ضرب مطاري حلب ودمشق... رسائل تحذير إسرائيلية

16 أكتوبر 2023
مطار حلب الدولي، فبراير الماضي (فرانس برس)
+ الخط -

أخرجت صواريخ إسرائيلية مطار حلب الدولي، ليل السبت ـ الأحد، من الخدمة للمرة الثانية خلال يومين، في رسالة تحذير جديدة كما يبدو للنظام السوري، والحرس الثوري الإيراني الذي يستخدم هذين المطارين لنقل أسلحة وذخائر ومسلحين إلى مليشياته في سورية.

وقبل ساعات من قصف مطار حلب، قصف جيش الاحتلال مواقع في الجنوب السوري رداً على إطلاق قذيفتين باتجاه الجولان. وذكر جيش الاحتلال أنه رصد قذيفتين أطلقتا من الأراضي السورية وسقطتا في مناطق مفتوحة من دون إطلاق صافرات إنذار.

من جانبها، رصدت مواقع وصفحات محلية سقوط 3 قذائف في المنطقة الواقعة بين بلدتي تسيل وسحم الجولان، غربي درعا، جنوبي سورية، وذلك رداً على إطلاق الصواريخ من ذات المكان باتجاه الجولان.


وائل علوان: إيران تستخدم المطارات المدنية في سورية لنقل الأسلحة والمقاتلين

وقبيل منتصف ليل السبت - الأحد، قصفت طائرات للاحتلال الإسرائيلي من اتجاه البحر المتوسط، غرب اللاذقية، مستهدفة مطار حلب الدولي "ما أدى إلى وقوع أضرار مادية في المطار وخروجه من الخدمة"، وفق وكالة "سانا" للأنباء التابعة للنظام السوري.

وكانت وزارة النقل في حكومة النظام قد أعلنت عودة مطار حلب للخدمة أول من أمس السبت، بعد قصف طائرات حربية إسرائيلية، الخميس الماضي، مطاري حلب ودمشق في وقت متزامن، ما أدى إلى خروجهما عن الخدمة، وذلك رداً على إطلاق قذائف هاون على مرتفعات الجولان الثلاثاء، وفق بيان للجيش الإسرائيلي.

ضرب مطاري حلب ودمشق

ولم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها مطارا دمشق وحلب لقصف من الجانب الإسرائيلي يؤدي إلى خروجهما من الخدمة، فلطالما ضرب الطيران الإسرائيلي هذين المطارين لتدمير ما يُعتقد أنها شحنات أسلحة وذخائر تصل من طهران إليهما، أو لعرقلة وصول طائرات مدنية تستخدم لأغراض عسكرية.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن إسرائيل استهدفت 10 مرات بشكل مباشر مطاري حلب ودمشق الدوليين منذ منتصف العام الماضي، مشيراً إلى أنه كان لمطار حلب النصيب الأكبر من عمليات القصف، مع تعرّضه لثماني ضربات، بينما تعرض مطار دمشق لضربتين.

ويبدو أن إخراج المطارين من الخدمة هذه المرة رسالة تحذير للنظام السوري بعد تكرار عمليات إطلاق صواريخ وقذائف من الأراضي السورية إلى الداخل الإسرائيلي في خضم عملية "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفصائل فلسطينية أخرى في غزة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، رداً على اعتداءات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.

وسبق أن أكدت مصادر متقاطعة أن الجانب الإيراني نقل قسماً من مسلحي مليشياته من الشرق السوري ومن محيط السخنة بريف حمص الشرقي إلى مواقع في الجنوب، تحديداً في ريفي درعا الغربي والشمالي، بعد أيام قليلة من عملية "طوفان الأقصى".

ويبدو أن من ضمن أهداف تل أبيب في ضرب مطاري حلب ودمشق قطع خطوط الإمداد للمليشيات الإيرانية في سورية، إذ يستخدم الحرس الثوري الإيراني المطارين لأغراض عسكرية منذ عدة سنوات، ما يفسر استمرار عمليات القصف الإسرائيلي عليهما.


يوسف حمود: أغلب عمليات القصف التي تحصل تستهدف مدارج المطارين لعرقلة حركة الإقلاع والهبوط

في هذا الصدد، لفت الباحث في مركز "جسور" للدراسات، وائل علوان في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "إيران تستخدم المطارات المدنية في سورية لنقل الأسلحة والذخائر والمقاتلين"، مضيفاً أن "المرافق المدنية تساعد على التمويه، وهذا الأمر تدركه إسرائيل، ما يدفعها إلى قصف المطارين باستمرار".

وفي سورية ثلاثة مطارات دولية هي مطار دمشق، ومطار حلب، ومطار اللاذقية غربي البلاد، الذي تُحوّل إليه عادة الرحلات الجوية القادمة أو المغادرة لسورية في كل مرة يخرج فيه مطارا دمشق وحلب من الخدمة نتيجة القصف الإسرائيلي.

مطارا حلب ودمشق في قبضة إيران

إلى ذلك، أوضح الطيار المنشق عن قوات النظام الرائد يوسف حمود، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "لم يعد خافياً على أحد أن الجانب الإيراني يستخدم مطاري حلب ودمشق بشكل واسع منذ عدة سنوات لنقل الأسلحة والمسلحين إلى المليشيات في سورية وإلى حزب الله".

وتابع: "أغلب عمليات القصف التي تحصل تستهدف مدارج المطارين لعرقلة حركة الإقلاع والهبوط فقط، أو يجرى استهداف مستودعات قريبة من المطارين تخزّن فيبها الذخائر قبل نقلها. واستهدفت إسرائيل خلال الأعوام الماضية مئات الأهداف التي يُعتقد أنها تابعة لمليشيات الحرس الثوري الإيراني في سورية، في ظل عجز النظام والإيرانيين عن الرد على هذه الضربات.

ويتركز القصف على مراكز البحوث العلمية في أرياف دمشق وحماة وحلب، حيث يُعتقد أن الجانب الإيراني يستخدم هذه المراكز لتصنيع وتطوير أسلحة صاروخية قصيرة ومتوسطة المدى.

كما تستهدف إسرائيل مقار لفرق عسكرية تابعة لقوات النظام السوري، تضمّ مسلحين ومستودعات سلاح إيرانية، خصوصاً في ريف دمشق، حيث تتمركز أهم وأكبر هذه الفرق، وفي مقدمتها الفرقة الرابعة، والفرقة الأولى في منطقة الكسوة التي تعرضت لأكثر من هجوم من قبل الإسرائيليين، والفرقة الثالثة في منطقة القطيفة، شمال شرقي دمشق.

ويأتي القصف الإسرائيلي المتكرر على سورية، خصوصاً في جنوبها، في سياق استراتيجية معلنة لتل أبيب تهدف للقضاء على أوراق قوة إيران العسكرية في سورية، والتي تنامت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وخلقت وقائع عسكرية تعتقد طهران أنه يصعب تجاوزها في أي تسوية سياسية قادمة للقضية السورية.