طائرات مسيرة وصواريخ إيرانية في استعراض "الحشد الشعبي"

16 يونيو 2021
العرض بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيس "الحشد الشعبي" (حسين فالح/فرانس برس)
+ الخط -

بالتزامن مع تحذيرات لرئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، من خطورة استغلال فتوى المرجع الديني علي السيستاني التي تم بموجبها تأسيس "الحشد الشعبي"، لغايات ومشاريع وصفها بـ"غير وطنية"، أعلن مسؤولون في فصائل "الحشد الشعبي"، أن الاستعراض العسكري المرتقب المقرر أن تنظمه فصائل "الحشد" بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيس "هيئة الحشد الشعبي"، نهاية شهر يونيو/حزيران الحالي في محافظة ديالى شرقي العراق، سيشهد عرض طائرات مسيرة وصواريخ جديدة. وقد تؤدي هذه الخطوة لمزيد من التوتر على مستوى الملف الأمني في العراق الذي يشهد تزايداً باستخدام الطائرات المسيرة لضرب مصالح أميركية، فضلاً عن قلق السعودية بشأن حدودها الشمالية مع العراق والتي تنتشر فصائل مسلحة حليفة لإيران على مساحات واسعة منها.

وفي بيان صدر عن مكتبه مساء أول من أمس الإثنين، قال الكاظمي إن حكومته "تعمل على تصحيح مسارات العراق وضبط عمل القوات المسلحة وفق القواعد الوطنية". وأضاف أنّ الحكومة "تعمل على تفكيك الأزمات والابتعاد عن سياسة رد الفعل"، مشيراً إلى أن "تراكم السياسات الخاطئة أدى بالعراق إلى الكوارث". وحذر الكاظمي في بيانه من "استغلال الفتوى الدينية التي تأسس من خلالها الحشد الشعبي، لغايات سياسية واقتصادية لصالح مشاريع غير وطنية تفسد تضحيات المتطوعين الأبطال".

حذر الكاظمي من استغلال الفتوى الدينية التي تأسس من خلالها الحشد الشعبي، لغايات سياسية

في الأثناء، نقلت وكالة "إرنا" الإيرانية، أول من أمس، عن نائب رئيس أركان "الحشد الشعبي"، أبو علي البصري، قوله إنّ "الحشد الشعبي سيكشف عن أسلحة وطائرات مسيرة وصواريخ جديدة للمرة الأولى في الاستعراض العسكري الذي سينظمه، وستشارك فيه جميع فصائل الحشد من دون استثناء"، مؤكداً أن "الاستعراض العسكري سيكون كبيراً".

وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها فصائل مسلحة أخيراً، واطلعت عليها "العربي الجديد"، طائرات مسيّرة محمولة على سيارات رباعية الدفع خلال التدريبات على الاستعراض المقرر إقامته بعد أقل من أسبوعين.

ووفقاً لمصدر مقرب من هيئة "الحشد الشعبي"، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإنّ "الطائرات المسيرة التي سيتم الكشف عنها خلال الاستعراض العسكري هي إيرانية الصنع من طراز سايا، وتم استيرادها خلال عهد حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، ضمن موازنة تسليح الحشد". وأوضح أن طراز هذه الطائرات "مشابه لطراز طائرات صمّاد المستخدمة في اليمن من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وهي ثابتة الجناح بمحرك واحد، وتصل لمديات متفاوتة، وتعرف بالانتحارية بمعنى أنها بواقع ذهاب من دون إياب".

من جهته، اعتبر عضو البرلمان العراقي، باسم خشان، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "غاية الاستعراض العسكري، إيصال رسائل تهديد، ولهذا سيتم إيصالها من خلال الأسلحة بالتأكيد". وحذّر خشان من أنّ "بعث رسائل تهديد للأطراف الخارجية؛ سواء للولايات المتحدة أو لدول الخليج، من خلال الطائرات المسيرة مثلاً، قد يولّد ردود أفعال دولية، في إطار الخشية من استخدام هذه الأسلحة ضد أهداف ومصالح أجنبية داخل العراق أو في دول مجاورة". وأضاف خشان أنّ "الحكومة العراقية، مطالبة ببعث رسائل طمأنة إلى الجهات الدولية، بأن هذا السلاح هو تحت سيطرة الدولة، وهو يستخدم حصراً بموافقة منها، خصوصاً أنّ أحداث المنطقة الخضراء في الفترة الأخيرة، أثبتت عكس ذلك، وهذا ما يزيد المخاوف من هذا السلاح المتطور".

