دعت مجموعة من الحقوقيين والسياسيين والشخصيات العامة، اليوم الإثنين، النظام المصري، إلى اتخاذ عدة إجراءات وتدابير من أجل بناء الثقة، لإثبات "جدية إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مبادرة الحوار الوطني".
وطرحت المجموعة عريضة للتوقيع على موقع "change.org"، تقول إن "الموقعين والموقعات أدناه تلقوا بمزيج من الترقب والحذر، التصريحات الصادرة عن السيسي حول ما سمّاه حواراً سياسياً وطنياً، معلناً أن الوطن يتسع لنا جميعاً وأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية".
وجاء في العريضة أنه "على الرغم من دأب النظام الحاكم على مدار ثماني سنوات على تخوين وقمع المعارضين ومنتقدي توجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتنكيل بكل من مارس حقه في التعبير السلمي عن الرأي، أو ممارسة الحق في التنظيم، وفي التجمع السلمي وتداول الآراء والمعلومات. ورغم أن الحديث عن الحوار السياسي الوطني يأتي في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية حرجة تئن فيها البلاد تحت وطأة ديون طائلة، ويواجه قطاع عريض من المصريين ظروفاً معيشية قاسية، فإن الموقعين/ات على هذا البيان يدركون أن الدعوة للحوار قد تمثل متنفساً وفرصة لكسب قدر ما من العدل وإنفاذ القانون يساعد في تخفيف معاناة بعض المحتجزين في سجون النظام".
وقال الموقعون إنه "رغم تقديرهم لكل المساعي والجهود المبذولة من أجل إطلاق سراح المحتجزين إلا أنهم يعبرون عن تخوفهم من الانحراف بالحوار المرتقب إلى شخصنة القضايا والإفراجات المتعلقة بها بدلاً عن الاتفاق على إجراءات بجدول زمني محدد لمواجهة الأزمة الأكبر التي تعيش مصر في ظلالها بسبب تفضيل النظام الحاكم لاعتماد القمع كوسيلة حكم بديلاً عن النقاش والحوار".
وأوضحوا أن "الهدف الأسمى من إجراء حوار وطني جاد هو التوصل إلى توافقات كبرى تحفظ الدولة من الانهيار، وتحافظ على وحدة وسلامة المجتمع المصري، وتنهض بحقوق المصريين السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية".
وأعلن الموقعون على البيان أن "أي حوار سياسي ذي معنى لا بد أن يسبقه وتتوازى معه سلسلة من الإجراءات والتدابير الجادة لبناء الثقة بين السلطة الحاكمة وباقي مكونات المجتمع السياسي والمدني المصري".
وبحسب بيان الموقعين، فإن هذه الإجراءات والتدابير يجب أن تشمل "الوقف الفوري والكامل لكل أشكال الاحتجاز التعسفي المصادر لحرية الرأي والتعبير، والإخفاء القسري، وإجلاء مصير المختفين قسرياً، والإفراج الفوري عن كل المسجونين في قضايا تتعلق بحرية الصحافة، والتعبير السلمي عن الرأي".
بالإضافة إلى "الوقف الفوري لاستخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة، وإطلاق سراح كل المحبوسين/ات احتياطياً الذين تجاوزت مدة حبسهم الاحتياطي ستة أشهر، ولم تتم إحالتهم للمحاكمة، والتوقف عن توظيف قوانين مكافحة الإرهاب بما فيها الإدراج على قوائم الإرهاب للتنكيل بالمعارضين".
كما شددوا على ضرورة إلغاء وحفظ كافة القضايا التي مر عليها عامان دون إحالة للمحاكمة، وإلغاء ما ترتب عليها من آثار تشمل إجراءات المنع من السفر أو التحفظ على الأموال والممتلكات.
ودعوا، بحسب البيان، إلى الوقف الفوري لتنفيذ أحكام الإعدام، وتعليق تحويل المدنيين للقضاء العسكري إلى أن يتم إجراء التعديلات التشريعية اللازمة لمنع محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.
كما طالبوا بتشكيل لجنة قضائية مستقلة بمشاركة المجلس القومي لحقوق الإنسان، وخبراء من منظمات حقوق الإنسان المستقلة للتحقيق في وقائع التعذيب، والقيام بعملية تقييم للأحكام القضائية التي صدرت منذ 24 يوليو/ تموز 2013 في كل القضايا ذات الطبيعة السياسية التي صدرت فيها أحكام أو الجاري نظرها.
فضلاً عن ذلك، طالب الموقعون "بالتعهد بإعادة محاكمة كل القضايا التي صدر فيها حكم من محكمة أمن الدولة طوارئ أو صدر فيها حكم عسكري ضد مدنيين، مع تعليق إحالة قضايا جديدة لهاتين المحكمتين. ووقف كافة أشكال التضييق على المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان بما فيها الملاحقات القضائية، وإغلاق الشق الثاني من القضية 173 الخاصة بمنظمات حقوق الإنسان المصرية، وما ترتب عليها من آثار".
