وسيطرت قوات الجيش والمليشيات على أجزاء واسعة من بلدة الصقلاوية، التي تمثل الرئة الرئيسية لمدينة الفلوجة، من الشمال، كما تمكنت من السيطرة على النعيمية، أولى القرى الملاصقة لسور الفلوجة الجنوبي، فيما تقدمت القوات ذاتها من الشمال والغرب بمستويات مماثلة، بالتزامن مع قصف كثيف بالصواريخ، طاول جميع أحياء المدينة بلا استثناء، إضافة إلى قصف جوي أميركي استهدف الخطوط الأمامية لقوات "داعش" في محاور المدينة الأربعة. وتؤكد مصادر موثوقة مشاركة وحدات خاصة من الحرس الثوري الإيراني في عملية الاقتحام، التي تعد المرحلة الثالثة والأكثر صعوبة من معركة استعادة الفلوجة.
ويأتي التقدم الميداني بعد تصريحات لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أمس الأول، الأحد، قال فيها إن القوات العراقية ستقتحم الفلوجة خلال 48 ساعة من الآن من قبل قوات خاصة، مؤكداً أن النصر على "داعش" سيكون الخيار الوحيد.
من جهته، يتوقع العقيد الركن في قوات جهاز مكافحة الإرهاب، سالم مشكور، أن يكون الاقتحام الفعلي لأول أحياء الفلوجة خلال ساعات، مشيراً، في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "عملية السيطرة على الفلوجة ستكون متسلسلة وليست دفعة واحدة على الأغلب، فحجم المساحة الكبير وأحياؤها السكنية تجعلنا أكثر حذراً في التقدم بها خلال عملية الاقتحام وصولاً الى مركز المدينة". وفي سياق متصل، يوضح المتحدث باسم قيادة القوات المشتركة، العميد يحيى رسول، أن محاولة اقتحام الفلوجة جاءت مكملة لعمليات تضييق الخناق عليها التي انطلقت في وقت سابق.
في غضون ذلك، يتحدث خبراء ومحللون عن سيناريوهين محتملين لنهاية معركة الفلوجة. الأول يتمثل بأن يكون مصيرها مشابهاً لمصير الرمادي أو بيجي حيث تحولت المدينتان، بعد معارك استعادتهما، إلى مجرد رقعتي دمار، أو بقايا مدينتين، ولا سيما مع استخدام القوات المهاجمة سياسة الأرض المحروقة، التي أتت حتى الآن على أكثر من 30 في المائة من بنى الفلوجة التحتية كالجسور والطرق والمباني الرئيسية، وشبكة المياه والكهرباء والاتصالات، فضلاً عن تدمير مئات المنازل.
وتؤكد مصادر مطلعة أن سلاحي الجو الأميركي والعراقي نفذا أكثر من 40 ضربة جوية داخل الفلوجة وعلى أطرافها، فضلاً عن عشرات الصواريخ والمئات من قذائف الهاون، التي تطلقها المليشيات أو قوات الجيش. وهو ما أدى إلى رفع عدد الضحايا المدنيين في الوقت الذي تلقي فيه المقاتلات الأميركية والعراقية منشورات تطالبهم بالاتصال عبر رقم الهاتف 195، لمساعدتهم في معرفة مكان الطرق الآمنة، مع استمرار قطع الحكومة الاتصالات عن المدينة.
وفي ما يتعلق بالمشهد العام داخل الفلوجة، فقد بدت شوارعها خاليةً، خوفاً من القصف الذي يمكن أن ينهال عليها في أية لحظة، والذي يتسبب بمقتل وإصابة مزيد من الأبرياء، الذين وقعوا تحت سجن كبير فرضه عليهم "داعش"، وباتوا تحت رحمة صواريخ تحمل أسماء طائفية تطلقها المليشيات عليهم، في إشارة إلى صواريخ كتبت عليها أسماء كل من رجل الدين السعودي الذي تم إعدامه قبل فترة، نمر النمر، والقائد العسكري في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، والمسؤول العسكري لحزب الله، الذي قُتل حديثاً، مصطفى بدر الدين، والمرشد الإيراني، علي خامنئي، وغيرهم.