تمر عملية انتخاب الرئيس بسلسلة من المراحل التمهيدية
سيكون من الخطير مطالبة بعض القضاة بإدانة ترامب
فاز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 5 ولايات متتالية
في وقت يقترب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الفوز في بعض المراحل الانتخابية التمهيدية، يبدو أن الطريق إلى البيت الأبيض لا يزال طويلاً، خصوصاً مع حاجة الرجل إلى مجابهة جهات قانونية وسياسية عدة، وكذا التعامل مع ملفات سياسية واجتماعية حاسمة.
الطريق إلى البيت الأبيض
تبدأ الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة الأميركية بشكل رسمي في شهر يناير/كانون الثاني من العام الذي يكون مقرراً فيه أن تعقد الانتخابات الرئاسية، وتمر عملية انتخاب الرئيس بسلسلة من المراحل التمهيدية، بحيث تجري انتخابات في كل ولاية على حدة، يصوت فيها المصوتون لمن يفضلون من الأحزاب المختلفة. وهكذا، يحدد المصوتون مرشحيهم المفضلين من الأحزاب السياسية بولاياتهم، ليمثلوا تلك الولاية في المؤتمر القومي للحزب. ولاحقاً يصبح الشخص الذي ينال أكبر عدد من الأصوات في المؤتمر القومي للحزب، المرشح الرسمي للانتخابات الرئاسية العامة، تليها حملة مرشحي الرئاسة، وصولاً إلى إجراء الانتخابات.
وحتى هذه اللحظة، فاز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 5 ولايات متتالية، خلال مرحلة الانتخابات التمهيدية، فيما يبدو أن نيكي هيلي، المرشحة الجمهورية الأخرى، لا تستسلم. وبحلول اليوم الثلاثاء، تُستكمل الترشيحات في الحزب الجمهوري على الانتخابات الرئاسية لهذا العام، في يوم يُصطلح عليه بـ"الثلاثاء الكبير".
"الثلاثاء الكبير" الحاسم
في معرض الحديث عن الانتخابات التمهيدية، تجدر الإشارة إلى أن "الثلاثاء الكبير"، الذي أصبح منذ عام 1992 الجزء الرئيسي للحملة العامة على إجراء الانتخابات الأولية من أجل الوصول إلى تحديد الترشيحات النهائية، أصبح اليوم يحمل عدة مسميات، على غرار الثلاثاء العملاق، تسونامي الثلاثاء، وثلاثاء الحظ، وغيرها.
وتقام الانتخابات التمهيدية، اليوم الثلاثاء، في 15 ولاية أخرى. ومن هنا، لم تكن التسمية مجرد مصادفة، نظراً إلى إجراء الانتخابات التمهيدية في أكثر من مكان، في وقت يبدو أن هيلي كانت تريد الانتظار حتى اليوم من أجل اتخاذ قرار الانسحاب أو البقاء في هذا السباق.
ومن ما لا شك فيه أن حلول يوم "الثلاثاء الكبير" يعني وضوح خريطة وشكل السباق الانتخابي، إذ إن ما يقرب من ثلث الولايات الخمسين في أميركا والأقاليم الأخرى تختتم في هذا اليوم فصل المراحل التمهيدية، وبالتالي يصبح من الواضح من يمكنه أن يكون المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية.
أما في المعسكر الآخر، فلا يوجد لدى الحزب الديمقراطي أي تطور خاص، ومن الملفت أنه لم يبدأ حتى الآن أي حملة جدية للتحضيرات التمهيدية تجاه هذه الانتخابات، وحتى الآن يبدو أن اثنين فقط من المرشحين يقومان بحملات انتخابية، هما دين فيليبس وماريان ويليامسون، في حدث لا يبدو غريباً، إذ إن هذا هو التقليد المعلوم في الأحزاب الرئيسية في الولايات المتحدة الأميركية، فعادة ما تكون الحملة الانتخابية داخل الحزب الذي لديه رئيس في الولاية الأولى أضعف بكثير لسبب منح المرشح الحالي فرصة ليكون مرشح الحزب لولاية رئاسية ثانية.
الهجرة والاقتصاد
ومن المثير للاهتمام أنه في ما يتعلق بالقضايا التي تهم الجمهور، لم يكن لدى الناخبين الجمهوريين اختلاف كبير في تفضيلاتهم في الولايات الخمس الأخيرة التي أجريت فيها الانتخابات التمهيدية، في حين أن 37 بالمائة من المشاركين في ولاية "أيوا" كانوا مهتمين بسياسات الهجرة، وصل عددهم في "نيو هامبشاير" إلى 31 بالمائة، وفي "كارولينا الجنوبية" بلغ 41 بالمائة. أما في ما يتعلق بالسياسات الخارجية، فقد تقاسمت "أيوا" و"كارولينا الجنوبية" نفس النسبة التي بلغت 11 بالمائة فقط، بينما وصلت في "نيو هامبشاير" إلى 17 بالمائة.
وسيكون هنالك تأثير كبير للاختلافات بين الولايات في أوساط الناخبين الجمهوريين على تحديد المرشح الرئاسي في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، كما أن اهتمام الناخبين الأميركيين بالقضايا الداخلية ستكون له الكلمة في تسمية المرشحين للانتخابات الرئاسية كذلك، وحتى الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
أما بالنسبة للاقتصاد، فقد أعلنت غالبية الناخبين الجمهوريين أنها غير راضية للغاية عن اقتصاد البلاد. على سبل المثال، في ولاية "كارولينا الجنوبية" فقط، اعتبر 46 بالمائة من المشاركين أن الاقتصاد سيئ للغاية، بينما اعتقد 2 بالمائة فقط أن الاقتصاد جيد جداً.
"العدالة أم السلام؟"
إن ما جعل هذه الحملة التمهيدية في الولايات المتحدة أكثر إثارة للاهتمام هو وقوف الرئيس السابق دونالد ترامب أمام العدالة. فخلال هذه الفترة عقد ترامب جلسات الاستماع خلال يوم واحد في عدة محاكم، وواجه دعاوى قضائية ذات طبيعة مختلفة، ولكن الرئيس الأميركي السابق مستمر في الحملة ولا يستسلم.
وفي كل مرة يفوز فيها ترامب بالانتخابات التمهيدية في كل ولاية تعقد فيها، يبدأ الجدل الواسع في الولايات المتحدة، تحديداً من قبل القانونيين الذين يخشون على تحقيق العدالة، خصوصاً أنه سيكون من الخطر للغاية مطالبة بعض القضاة بإدانته في حال فوزه بترشيح الحزب الجمهوري، خاصة في ملفات جنائية، مثل قضية أعمال الشغب في يناير/ كانون الثاني من عام 2021، إذ تمنع مثل هذه الإدانة ترامب من الترشح لمنصب الرئيس بحسب الدستور. لكن مقابل الحرص على تحقيق العدالة، يقدر البعض أن إدانة الرئيس السابق، في حال حصلت، قد تدفع باتجاه فوضى كبيرة وخطيرة للغاية على النظام الدستوري والأمن القومي. ولهذا يتساءل القانونيون: هل تكون العدالة أفضل أم السلام؟