استمع إلى الملخص
- **ترقية قادة متورطين في انتهاكات**: تعرفت "سي أن أن" على قادة سابقين للوحدة تمت ترقيتهم رغم تورطهم في انتهاكات جسيمة، مثل قتل الفلسطيني عمر أسعد، وهم الآن يدربون القوات البرية الإسرائيلية.
- **ثقافة العنف والتعاون مع المستوطنين**: شهادات تكشف تشجيع القيادة لثقافة العنف وتنفيذ عقاب جماعي ضد الفلسطينيين، وتعاون الوحدة مع مستوطنين متطرفين في شن هجمات وسرقة ممتلكات.
كشف تحقيق لشبكة "سي أن أن" الأميركية أن الولايات المتحدة أحجمت عن فرض عقوبات على وحدة "نيتسح يهودا" في جيش الاحتلال الإسرائيلي، رغم وجود أدلة على ارتكابها انتهاكات جسيمة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وعلى العكس تمت ترقية قادة سابقين في الوحدة المتطرفة إلى مناصب عليا في الجيش. ولفت التحقيق أيضاً إلى أن قادة الوحدة يديرون الآن الحرب البرية على غزة وينشطون في تدريب القوات البرية الإسرائيلية.
ويأتي الكشف بعد أشهر من حملة ظاهرية أطلقتها واشنطن لفرض عقوبات على الوحدة العسكرية المتطرفة، وأعلنت خلالها أن 5 وحدات عسكرية إسرائيلية ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في الضفة الغربية قبل اندلاع الحرب على غزة، زاعمة أن 4 منها "أصلحت نفسها" لكن الوحدة الخامسة المسماة "نيتسح يهودا" لم تتخذ خطوات مماثلة، إلا أن تحقيق "سي أن أن" يبدد المزاعم الأميركية برمتها حول خطط فرض العقوبات.
وقالت الشبكة إنها استطاعت باستخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه وغيرها من التقنيات مفتوحة المصدر، التعرف على ثلاثة قادة سابقين لكتيبة نيتسح يهودا الذين كانوا مسؤولين عن الوحدة وقت وقوع الانتهاكات في الضفة الغربية، مشيرة إلى أن هؤلاء القادة تمت ترقيتهم في صفوف الجيش.
وفي حديثهم لـ"سي أن أن" كشف مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون، عن الإحباط الشديد داخل إدارة الرئيس جو بايدن إزاء المعاملة الخاصة التي تتلقاها إسرائيل من الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان. وقال المسؤولون إن حقيقة استمرار ترقية قادة نيتسح يهودا السابقين من خلال الرتب العسكرية الإسرائيلية كانت نتيجة مثيرة للقلق لتقاعس واشنطن عن العمل ويمكن أن تكون لها عواقب مدمرة.
ومن بين من تمت ترقيتهم من "نيتسح يهودا"، قائد الوحدة التي تورطت في قتل الفلسطيني عمر أسعد 78 عاماً (يحمل الجنسية الأميركية) بعد اعتقاله في قريته جلجلية بالضفة الغربية المحتلة في يناير/كانون الثاني 2022. وفي حينه، قال الجيش الإسرائيلي إنه سيستبدل قائد نيتسح يهودا المقدم ماتي شيفاح ويعزل قائد الفصيل وقائد السرية من منصبيهما، لكن تحقيق "سي أن أن" يكشف أن هذا الأخير قد تمت ترقيته إلى منصب نائب قائد لواء كفير، ويعمل اليوم على تدريب الجنود الذين هم على وشك الدخول إلى قطاع غزة.
