"كانت عقارب الساعة تقترب من الواحدة والنصف ظهراً، عندما بادر أحد المعتصمين المؤيدين للرئيس المصري المخلوع محمد مرسي، أمام دار الحرس الجمهوري، في 5 يوليو/تموز 2013، إلى التحرك ببطء نحو كتيبة الجنود المصطفين خلف السلك الشائك، وقدم لهم الورود، في مبادرة من المعتصمين تحمل رسالة السلام". الرواية هنا على لسان صحافي مصري شارك في تغطية معظم الأحداث السياسية خلال الأعوام الماضية.
يضيف الصحافي، والذي فضل عدم ذكر اسمه، "عاد المعتصم الذي وزع الورود، فخرج ضابط من خلف الأسلاك الشائكة باتجاه صورة مرسي العالقة على السلك الشائك، مزقها ودهسها بقدميه". مشهد استمر لحظات، وفي اللحظات التالية لها "تقدم محمد صبحي حداد باتجاه الأسلاك الشائكة ممسكاً بصورة أخرى لمرسي لتعليقها مكان تلك الممزقة على الأرض.. عبر عدة خطوات.. وصل لمنتصف الشارع.. فسمعنا الرصاصة الأولى، وفي ثانية واحدة كانت الرصاصة الثانية تفجّر رأسه وتطرحه جثة هامدة على الأرض.. علا صوت الصراخ.. وفتح الجنود النار بشكل عشوائي على منطقة تجمع الصحافيين"، يقول الصحافي.
هكذا انطلقت الرصاصة الأولى عقب يومين من الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، لتؤكد على انتهاج الحكومة المصرية للعنف والقتل سبيلاً، وأدت بالتبعية لمذبحتي رابعة العدوية والنهضة. خرجت الرصاصة من سلاح نقيب بفرقة المظلات المصرية، يوم 5 يوليو/تموز 2013، لتخترق أسفل عين المواطن محمد صبحي حداد، وتخرج من خلف رأسه، وتودعه جثة هامدة على الأرض بجوار بركة دماء وصورة للرئيس المصري المعزول محمد مرسي.
اقرأ أيضاً: ضحايا "رابعة" متهمون... ولا أحد يلاحق الجناة
في اليوم التالي، قُتل في نفس المنطقة، المصور الصحافي المصري، أحمد عاصم السنوسي. قُتل وهو يحمل الكاميرا في يده. التقطت عدسته صورة قاتله، ولكن تحقيقاً لم يجر حتى الآن.
قبل هذه المشاهد الدامية، قال الصحافي إن واحداً من الضباط في المنطقة، استدعاه هو ومجموعة من المصورين الصحافيين، وقال لهم فيما كان يضع خزينة الطلقات في سلاحه "امشوا من هنا.. مش هيحصل كويس".
"أخافنا حديث الضابط، وأخافنا أيضا أن صمامات الأمان في الأسلحة التي يحملها الجنود، كانت مفتوحة، وكنت قد درست في دورة صحافية عن المنازعات العسكرية وتغطية الحروب، أن ألقي نظرة سريعة على صمامات الأمان في الأسلحة، إذا ما تواجدت في منطقة نزاعات أو اشتباكات، كجزء أساسي من احتياطات الأمن والسلامة"، يضيف الصحافي: "شاهدت بأم عيني موقف الوردة، والرصاصة التي اخترقت رأس المعتصم، وسمعت بأذني تهديد الضابط.. كنت شاهداً على كل ما دار".
نجا المصور الصحافي الراوي لتفاصيل قصة أول رصاصة، من الموت في أحداث سياسية عدة، ولكن غيره أصبحوا مجرد أرقام في كشوف الموتى، أو المصابين، أو حتى المعتقلين.
كشوف الموتى تحمل أسماء، وأحمد عاصم السنوسي أحدها. قتل في 8 يوليو/تموز 2013 في أحداث الحرس الجمهوري، وحبيبة عبد العزيز، مراسلة ومصورة "غولف نيوز" قتلت برصاصة في الرأس في مذبحة رابعة العدوية في 14 أغسطس/آب 2013. ومايك دين، مصور قناة "سكاي نيوز" قُتل برصاصة في القلب في مذبحة رابعة العدوية. ومصعب الشامي، مراسل شبكة "رصد" قتل برصاص قناص. وأحمد عبد الجواد، صحافي بجريدة "الأخبار" توفي في المستشفى متأثراً بإصابته بطلق ناري.