وطالب الموقعون أيضاً بتحسين ظروف السجون المصرية، خاصة الرعاية الصحية فيها بشكل فوري، وإنهاء الإجراءات التعسفية في مواجهة السجناء، وعلى رأسها عقوبة الحبس الانفرادي، والسماح للجنة الصليب الأحمر الدولية بتقصي أوضاع السجون المصرية والوقوف على حالة السجناء.
ومن ضمن الشروط الخاصة بالسجون، طالب الموقعون بالسماح للمنظمات الحقوقية المصرية والدولية والمجلس القومي لحقوق الإنسان بزيارة السجون. ومنع وتجريم اعتقال أهالي المطلوبين كأداة للابتزاز والانتقام، والإفراج الفوري عنهم. والتوقف الكامل عن استخدام إسقاط الجنسية المصرية كأداة عقابية، أو كأداة لابتزاز المعتقلين والمعتقلات، وحق كل من أجبروا على التنازل عن جنسيتهم باستعادتها، وحق كل من أُبعد عن وطنه نفياً أو تحت وطأة التهديد بالبطش في العودة الآمنة من دون شروط.
وشدد الموقعون على ضرورة رفع القبضة الأمنية عن مختلف وسائل الإعلام، ووقف التعديات على حرية الصحافة وترهيب الصحافيين، ورفع الحجب عن المواقع الإخبارية، والتي يبلغ عددها نحو 650 موقعاً إلكترونياً، بما يخلق مناخاً من حرية التعبير، ويسمح بإثراء الحوار السياسي والمجتمعي.
وأكد الموقعون على البيان أن "أي حوار وطني لا بد أن يتسع لتناول التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها المجتمع المصري"، مشيراً إلى "ضرورة مراجعة شاملة لكافة التشريعات المقيدة للحقوق والحريات العامة، وضمان استقلال السلطة القضائية، وتهيئة المناخ السياسي استعداداً لإجراء انتخابات برلمانية ومحلية حرة ديمقراطية وتنافسية شفافة، ينتج عنها مؤسسات تمثيلية معبرة عن الشعب المصري، ومتحررة من الوصاية الأمنية على تشكيلها".
وأضافوا "وضرورة مراجعة وتقييم السياسات والإجراءات التي أدت إلى فرض نمط تمييز اقتصادي واجتماعي مجحف بالطبقات الدنيا والوسطى، وأدت إلى ارتفاع معدلات الدين الخارجي والداخلي لمستوى غير مسبوق في تاريخ مصر. وإعادة تقييم جدوى كافة المشاريع الإنشائية الكبرى الجارية، خاصة تلك التي لم تجر لها دراسات جدوى مسبقة. والعمل على تطوير بيئة اقتصادية شفافة مواتية للتوسع في الاستثمار، وفي خلق فرص عمل جديدة ومنافسة عادلة ما ينعكس إيجابيا على أوضاع المصريين المعيشية".
كما طالبوا ببحث ملفات السياسة الخارجية ذات الانعكاس المباشر على المصالح الحياتية للمصريين، وعلى المكانة الإقليمية والدولية لمصر، يأتي في مقدمتها حقوق مصر في مياه النيل والموقف من سد النهضة في إثيوبيا، وموقف السياسة الخارجية من القضية الفلسطينية والحرب الروسية الأوكرانية.
وشدد الموقعون على أن التمثيل في الحوار الوطني يجب أن يتسع لأطياف المعارضة السياسية كافة، بما يشمل ممثلين عن المحتجزين والمحتجزات "الذين دفعوا أثماناً غالية للدفاع عن الحق في التعبير"، بالإضافة لممثلين عن المعارضة المصرية التي تكونت في المهجر بفعل سياسات النظام، كما يجب أن يتم إشراك ممثلي هذه الأطراف مع ممثلين عن الأحزاب ومنظمات حقوق الإنسان المستقلة في الترتيب لهذا الحوار الوطني المرتقب وتقرير أجندته.
وأخيراً، دعا الموقعون على البيان كل تيارات المعارضة والشخصيات العامة والمؤثرين العقلاء في جهاز الدولة للالتفاف حول هذه المطالب لبدء حوار وطني حقيقي.
وجاء من بين الموقعين الناشط الحقوقي بهي الدين حسن، والناشط السياسي رامي شعث، ووزير الشؤون القانونية والبرلمانية السابق محمد محسوب، ومدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، والباحثة في وضع الحريات في الشرق الأوسط، جهاد بدوي، والمحامي حليم حنيش، والممثل خالد أبو النجا، والطبيبة نفسية والناشطة الحقوقية عايدة سيف الدولة، والممثل عمرو واكد، والمحامية والحقوقية ماهينور المصري، وآخرون.