استمع إلى الملخص
- يعاني الجنود الإسرائيليون من اضطرابات نفسية شديدة، مع تقارير عن حالات انتحار بين العائدين من القتال. الجيش يقدم الرعاية للجنود المصابين باضطراب ما بعد الصدمة، لكن لم يُعلن عن عدد رسمي لحالات الانتحار.
- تختلف حرب غزة عن الحروب السابقة لإسرائيل، حيث يقاتل الجنود في مناطق حضرية مكتظة، مما يزيد من وحشية الحرب. الانتقال إلى الحياة المدنية يمثل تحدياً كبيراً للجنود.
وقع 15 جندياً على رسالة أعلنوا فيها أنهم سيرفضون مواصلة الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي دون إبرام صفقة لتحرير المحتجزين في غزة، حسبما أفاد موقع "والاه" الثلاثاء. وانضم الجنود إلى ما مجموعه 138 موقّعا آخر، حسبما ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست. ووقع بعضهم للإشارة إلى أن هذه هي نهاية خدمتهم الحالية، بينما وقع آخرون للتحذير من أنهم وصلوا إلى نقطة الانهيار، وفقا لـ"جيروزاليم بوست".
ودعت الرسالة، الموجهة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هليفي، وأعضاء الحكومة، إلى إنهاء الحرب "نحن، جنود الاحتياط والجنود والضباط والجنود في الخدمة الفعلية، بموجب هذا نعلن أننا لا نستطيع الاستمرار على هذا النحو. الحرب في غزة تحكم على إخوتنا وأخواتنا الرهائن بالإعدام".
ويعاني الآلاف من الجنود الإسرائيليين المشاركين في حرب الاحتلال على قطاع غزة المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، من اضطرابات نفسية شديدة أدت في حالات عدة إلى الانتحار. وتقول قيادة جيش الاحتلال إنها تقدم الرعاية لآلاف الجنود الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة أو الأمراض العقلية الناجمة عن الصدمات التي تعرضوا لها أثناء الحرب، ومن غير الواضح عدد الجنود الذين انتحروا، حيث لم يقدم الجيش رقماً رسمياً.
ورصدت شبكة سي أن أن الأميركية، في تقرير نشرته الثلاثاء، الآثار النفسية وانتشار حالات الانتحار بين الجنود العائدين من القتال في غزة، وقال جنود للشبكة إنهم شهدوا "أهوالاً لا يمكن للعالم الخارجي فهمها بشكل كامل"، وتقدم رواياتهم لمحات نادرة عن وحشية الحرب، التي يرى منتقدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يريدها "بلا نهاية"، وعن الثمن غير المباشر الذي يدفعه الجنود المشاركون.
وتعتبر الحرب الإسرائيلية على غزة أطول حرب تخوضها دولة الاحتلال منذ إنشائها، ومع توسع الحرب الآن إلى لبنان يقول بعض الجنود إنهم يخشون أن يتم تجنيدهم في صراع آخر. قال أحد الأطباء في جيش الاحتلال بعد خدمته لأربعة أشهر في غزة لـ"سي أن أن"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "الكثير منا خائفون للغاية من التجنيد مرة أخرى للمشاركة في حرب بلبنان. كثيرون منا لا يثقون بالحكومة في الوقت الحالي".
وأوضح أستاذ العلوم السياسية في كينغز كوليدج لندن، أهرون بريغمان، والذي خدم في الجيش الإسرائيلي لمدة ست سنوات، بما في ذلك خلال حرب لبنان عام 1982، أن حرب غزة لا تشبه أي حرب أخرى خاضتها إسرائيل. وقال إن "الحرب طويلة جداً"، ويقاتل الجنود في منطقة حضرية بين العديد من الناس "الغالبية العظمى منهم من المدنيين". ولفت بريغمان إلى أن سائقي الجرافات هم من بين أولئك الأكثر تعرضاً لوحشية الحرب. وأضاف لشبكة سي أن أن: "ما يرونه هو جثث، ويقومون بتنظيفها (مع) الحطام. إنهم يمرون فوقها"، ويشير إلى أن الانتقال من ساحة المعركة إلى الحياة المدنية قد يكون أمراً مرهقاً بالنسبة للعديد من الأشخاص، وخاصة بعد الحرب في المدن التي تنطوي على مقتل النساء والأطفال: "كيف يمكنك أن تضع أطفالك في الفراش عندما رأيت أطفالاً يُقتلون في غزة؟".
كانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قد ذكرت أن عشرة جنود انتحروا في الفترة ما بين 7 أكتوبر و11 مايو/أيار الماضيين، بحسب بيانات عسكرية حصلت عليها. وعندما سُئل عوزي بيتشور، وهو طبيب نفسي وقائد وحدة الرد القتالي في جيش الاحتلال الإسرائيلي، عن عدد حالات الانتحار في الجيش الإسرائيلي منذ الحرب، قال إنه لا يُسمح للسلك الطبي بتقديم رقم، ويرى الجيش أن معدل الانتحار لم يتغير إلى حد كبير. وقال بيتشور إن "معدل الانتحار في الجيش مستقر إلى حد ما في السنوات الخمس أو الست الماضية"، مشيراً إلى أنه في الواقع كان في انخفاض على مدى السنوات العشر الماضية.
بالنسبة لعشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين تطوعوا أو استُدعوا للقتال، لم تكن الحرب في غزة بمثابة عمل من أعمال الدفاع عن النفس فحسب، بل كانت أيضاً بمثابة معركة وجودية، وقد روّج لهذه الفكرة كبار القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، فضلاً عن حلفاء إسرائيل الدوليين، ووصف نتنياهو مقاتلي "حماس" بأنهم "النازيون الجدد". وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن "الكراهية القديمة لليهود" التي أقرها النازيون "أعيدت إلى الحياة" في السابع من أكتوبر.
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)