اقرأ أيضاً: هكذا هللت الصحف المصرية لمجزرة رابعة
وتامر عبد الرؤوف، مراسل جريدة "الأهرام" قتل إثر إطلاق النار عليه أمام محافظة البحيرة. ومحمد سمير، مخرج بقناة "النيل للأخبار" قُتل أثناء تغطيته لأحداث ميدان رمسيس في 18 أغسطس/آب 2013 أمام قسم الأزبكية. ومصطفى الدوح، مراسل شبكة "نبض" الإخبارية، قُتل في اشتباكات الألف مسكن يوم 25 يناير/كانون الثاني 2014 ، وأخيرا.. ميادة أشرف، التي لقيت مصرعها في 28 مارس/آذار 2014، في الاشتباكات التي دارت بين قوات الأمن وعناصر من الإخوان المسلمين، بشرق القاهرة، تحديدا في منطقة عين شمس.
"رأيت الموت بعيني كثيراً.. وأشم رائحته كلما حكيت عن يوم 15 أغسطس/آب، في اليوم التالي لمذبحة رابعة العدوية.. فقد كنت مكلفاً بتغطية الأحداث في الميدان بعد عملية الفض. توجهت لمسجد الإيمان، وجدت مئات الجثث ملقاه، وسط أكوام ثلج يسيح رويداً رويداً فيزيد من رائحة الموت وبرك المياه حول الجثث.. لم تتمكن مراوح السقف من القضاء على الرائحة، ولا المعطرات"، يضيف الصحافي.
خارج المسجد، وجد المصور الصحافي ثلاث بنات تائهات عن العالم المحيط بهن، في رحلة بحث قاسية عن جثمان والدهن. وجد زوجة جاءت لوداع زوجها. وأب يسأل كل من حوله عله يجد ابنه، فيؤكد له البعض أن الجثث المفقودة، قد تكون متفحمة ولم يُستدل عليها. ووجد بقايا صفحات من المصحف نجت من النيران.
اقرأ ايضاً: #مذبحة_رابعة... لأنّ أحداً لن ينسى
ثم خرج المصور الصحافي من محيط ميدان رابعة العدوية، بعد تلقيه اتصالات هاتفية عدة في رحلة بحث جديدة عن زملائه الصحافيين والمصورين الذين اختفوا منذ الأمس.
يؤكد مؤشر "مراسلون بلا حدود" أن مصر تمكنت من الحفاظ على ترتيبها كثالث دولة في العالم خطورة على الصحافيين، بعد سورية والعراق في عدد القتلى، والمركز 159 من 180 دولة في مؤشر "حرية الصحافة"، بعد وضعها على قائمة أخطر المناطق تهديدًا لحياة الصحافيين في العالم.
أما الصحافيون المعتقلون في مصر، فقد تفاوتت الإحصاءات الخاصة بتعدادهم، فالرقم بحسب مصادر من داخل نقابة الصحافيين المصرية، لا يتجاوز ثلاثة عشر صحافياً، هم المقيدون في جداول النقابة وتقدمت النقابة بأسمائهم ببلاغات للنائب العام المصري، من أجل الإفراج عنهم، ويرتفع العدد لحوالي ثلاثين صحافيا، بحساب غير الأعضاء في النقابة.
أما حصر مؤسسة حرية الفكر والتعبير، فقد اشتمل على الصحافيين القابعين في السجون على خلفية قضايا تتعلق مباشرة بممارسة عملهم الصحافي فقط، وعددهم 9 صحافيين. فيما يرتفع العدد كثيراً ويصل إلى 64 صحافياً وصحافية ألقي القبض عليهم وقضوا فترات في الحبس، بحسب توثيق "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، التي ضمنت في حصرها جميع العاملين في الصحافة والإعلام من نقابيين وغير نقابيين، ويرتفع الرقم أكثر وأكبر، بحسب حصر المرصد المصري للحقوق والحريات، الذي وثق اعتقال 92 صحافياً ما زال منهم 67 في السجون حتى اليوم.
