لم يكن اسم سنان أوغان، المرشح الرئاسي للانتخابات التركية المرتقبة غداً الأحد، معروفاً على نطاق واسع في الساحة التركية، عندما تمكن في شهر مارس/ آذار الماضي، من جمع مائة ألف توقيع من الناخبين المطلوبة للترشح للرئاسة، ليصبح المرشح الثالث في انتخابات الرئاسة هذا العام، إلى جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومرشح تحالف الشعب المعارض كمال كلجدار أوغلو، بعد انسحاب المرشح الرئاسي السابق محرم إنجه.
سنان أوغان... مرشح عن "تحالف العنصرية"
وسنان أوغان، أكاديمي مرشح للرئاسة عن تحالف "أتا" (أي الأجداد)، والذي يضم حزب "العدالة" بزعامة وجدت أوز، وحزب "النصر" الذي يقوده النائب البرلماني المتطرف والمثير للجدل أوميت أوزداغ. ويستهدف هذا التحالف، ذو الصبغة القومية المتطرفة، المهاجرين غير النظاميين والأجانب المقيمين في تركيا، وخصوصاً السوريين والأفغان، ولا يملك أجندة أخرى سوى ترحيل الأجانب.
أوغان، المولود في عام 1967، هو نائب سابق في البرلمان التركي عن حزب الحركة القومية. ينتمي هذا المرشح الرئاسي إلى أصول آذرية، ودرس في كلية العلوم الإدارية والاقتصادية بجامعة مرمرة، والتي أكمل فيها الدراسات العليا، قبل أن ينجز الدكتوراه في العلاقات الدولية بجامعة روسية في موسكو. يعمل أوغان حالياً باحثاً في جامعة مرمرة، وهو يتقن الإنكليزية والروسية، وتولى رئاسة مجموعة من المؤسسات البحثية. لأوغان 3 مؤلفات وأكثر من 500 مقالة بحثية، وحاز على عدد كبير من الجوائز.
يستهدف تحالف أوغان المهاجرين غير النظاميين والأجانب المقيمين في تركيا، وخصوصاً السوريين والأفغان
دخل سنان أوغان عالم السياسة مع حزب الحركة القومية (المتحالف مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب "العدالة والتنمية")، وتمكن من دخول البرلمان في انتخابات 2011 نائباً عن ولاية أغدر (شرق تركيا)، لكن حزبه لم يرشحه للنيابة في انتخابات عام 2015.
يُعرف أوغان بمواقفه العنصرية ضد الأجانب وبمهاجمتهم، وهو سبب تفاهمه مع زعيم حزب "النصر" أوميت أوزداغ المعروف بدوره بعنصريته الشديدة ضد الأجانب، وخصوصاً السوريين والأفغان، ويتعهد بإعادتهم لبلادهم (ولو بالقوة)، في حال فوز تحالفه بالانتخابات.
ونتيجة هذا الخطاب العنصري تجاه اللاجئين والمهاجرين، تمكن أوغان من نيل مائة ألف توقيع من الناخبين للترشح، وهو يدعي أن هذه التواقيع أكبر من هذا الرقم بكثير، حيث يحظى بدعم اليمين العنصري.
تحالفه، "أتا"، فشل في وضع أي مشاريع أخرى لصالح تركيا على أجندته الانتخابية غير طرد الأجانب، حتى تنتشر فيديوهات لأوزداغ دائماً على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيها وهو في سجال مع السوريين ومتوعداً إياهم بالترحيل. كما توعد في بعض الفيديوهات مواطنين أتراك بترحيلهم أيضاً، بعدما طالبوا بعدم ترحيل السوريين أو دافعوا عنهم، وذلك في مؤشر إلى قوة نزعته العنصرية. ومرة سأله مهاجر سوري عن وعوده للناخبين الأتراك، فرد أوزداغ عليه بأن "هذا الأمر لا يعنيه"، في دليل على أن التحالف ومرشحه يتغذى من عداء وكراهية الأجانب فقط.
أصوات مجيّرة للدورة الثانية
وأول مشاريع التحالف في حال فوزه بالانتخابات، كما يتعهد، هو تنظيم رحلات لإعادة اللاجئين وخصوصاً السوريين والأفغان، إلى بلادهم، إذ أكد أوغان خلال حملته الرئاسية أن أول قرار رئاسي سيوقعه في حال فوزه بالانتخابات هو قرار ترحيل الأجانب.
