أظهرت صور الأقمار الصناعية، التي نشرت اليوم الأربعاء، قيام إيران ببناء محطة جديدة لتجميع أجهزة الطرد المركزي منشأة نطنز النووية تحت الأرض، بعد تعرضها لانفجار الصيف الماضي، والذي وصفته إيران بأنه "هجوم تخريبي".
وتأتي أعمال البناء في الوقت الذي تقترب انتخابات الرئاسة الأميركية من محطتها الأخيرة، حيث دفعت حملة الرئيس دونالد ترامب لممارسة ضغوط قصوى على طهران إلى تخليها عن جميع القيود المفروضة على برنامجها النووي، فيما أعلن منافسه الديمقراطي جو بايدن عن استعداده للعودة إلى الاتفاق.
ومن المرجح أن تحدد نتيجة التصويت النهج الذي ستتخذه أميركا. وكادت التوترات المتصاعدة بين إيران والولايات المتحدة أن تؤدي إلى إشعال فتيل الحرب في بداية العام.
أظهرت الصور التي نشرتها مؤسسة "بلانت لابس"، ومقرها سان فرانسيسكو، أن إيران شقت، منذ أغسطس/ آب، طريقًا جديدًا إلى الجنوب من نطنز باتجاه ما يعتقد المحللون أنه ميدان رماية سابق لقوات الأمن في منشأة التخصيب.
وتظهر صورة الأقمار الصناعية التي نشرت يوم الإثنين إخلاء الموقع بما يبدو أنها معدات بناء هناك.
ويعتقد محللون من مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي في معهد ميدلبري للدراسات الدولية أن أعمال تنقيب تجرى في الموقع.
أظهرت الصور التي نشرتها مؤسسة "بلانت لابس"، ومقرها سان فرانسيسكو، أن إيران شقت، منذ أغسطس/ آب، طريقًا جديدًا إلى الجنوب من نطنز باتجاه ما يعتقد المحللون أنه ميدان رماية سابق لقوات الأمن في منشأة التخصيب.
قال جيفري لويس، الخبير في المعهد الذي يدرس برنامج إيران النووي: "هذا الطريق يدخل أيضًا إلى عمق الجبال، لذا فربما يقومون ببعض الإنشاءات في الخارج، وسيكون هناك نفق في الجبال. أو ربما أنهم سيبنونه بالكامل في قلب الجبل".
ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على طلب للتعليق. لكن علي أكبر صالحي، رئيس الوكالة النووية الإيرانية، صرح للتليفزيون الحكومي الشهر الماضي بأنه تم استبدال المنشأة المدمرة فوق الأرض بأخرى "في قلب الجبال المحيطة بنطنز".
وصرح رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لوكالة "الأسوشيتد برس"، أمس الثلاثاء، أن مفتشي الوكالة كانوا على علم بالبناء. وقال إن إيران أبلغت مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذين يواصلون أعمال التفتيش في المواقع الإيرانية على الرغم من انهيار الاتفاق النووي.
وقال غروسي: "هذا يعني أنهم بدأوا، لكنها لم تكتمل. إنها عملية طويلة".
وكان الرئيس الأميركي قد أعلن في 2018 انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته إيران مع القوى العالمية، والذي تعهدت طهران بموجبه بالحد من عمليات تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.
إيران تخصب اليورانيوم حاليا لدرجة نقاء تبلغ 4,5 بالمائة، وبحسب آخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن لديها مخزونا يبلغ حجمه 2,105 كيلو غرام.
ويقول الخبراء إن 1050 كيلو غراما من اليورانيوم منخفض التخصيب كافية لإخضاعها لعملية إعادة تخصيب تصل درجة نقائها لتسعين بالمائة، وهي النسبة الكافية لصنع سلاح نووي.
ما تطلق عليه إيران "وقت الاختراق" – الوقت الذي يلزمها لبناء سلاح نووي واحد إذا اختارت القيام بذلك - قد انخفض الآن من عام واحد بموجب الاتفاق إلى أقل من ثلاثة أشهر.
وتصر إيران على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية، بالرغم من أن الدول الغربية تخشى أن تستخدمه طهران لتحقيق مسعاها في امتلاك أسلحة ذرية.
ونطنز، الذي تم بناؤه تحت الأرض لتعزيز دفاعاته أمام الغارات الجوية، يعد محور تلك المخاوف منذ اكتشاف وجوده عام 2002.
وما زالت أجهزة الطرد المركزي تعمل في قاعات ضخمة يحميها جدار خرساني يبلغ سمكه 7,6 سنتيمترات، وثمة مواقع للدفاع الجوي تحيط بالمنشأة المقامة في محافظة أصفهان بوسط البلاد.
وبالرغم من أنها أحد أقوى المواقع تأمينا في إيران، فقد هاجم فيروس الحاسوب "ستوكسنت"- الذي يعتقد أنه إنتاج أميركي إسرائيلي - أجهزة المنشأة، قبل توقيع الاتفاق النووي.
وفي يوليو/ تموز، ضرب حريق وتفجير منشأة نطنز المتطورة لتجميع أجهزة الطرد المركزي في واقعة وصفتها إيران في وقت لاحق بأنها "محاولة تخريبية".
وحامت الشبهات حول إسرائيل بالرغم من إعلان مجموعة لم يسمع بها من قبل مسؤوليتها عن الهجوم.
وثمة توترات دائرة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران حتى في نطنز، حيث اتهمت طهران أحد المفتشين بأنه ثبت حمله لمواد متفجرة العام الماضي.
ومع ذلك، فقد تمكن المفتشون حتى الآن من مواصلة أعمال التفتيش، وهو أمر يقول لويس إنه بالغ الأهمية. "طالما أنهم أعلموا الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الإطار الزمني المناسب، فلا حظر على وضع أي شيء تحت الأرض.. بالنسبة لي، الخط الأحمر الحقيقي هو أن يبدأ الإيرانيون في منع الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وحتى الآن، ما زال من غير الواضح مدى عمق تلك المنشأة الجديدة.
وفيما قد تؤخر الأعمال التخريبية مساعي إيران لإنتاج أجهزة طرد مركزي جديدة، فإن لويس حذر من أن البرنامج سيستأنف العمل من جديدة كما حدث في السابق، وستواصل تجميع المزيد من اليورانيوم بشكل يتجاوز حدود الاتفاق المنبوذ.
قال: "نوفر لأنفسنا بضعة أشهر. ولكن ما فائدة بضعة أشهر إذا كنا لا نعرف كيفية استغلالها؟".
(أ ب)