اقرأ أيضاً: "الأهرام" تحتفل بالعيد مع معتصمي رابعة.. وتطالب السيسي بالرحيل
ويعتبر عدد الصحافيين في السجون المصرية هو الأعلى على الإطلاق منذ العام 1990، بحسب تقرير لـ"اللجنة الدولية لحماية الصحافيين" الصادر في يونيو/حزيران الماضي.
منظمات دولية عدة أدانت أوضاح الصحافيين والحريات بشكل عام في مصر. "حبر على ورق"، هكذا وصف الائتلاف العالمي للحقوق والحريات، أوضاع الصحافة والصحافيين في مصر، وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش، إن ملاحقة الصحافيين بصفة عامة هي انتهاك للحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور المصري والقانون الدولي على السواء. كما اعتبرت منظمة العفو الدولية أن السلطات في مصر تقمع حرية الصحافة عن طريق إحالة الصحافيين والإعلاميين للمحاكمة واستجوابهم في قضايا جنائية.
تُمثّل قضية المصور الصحافي المستقل محمود أبو زيد، الشهير بـ"شوكان"، نموذجاً للممارسات الأمنية بحق الصحافيين في مصر، فهو محتجز منذ سنتين في سجن طرّة، وذلك دون أن توجه إليه السلطات أية اتهامات، ودون تحديد موعد لمحاكمته. تدهورت حالته الصحية بشدة في السجن بسبب إصابته بفيروس. ألقي القبض على شوكان يوم مذبحة رابعة العدوية، وتخطت مدة حبسه الاحتياطي تلك المقررة في القانون المصري، بواقع عامين، ما يوجب الإفراج عنه فوراً، إلا أن أحداً في الحكومة المصرية والقضاء المصري لا يسمع. ولا يزال شوكان وغيره من آلاف الصحافيين يدفعون ثمن أول رصاصة ميري اخترقت جسد مواطن مصري، فتحت بعدها سلاسل الدم والعنف والاعتقال غير النهائية. وقد كتب شوكان أكثر من رسالة من داخل معتقله يوضح فيها ما يتعرّض له، خصوصاً أنه مريض، وصحته في تدهور مستمرّ، وحياته في خطر، وهو ما تركّز عليه كل المنظمات الدولية في دفاعها عن شوكان، إلى جانب عدم ثبوت أية تهم عليه، والاستمرار بتأجيل محاكمته في كل الجلسات. وتصاعدت في الفترة الأخيرة الأصوات المحلية والعربية والدولية المطالبة بإطلاق سراحه، وأقيم أكثر من اعتصام تضامني معه، في القاهرة، وفي بعض العواصم الغربية.
اقرأ أيضاً: عامان على مجزرة رابعة.. الأرض لا تشرب الدماء
يضيف الصحافي، والذي فضل عدم ذكر اسمه، "عاد المعتصم الذي وزع الورود، فخرج ضابط من خلف الأسلاك الشائكة باتجاه صورة مرسي العالقة على السلك الشائك، مزقها ودهسها بقدميه". مشهد استمر لحظات، وفي اللحظات التالية لها "تقدم محمد صبحي حداد باتجاه الأسلاك الشائكة ممسكاً بصورة أخرى لمرسي لتعليقها مكان تلك الممزقة على الأرض.. عبر عدة خطوات.. وصل لمنتصف الشارع.. فسمعنا الرصاصة الأولى، وفي ثانية واحدة كانت الرصاصة الثانية تفجّر رأسه وتطرحه جثة هامدة على الأرض.. علا صوت الصراخ.. وفتح الجنود النار بشكل عشوائي على منطقة تجمع الصحافيين"، يقول الصحافي.