الميزان: الطائرات المسيرة رسائلها خارجية للسعودية والولايات المتحدة

بدوره، حذر السياسي العراقي ناجح الميزان، من أن "وجود طائرات مسيرة في مثل هذا الوقت رسالة سيئة، خاصة أنّ الجميع بات مدركاً بأن سلاح الحشد غير مسيطر عليه من قبل الدولة". وأوضح في حديث مع "العربي الجديد"، أن الطائرات المسيرة تحديداً رسائلها خارجية للسعودية والولايات المتحدة، والكشف عن هذا النوع الجديد من الطائرات يعني أن الفصائل باتت تمتلك نفس الطائرات العابرة للحدود التي يمتلكها الحوثيون".

من جانبه، اعتبر الخبير في الشأن السياسي والأمني العراقي، مؤيد الجحيشي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "كشف فصائل الحشد الشعبي عن الطائرات المسيرة القاصفة، يزيد من احتمالات تورطها في الهجمات التي نُفذت سابقاً داخل السعودية، خصوصاً مع وجود تقارير تؤكد انطلاق الطائرات من عمق الأراضي العراقية".

لكن القيادي في "الحشد الشعبي" عادل الكرعاوي، قال في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الحشد جزء من الدولة والقوات العراقية، وأي أسلحة تعرض هي أسلحة ضمن منظومة الدولة". وأضاف أنّ "الأسلحة الموجودة لدى الحشد استوردت تحت غطاء الدولة ومن خلالها، فالجهات الحكومية المختصة، هي من تجهز وتسلح الحشد كباقي القوات العراقية الأخرى". وأشار إلى وجود "وحدات جديدة في الحشد الشعبي، أهمها وحدة الدفاع الجوي، التي تتضمن طائرات مسيّرة لغرض الرصد والمراقبة وأخرى قاصفة تستخدم في ضرب أهداف الإرهاب". ونفى الكرعاوي أن يكون "استعراض الحشد الشعبي والكشف عن بعض الأسلحة الجديدة، فيه رسائل لأطراف معينة، بل هي رسائل إلى كل أعداء العراق"، وفقاً لقوله.

الكرعاوي: الأسلحة الموجودة لدى الحشد استوردت تحت غطاء الدولة

واستعراض "الحشد الشعبي" العسكري هو الأول من نوعه، بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيس "هيئة الحشد الشعبي"، المظلة الجامعة لأكثر من 70 فصيلاً مسلحاً في العراق، ويأتي بالتزامن مع استمرار التوتر بين حكومة الكاظمي والفصائل المسلحة الحليفة لإيران، التي تُشكل غالبية داخل "الحشد"، إثر اعتقال القيادي في "الحشد" قاسم مصلح أخيراً.

وتم اعتبار اليوم الذي أصدر فيه المرجع الديني علي السيستاني فتوى "الجهاد الكفائي"، في 13 يونيو/ حزيران 2014، إثر اجتياح تنظيم "داعش" مساحات واسعة من مدن شمال العراق وغربه، ذكرى تأسيس "الحشد الشعبي". وعقب ذلك، صوّت البرلمان في عام 2016 على مشروع قرار قدمته قوى سياسية عدة، عرف باسم "قانون الحشد الشعبي"، واعتبرت فيه "هيئة الحشد" منظومة أمنية رسمية، وتم إقرار رواتب شهرية لعناصرها موازية لرواتب الجنود في الجيش العراقي، مع تخصيص موازنة تسليح وتطوير سنوية لهذه الهيئة. لكن ذلك لم يغلق باب الجدل والمطالبات بحل فصائل "الحشد" أو دمجها في صفوف الجيش والشرطة، بسبب استمرار تحديها للدولة والخروج عن قراراتها.

المساهمون