادة الإسرائيلية على مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني.

وفي المحصلة، نُفذت 11 عملية إنفاذ في وادي الولجة، وسبع في المحمية القريبة، وخمس أخرى في وادي فوقين. وذلك بعد خمسة أشهر من مصادقة الكابينت على "تبييض" خمس بؤر استيطانية تقع في نقاط استراتيجية في المنطقة التي تصل بين القدس و"غوش عتصيون". وهو ما يُقَطّع عملياً التواصل الجغرافي بين المناطق الفلسطينية، على حساب ربط القدس والتجمع الاستيطاني بوصلة جغرافية ممتدة.

إضافة إلى ما تقدّم، يحاول سموتريتش العمل بسرعة لتغيير الواقع في الضفة، في جزء من تحضير الأرضية لوصول الإدارة الأميركية الجديدة للبيت الأبيض، التي يعلّق الاحتلال عموماً آماله عليها في مسألة الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على الضفة، أسوة باعترافها سابقاً بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة، وذلك بالارتكاز على الوضع الجديد الناشئ على الأرض.

على أثر هذه التغييرات، اعتبر سموتريتش، اليوم الثلاثاء، أن "خطة السلطة الفلسطينية القاضية بقطع التواصل بين غوش عتصيون والقدس، وإنشاء تواتر من الأقاليم المتصلة في أنحاء الضفة وغور الأردن، باءت بالفشل"، مشدّداً على أنّ "العمليات في الولجة وفوقين، تشكل رسالة واضحة مفادها بأننا لن نسمح بإقامة دولة فلسطينية ستشكل خطراً على المستوطنات وأمن المنطقة". وتوّعد بأنه "سنواصل العمل بكل حزم للحفاظ على دولة إسرائيل وأمن مواطنيها".

المساهمون