هكذا انطلقت الرصاصة الأولى عقب يومين من الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، لتؤكد على انتهاج الحكومة المصرية للعنف والقتل سبيلاً، وأدت بالتبعية لمذبحتي رابعة العدوية والنهضة. خرجت الرصاصة من سلاح نقيب بفرقة المظلات المصرية، يوم 5 يوليو/تموز 2013، لتخترق أسفل عين المواطن محمد صبحي حداد، وتخرج من خلف رأسه، وتودعه جثة هامدة على الأرض بجوار بركة دماء وصورة للرئيس المصري المعزول محمد مرسي.
اقرأ أيضاً: ضحايا "رابعة" متهمون... ولا أحد يلاحق الجناة
في اليوم التالي، قُتل في نفس المنطقة، المصور الصحافي المصري، أحمد عاصم السنوسي. قُتل وهو يحمل الكاميرا في يده. التقطت عدسته صورة قاتله، ولكن تحقيقاً لم يجر حتى الآن.
قبل هذه المشاهد الدامية، قال الصحافي إن واحداً من الضباط في المنطقة، استدعاه هو ومجموعة من المصورين الصحافيين، وقال لهم فيما كان يضع خزينة الطلقات في سلاحه "امشوا من هنا.. مش هيحصل كويس".
نجا المصور الصحافي الراوي لتفاصيل قصة أول رصاصة، من الموت في أحداث سياسية عدة، ولكن غيره أصبحوا مجرد أرقام في كشوف الموتى، أو المصابين، أو حتى المعتقلين.
كشوف الموتى تحمل أسماء، وأحمد عاصم السنوسي أحدها. قتل في 8 يوليو/تموز 2013 في أحداث الحرس الجمهوري، وحبيبة عبد العزيز، مراسلة ومصورة "غولف نيوز" قتلت برصاصة في الرأس في مذبحة رابعة العدوية في 14 أغسطس/آب 2013. ومايك دين، مصور قناة "سكاي نيوز" قُتل برصاصة في القلب في مذبحة رابعة العدوية. ومصعب الشامي، مراسل شبكة "رصد" قتل برصاص قناص. وأحمد عبد الجواد، صحافي بجريدة "الأخبار" توفي في المستشفى متأثراً بإصابته بطلق ناري.
اقرأ أيضاً: هكذا هللت الصحف المصرية لمجزرة رابعة
وتامر عبد الرؤوف، مراسل جريدة "الأهرام" قتل إثر إطلاق النار عليه أمام محافظة البحيرة. ومحمد سمير، مخرج بقناة "النيل للأخبار" قُتل أثناء تغطيته لأحداث ميدان رمسيس في 18 أغسطس/آب 2013 أمام قسم الأزبكية. ومصطفى الدوح، مراسل شبكة "نبض" الإخبارية، قُتل في اشتباكات الألف مسكن يوم 25 يناير/كانون الثاني 2014 ، وأخيرا.. ميادة أشرف، التي لقيت مصرعها في 28 مارس/آذار 2014، في الاشتباكات التي دارت بين قوات الأمن وعناصر من الإخوان المسلمين، بشرق القاهرة، تحديدا في منطقة عين شمس.
"رأيت الموت بعيني كثيراً.. وأشم رائحته كلما حكيت عن يوم 15 أغسطس/آب، في اليوم التالي لمذبحة رابعة العدوية.. فقد كنت مكلفاً بتغطية الأحداث في الميدان بعد عملية الفض. توجهت لمسجد الإيمان، وجدت مئات الجثث ملقاه، وسط أكوام ثلج يسيح رويداً رويداً فيزيد من رائحة الموت وبرك المياه حول الجثث.. لم تتمكن مراوح السقف من القضاء على الرائحة، ولا المعطرات"، يضيف الصحافي.
اقرأ ايضاً: #مذبحة_رابعة... لأنّ أحداً لن ينسى
ثم خرج المصور الصحافي من محيط ميدان رابعة العدوية، بعد تلقيه اتصالات هاتفية عدة في رحلة بحث جديدة عن زملائه الصحافيين والمصورين الذين اختفوا منذ الأمس.
يؤكد مؤشر "مراسلون بلا حدود" أن مصر تمكنت من الحفاظ على ترتيبها كثالث دولة في العالم خطورة على الصحافيين، بعد سورية والعراق في عدد القتلى، والمركز 159 من 180 دولة في مؤشر "حرية الصحافة"، بعد وضعها على قائمة أخطر المناطق تهديدًا لحياة الصحافيين في العالم.