وذكر التحقيق أن شيفاح يقوم بتدريبات للقوات الإسرائيلية في قاعدة "تسيليم" العسكرية في صحراء النقب، لإعدادهم للذهاب إلى غزة. وقالت شبكة "سي أن أن" إن قائدين آخرين أشرفا على نيتسح يهودا، تمت ترقيتهما أيضاً. الأول هو المقدم نيتاي أوكاشي الذي تورط رفقة جنود آخرين من الوحدة المتطرفة في ضرب أب فلسطيني وابنه، والسخرية منهما بعد اعتقالهما في الضفة الغربية المحتلة. وقال التحقيق إنه "منذ ترك الكتيبة، تمت ترقية أوكاشي إلى عدد من الأدوار القيادية في الجيش الإسرائيلي. لقد عمل في غزة منذ بداية الحرب قائداً للواء القدس وأخذ مراسلين من وسائل الإعلام الدولية، مثل مجلة دير شبيغل الألمانية وصحيفة ذا غارديان البريطانية، إلى مواقع عسكرية في القطاع".
أما الضابط الآخر أوري ليفي الذي تورط في تعذيب معتقلين فلسطينيين بصدمات كهربائية فقد تمت ترقيته إلى العمل في لواء كفير، وتقاعد من الجيش في عام 2023 ويظهر الآن بانتظام في البرامج الحوارية الإسرائيلية محللاً، وفقا للتحقيق.
ومنذ بدء الحرب على غزة، قادت الوحدة عدة مجازر وجرائم وحشية في القطاع المحاصر، واحدة منها كان في تاريخ 16 إبريل/نيسان الماضي، عندما اقتحمت "نيتسح يهودا" مدرسة مهدية الشوا في بيت حانون شمالي غزة، حيث يحتمي الآلاف من النازحين الفلسطينيين. وقال التحقيق إن الجنود حاصروا المدرسة، و"أطلقوا النار بشكل مفرط" على المجمع وأجبروا الرجال على التعري قبل اعتقالهم.
شهادة لأحد أفراد وحدة نيتسح يهودا
وأورد التحقيق شهادة لأحد الأفراد السابقين في الوحدة، قال فيها إن قيادة المجموعة العسكرية المتطرفة تشجع ثقافة العنف، وأضاف طالباً عدم كشف هويته إن الوحدة معروفة بتنفيذ ما وصفه بـ"العقاب الجماعي للفلسطينيين". وضرب مثالاً على قيام قوات الكتيبة بمهاجمة قرية فلسطينية، حيث انتقلت من بيت إلى بيت بالقنابل الصوتية وقنابل الغاز انتقاماً من بعض الأطفال الذين رشقوا الحجارة تجاه جيش الاحتلال. وقال إنه أثناء وجوده في نيتسح يهودا، لعب قادة الكتيبة دوراً رئيسياً في إدامة ثقافة العنف، سواء من خلال الوقوف متفرجاً على هجمات المستوطنين على الفلسطينيين أو الترويج لها.
وأضاف أن السماح للوحدة بالقتال في غزة بعد انسحابها من الضفة الغربية المحتلة في أعقاب حوادث عنف هو أمر "مثير للسخرية" ومثير للقلق. وتابع القول "إنهم يحصلون على تفويض مطلق، حيث يمكنهم أن يفعلوا ما يريدون".
وسبق أن وثق "العربي الجديد" عدة حوادث تعاون فيها أفراد يعتقد إلى حد كبير أنهم من وحدة "نيستح يهودا" مع مستوطنين متطرفين من الجماعة الإرهابية المعروفة باسم "شبيبة التلال" في شن هجمات على الفلسطينيين وسرقة ممتلكاتهم وتدميرها، خصوصاً في القرى البدوية التي تعرضت لحملة تطهير عرقي واسعة خلال السنوات الأخيرة. وفي العديد من الحوادث عمل أفراد الوحدة على تمهيد الطريق أمام المستوطنين للاستيلاء على مركبات تعود لفلسطينيين يبلغ ثمنها عشرات آلاف الدولارات. وفي حوادث أخرى قام مستوطنون بارتداء الزي العسكري لجنود الوحدة وتنفيذ هجمات على الفلسطينيين تحت تهديد السلاح.