أعاد فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الأميركية الأخيرة، إلى الواجهة لغة الدبلوماسية والتفاوض بين طهران وواشنطن، بعد ثلاث سنوات من التوتر الشديد، حيث من الواضح أن إيران تراهن على هذا الفوز لاتخاذ الإدارة الأميركية المقبلة نهجاً دبلوماسياً يؤدي إلى إلغاء العقوبات "التاريخية"، وعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي الخاسر دونالد ترامب عام 2018، وسط توقعات بأن العلاقات القديمة بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وبايدن من شأنها أن تشكل مدخلاً نحو إحياء المسار الدبلوماسي بين البلدين.
وفي السياق، اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم الأربعاء، خلال اجتماع الحكومة الإيرانية، أن "الإدارة الأميركية المقبلة ستعيد الظروف نحو الالتزام بالقواعد في المستوى الذي كانت تلتزم به أميركا، وبالطبع الإدارات السابقة لم تكن ملتزمة بجميع القواعد، لكن هذه الإدارة (إدارة ترامب) متمردة. لذلك يمكن أن تعيد الإدارة المقبلة الوضع إلى ما كان عليه، أي نحن نتجه رويداً رويداً من فضاء التهديد إلى فضاء الفرصة".
وبدا روحاني متفائلاً برفع إدارة بايدن العقوبات عن طهران، حيث قال: "كنت أقول دوماً إن الإدارة الأميركية المقبلة ستكون مضطرة لرفع العقوبات لأن سياسة الضغط الأقصى الأميركية قد فشلت ضد إيران".
وأكد روحاني، وفق وكالة "فارس"، أنه "من الخطأ التصور أننا خلال السنوات الثلاث الماضية كنا نواجه عقوبات فقط، بل كنا في حصار ونواجه إرهاباً اقتصادياً منذ عام 2018. نحن تعرضنا لحرب اقتصادية شاملة من إدارة متغطرسة".
وفي مواجهة انتقادات قوى محافظة لحكومته وتحميلها مسؤولية الأزمة الاقتصادية في البلاد، دعاها روحاني إلى "عدم تبرئة أميركا"، متهماً "البعض بتبرئة الإدارة الأميركية لأجل الانتخابات الرئاسية (الإيرانية) عام 2021"، ومعتبراً أن "إيجاد الإحباط لدى الشعب خيانة وطنية".
وخاطب الرئيس الإيراني منتقديه قائلاً: "إننا أنهينا الحظر التسليحي وأولئك الذين يتساءلون عمّا فعلناه خلال هذه السنوات، نقول لهم إننا أنهينا هذا الحظر وواصلنا التعامل مع العالم".
من جهته، توقع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مقابلة مع صحيفة "إيران" الرسمية، نشرتها اليوم الأربعاء، أن الظروف لبلاده في عهد الرئيس الأميركي المقبل "ستكون أفضل"، وذلك بقوله: "إنني أتوقع أن الظروف بفضل من الله واستمرار المقاومة والإدراك الجيد للشعب الإيراني، ستكون أفضل بكثير".
وأكد ظريف استعداد طهران للتفاوض مع واشنطن، قائلاً إنها "لم تعارض التفاوض ولا تعارضه"، غير أنه قال إن ذلك "يمكن في إطار مجموعة 1+5"، أي بعد عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي، إذ أشار إلى أن "الولايات المتحدة إن أرادت أن تكون عضواً في الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب، فنحن مستعدون للتفاوض حول طريقة انضمام أميركا إليه".
وتربط بين ظريف وبايدن علاقات قديمة، حيث قال وزير الخارجية الإيراني "إنني أعرف السيد بايدن منذ 30 عاماً. كنت أتابع نشاطه عن بعد وعندما كنت سفيراً في الأمم المتحدة كان يزور نيويورك مرات كثيرة بصفته رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، وكنت ألتقي به في مقر إقامة سفير إيران في نيويورك".
وأضاف ظريف أن هذه اللقاءات "لم تكن سرية، وكنت قد حصلت على إذن لإجرائها"، معتبراً أن بايدن "رجل مخضرم في السياسة الخارجية وليس مبتدئاً"، ومضيفاً أن "شعوري أنه يدرك التطورات الدولية أفضل من السيد ترامب".
وتعليقاً على تقارير صحافية تقول إن عودة واشنطن في عهد بايدن إلى الاتفاق النووي ستكون مشروطة بعودة إيران أولاً إلى التزامات نووية أوقفتها، قال ظريف إن "الذي يحدّد الشرط هي إيران، حيث أنها والمجموعة 1+4 يجب أن تقبل بعودة أميركا إلى الاتفاق النووي".
وقال إن "أميركا ليس أمامها أي خيار سوى العودة إلى الاتفاق، وعليها أن تعود إلى طاولة التفاوض".