أما الصحافيون المعتقلون في مصر، فقد تفاوتت الإحصاءات الخاصة بتعدادهم، فالرقم بحسب مصادر من داخل نقابة الصحافيين المصرية، لا يتجاوز ثلاثة عشر صحافياً، هم المقيدون في جداول النقابة وتقدمت النقابة بأسمائهم ببلاغات للنائب العام المصري، من أجل الإفراج عنهم، ويرتفع العدد لحوالي ثلاثين صحافيا، بحساب غير الأعضاء في النقابة.
أما حصر مؤسسة حرية الفكر والتعبير، فقد اشتمل على الصحافيين القابعين في السجون على خلفية قضايا تتعلق مباشرة بممارسة عملهم الصحافي فقط، وعددهم 9 صحافيين. فيما يرتفع العدد كثيراً ويصل إلى 64 صحافياً وصحافية ألقي القبض عليهم وقضوا فترات في الحبس، بحسب توثيق "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، التي ضمنت في حصرها جميع العاملين في الصحافة والإعلام من نقابيين وغير نقابيين، ويرتفع الرقم أكثر وأكبر، بحسب حصر المرصد المصري للحقوق والحريات، الذي وثق اعتقال 92 صحافياً ما زال منهم 67 في السجون حتى اليوم.
اقرأ أيضاً: "الأهرام" تحتفل بالعيد مع معتصمي رابعة.. وتطالب السيسي بالرحيل
ويعتبر عدد الصحافيين في السجون المصرية هو الأعلى على الإطلاق منذ العام 1990، بحسب تقرير لـ"اللجنة الدولية لحماية الصحافيين" الصادر في يونيو/حزيران الماضي.
منظمات دولية عدة أدانت أوضاح الصحافيين والحريات بشكل عام في مصر. "حبر على ورق"، هكذا وصف الائتلاف العالمي للحقوق والحريات، أوضاع الصحافة والصحافيين في مصر، وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش، إن ملاحقة الصحافيين بصفة عامة هي انتهاك للحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور المصري والقانون الدولي على السواء. كما اعتبرت منظمة العفو الدولية أن السلطات في مصر تقمع حرية الصحافة عن طريق إحالة الصحافيين والإعلاميين للمحاكمة واستجوابهم في قضايا جنائية.
تُمثّل قضية المصور الصحافي المستقل محمود أبو زيد، الشهير بـ"شوكان"، نموذجاً للممارسات الأمنية بحق الصحافيين في مصر، فهو محتجز منذ سنتين في سجن طرّة، وذلك دون أن توجه إليه السلطات أية اتهامات، ودون تحديد موعد لمحاكمته. تدهورت حالته الصحية بشدة في السجن بسبب إصابته بفيروس. ألقي القبض على شوكان يوم مذبحة رابعة العدوية، وتخطت مدة حبسه الاحتياطي تلك المقررة في القانون المصري، بواقع عامين، ما يوجب الإفراج عنه فوراً، إلا أن أحداً في الحكومة المصرية والقضاء المصري لا يسمع. ولا يزال شوكان وغيره من آلاف الصحافيين يدفعون ثمن أول رصاصة ميري اخترقت جسد مواطن مصري، فتحت بعدها سلاسل الدم والعنف والاعتقال غير النهائية. وقد كتب شوكان أكثر من رسالة من داخل معتقله يوضح فيها ما يتعرّض له، خصوصاً أنه مريض، وصحته في تدهور مستمرّ، وحياته في خطر، وهو ما تركّز عليه كل المنظمات الدولية في دفاعها عن شوكان، إلى جانب عدم ثبوت أية تهم عليه، والاستمرار بتأجيل محاكمته في كل الجلسات. وتصاعدت في الفترة الأخيرة الأصوات المحلية والعربية والدولية المطالبة بإطلاق سراحه، وأقيم أكثر من اعتصام تضامني معه، في القاهرة، وفي بعض العواصم الغربية.
اقرأ أيضاً: عامان على مجزرة رابعة.. الأرض لا تشرب الدماء