ويبدو أن سنان أوغان هو أضعف المرشحين الرئاسيين، لكن مهما كانت نسبة الأصوات التي سيحصل عليها الأحد، فإن موقفه سيتعزز في حال تمّ الذهاب إلى جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية، إذ عندها سيتعين معرفة الجهة التي سيجيّر لها التحالف أصواته، حيث إن أغلب مؤيديه هم من الأطياف القومية واليمينية المتشددة.
وحتى الآن، لم يحصل أوغان على نسب جيّدة في استطلاعات الرأي الرئاسية، ومنها حصوله على 3 في المائة فقط من نوايا الناخبين في الاستطلاع الذي أجرته شركة "أوراسيا"، وعلى 3.2 في المائة باستطلاع لشركة "أو آر سي"، وعلى نسبة 2 في المائة باستطلاع شركة "أكسوي". ونال أوغان 2.8 في المائة فقط في استطلاع رأي أجرته شركة "أريدا سورفاي"، و1.1 في المائة باستطلاع شركة "غينار"، و3 في المائة بحسب شركة "أوبتيمار".
قد يأخذ أوغان من أصوات الحزب الجيد والحركة القومية والعدالة والتنمية
وعن المرشح الرئاسي أوغان، يقول الكاتب والباحث جاهد طوز، لـ"العربي الجديد"، إن "أوغان من التيار القومي، وكان نائباً سابقاً في البرلمان التركي عن حزب الحركة القومية، ولكن نظراً لتعارض الآراء بينهما، فقد ترك حزب الحركة القومية لكنه يبقى معروفاً بقوميته". ويلفت طوز إلى أن أوغان "محافظ وأكاديمي، غير معروف على نطاق واسع في تركيا وليس له مؤيدون كثر، حيث يتم الحديث عما بين 2 و3 في المائة من الأصوات التي قد ينالها فقط". ولذلك، فإن طوز لا يعتبر أوغان "مرشحاً قوياً" رغم "تبني الأخير خطاباً معادياً للاجئين الأجانب من كل الدول ودعوته مع تحالفه لطردهم من تركيا ورغم اعتماد استراتيجيته على القوميين واليمينيين".
أما بالنسبة إلى نقاط قوة هذا المرشح، والتي قد تجلب له أصواتاً في الانتخابات، فيرى طوز أنها تتمثل "بأنهم (أنصار هذا التحالف) يتبعون الخط القومي لحزب الحركة القومية والحزب الجيد وجزء من حزب العدالة والتنمية، وهؤلاء جميعهم قد يجدون فيه بديلاً". ويلفت إلى أن معاداة أوغان للأجانب "تكسبه من يشاطره الموقف، لكن مواقفه العنصرية مع تحالفه قد تكون أيضاً نقطة ضعف بالنسبة له".
ويؤكد طوز أن "ما يحسب للمرشح هو قدرته على ضم المنزعجين من الأحزاب المذكورة فقط، إذ لا يوجد لهذا التحالف (أتا) أي برنامج استراتيجي أو مشاريع هامة، بل إن كل برنامجه قائم فقط على مسألة طرد الأجانب".
من جهته، يعتبر الصحافي إبراهيم سنجار، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن أوغان اسم غير معروف في السياسة التركية، "حتى أن اسم زعيم التحالف أوميت أوزداغ معروف أكثر منه، ولكنه يكسب شهرة لدى العامة رويداً رويداً وخصوصاً لدى جيل الشباب ممن يتأثرون بالخطابات العنصرية والقومية الموجهة ضد الأجانب".
ويضيف سنجار أن "من الجوانب الإيجابية لدى أوغان، شخصيته الأكاديمية وإتقانه اللغات، وهي مواصفات تحظى باحترام الشارع التركي، كما أنه ليس كبيراً في السن، والطريق أمامه لا تزال مفتوحة في عالم السياسة، وبالتأكيد ستكون له نسبة من الأصوات مؤثرة في حال ذهبت الانتخابات الرئاسية للدورة الثانية، عندها سيضطر أردوغان وكلجدار أوغلو، للتحاور معه ومحاولة كسب دعمه في الجولة الثانية".
ويلفت سنجار إلى أن "تركيز تحالف أتا وأوغان على معاداة الأجانب، هو من السلبيات الكبيرة التي تلعب ضد هذا التحالف، حيث باتت صفة العنصرية مرافقة لأوغان، في وقت تدافع فيه أحزاب كثيرة عن الحرّيات واحترام حقوق الإنسان وقيم الديمقراطية"، مشدداً على أن "نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات ستوضح الكثير بشأن مستقبل ومصير أوغان"، من دون أن يتوقع بدوره أن يشكل هذا المرشح منافساً جدياً أو أن يحقق نسبة عالية من الأصوات.