بدأت الثورة السورية بشعارات أطلقها ناشطون كانت تعبّر عن مطالبهم وأحلامهم بنيل الحرية والكرامة، والوصول إلى مرحلة تُحترم فيها حقوقهم كمواطنين وتصونها حكومة تمثلهم. وتعرّضت تلك الشعارات مع تطوّر الأحداث في خضم الثورة لمواجهة من شعارات أخرى حملت طابعاً دينياً، كما كانت شعارات الثورة أيضاً في مواجهة لشعارات النظام وحزب البعث، فحين كان هناك من ينادي "الشعب السوري واحد"؛ كان في الضفة الأخرى من ينادي بالقومية أو المناطقية أو يمجّد بحكم الديكتاتور.
ولعل من أبرز الشعارات التي رفعتها الثورة السورية منذ أيامها الأولى "الموت ولا المذلة، حرية للأبد غصباً عنك يا أسد، الشعب يريد إسقاط النظام، واحد واحد واحد الشعب السوري واحد"... وغيرها الكثير من الشعارات التي تحوّلت إلى هتافات ومطالب تؤكّد أن الثورة السورية غايتها الوطن الواحد والكرامة والديمقراطية.
رحلة بدأت برفض المذلة
أول شعار بإجماع الكثير من السوريين كان "الشعب السوري ما بينذلّ"، وجاء مع إرهاصات الثورة الأولى، وخاصة مع شرارة الثورة في أسواق دمشق التي انتقلت إلى درعا بشعار "الموت ولا المذلة"، والذي جاء رداً على إهانة أهالي درعا من قبل مسؤول في أمن النظام يُدعى "عاطف نجيب"، بعد اعتقال أطفال كتبوا شعارات مناهضة للنظام.
وتوالت بعد ذلك الشعارات في طول البلاد وعرضها، تنادي بمؤازرة درعا في وجه النظام، وتنادي بقية الشعب السوري بالقول الواضح "واحد واحد واحد ...الشعب السوري واحد"، وكان ذلك الشعار السلاح الأبرز أمام مزاعم النظام التي ذهبت لترويج أن ما يحدث هو "فتنة طائفية".
وصدرت شعارات كانت رسالة للنظام ورسالة لمناطق أخرى ثائرة، وبخاصة المناطق التي تعرّضت لبطش النظام من الأيام الأولى، ومنها شعارات "يا درعا... نحنا معاكِ للموت"، "يا حمص... نحنا معاكِ للموت".
ومن الشعارات التي جاءت رداً على النظام أيضاً "الله سورية حرية وبس"، والذي كان رداً واضحاً على شعار مؤيدي النظام "الله سورية بشار وبس"، ثم جاء "حرية للأبد" رداً على "الأسد أو نحرق البلد"، وانتهى الأمر بشعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، الذي بات المطلب الأوحد للسوريين الثائرين جميعاً.
وكان الوصول إلى شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" نتيجة طبيعية لتعنّت النظام في الاستجابة لمطالب الثوار، وإصراره على استخدام الحل الأمني القائم على الاعتقال والقتل والملاحقة، تلك المواجهة العنيفة للمظاهرات دفعت الثوار إلى تبني الشعار والإصرار عليه.
وكانت ثمة شعارات كثيرة تواجه النظام وآلته الإعلامية والترويجية، ومنها "ما في للأبد، ما في للأبد، عاشت سورية ويسقط الأسد"، والذي كان مواجهاً لشعارات حزب البعث التي تقول "قائدنا للأبد الرئيس حافظ الأسد". ومن شعارات الثورة الكثيرة في السياق ذاته "يلا ارحل يا بشار"، و"خاين يللي بيقتل شعبه".
تحدي الشعارات الدينية
كانت ثمّة شعارات تحمل طابعاً دينياً، ويبدو أنها كانت من أول التحديات التي تواجه الثورة في فكرها الذي تعبّر الشعارات عن جزء كبير منه، ومنها شعارات "قائدنا للأبد سيدنا محمد" الذي شكل معادلاً لشعار مؤيدي النظام "قائدنا للأبد الرئيس حافظ الأسد"، وشعار "لبيك.. لبيك.. لبيك يا الله"، ومع انتقال الثورة شيئاً فشيئاً إلى العسكرة، بدأت تظهر شعارات جديدة ورايات جديدة مع قدوم فصائل عسكرية تحمل أسماء دينية، مثل: الفاروق، جيش الإسلام، الجبهة الإسلامية، جيش الأمة، جيش الفتح، فيلق الرحمن، تجمّع فاستقم،... وغيرها الكثير من الفصائل التي كانت لها غايات مختلفة على اختلاف داعميها. إلى جانب شعارات رفعتها الفصائل والجماعات المتطرفة، كشعار "باقية تتمدد" والذي كان أبرز شعارات تنظيم داعش، بالإضافة لشعار "بالذبح جيناكم"، والذي روّج له تنظيم جبهة النصرة.
ولم يمنع هذا المد الديني الكبير بعض الفصائل من المحافظة على شعارات الثورة ورايتها التي اعتمدت علم سورية في فترة الاستقلال عن الانتداب الفرنسي، ودخلت هذه الفصائل أيضاً في قتال مع تنظيم داعش ومع جبهة النصرة، حيث برز في تلك المرحلة شعار "زائلة وتتبدد"، والذي كان رداً على شعار تنظيم داعش.
وعلى الرغم من المراحل المتعددة والتطورات الكبيرة التي عاشها مسار الثورة السورية؛ فإن الحراك المدني السلمي المتمثل بالمظاهرات ضد النظام ما زال مستمراً في المناطق الخارجة عن سيطرته، وما زال الناشطون فيه يرفعون راية الثورة ويهتفون بشعاراتها التي تطلب إسقاط النظام قبل كل شيء.