تمر الذكرى الـ73 للنكبة الفلسطينية العربية، وفلسطين لا تزال هناك، حية وصامدة، فيها شعب نابض بالعزة، وصدور تنبت من تربة ندية لا يفنيها الرصاص، ونساء كأشجار الزيتون شامخات يواجهن عدواً مدججاً بالسلاح في الشوارع.
انفجر الغضب الفلسطيني داخل كل فلسطين، الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس ومدن فلسطين المحتلة عام 1948، وعلى حدود فلسطين مع الأردن ولبنان، وخرجت تظاهرات، ولو تركونا لجاء الدعم من كل شارع عربي، إذ لم تفلح العقود السبعة الماضية في إخماد رغبة الثأر لدى الشعوب.
منذ 73 عاماً وكبرى قوى هذا العالم الظالم، بجيوشها وأموالها وإعلامها، تدكّ الفلسطينيين بكل سلاح ممكن ومتاح، كم من مجزرة وكم من تهجير ونفي، وكم من حرب وكم من رصاص وقنابل وصواريخ، وكم من طائرات ودبابات وبوارج حاصرتهم أرضاً وبراً وبحراً، وأفرغت فيهم شحنة النار التي كانت لتمحو شعوباً من على وجه الأرض مرات ومرات. وكم روّج بعض الإعلام من أكاذيب، ونصبت مؤتمرات لإجبارهم على الخنوع والاستسلام وقبول الأمر الواقع. تواطأ عليهم أعداؤهم من الخارج وأشقاؤهم من الداخل، عُربٌ وعجم، ولكن الشعب لا يزال حيّاً يقاوم ويدافع عن أرضه وكأنها سلبت البارحة.
فما الذي جناه هؤلاء اليوم بعد 73 عاماً؟
إسماعيل هنية قال من الدوحة إن "غزة المحاصرة منذ 15 عاماً هي التي تفرض اليوم حظراً للتجول في مدن العدو"، في إشارة إلى الصواريخ التي تطلقها الفصائل الفلسطينية في القطاع تجاه المدن الإسرائيلية رداً على العدوان، فمن أين جاء المهندسون والتقنيون، ومن أين ولدت المعرفة والتجربة؟ وكيف بعد سبعة عقود وبعد كل هذا الاحتلال وهذه القوة الجبارة التي تدعمه، يختبئ الظالم في الملاجئ؟ هل تغيرت المعادلة أصلاً؟ وهل كسب هذا العدو شيئاً من أمن وسكينة يبحث عنها منذ عقود؟
صحيح أن الشعوب العربية تراقب المشهد من بعيد، وأن من يقدم أطفاله للموت هو ذاك الأب، وليس أحدنا، وأن الإحساس بالألم والظلم لا يمكن أن يتساوى مهما بلغت درجة الأخوة والتعاطف، ولكن كل عربي يسافر مع كل صاروخ ينطلق من غزة في اتجاه العدو لأنه يذكر الاحتلال بأن هذه الأرض عربية.